في رثاء رفيق الدرب.. بقلم الأستاذة فادية حسون
حينما أودّ الكتابة عن طيفك الحبيب …لا أدري كيف أبدأ ومن أين أبدأ ..أشعر فقط أنني في مأزقٍ كبير …فأفكاري تتأهّب توقًا لتقفز فوق الورق ..والمدادُ يتراقص داخلَ القلم تملمُلًا ونزقًا ينتظر الأوامر ..وفكري تسعده لذّةُ التراكم …أما أنا فتنتابني رغبةٌ جامحة لأن أمتطيَ مراكب الشعر وأبحرَ في ثقافات العالم علّني أعثرُ علی مفرداتٍ تليقُ بترجمة الشوق …..عذرًا لغتي الحبيبة ..فأنا أشعر بالتلعثم ..أشعر بالتخبّط …فالثمانية والعشرون حرفًا لا تكفي لبوحي واعترافاتي ..لذا رحتُ أناشدُ ثقافاتِ الأمم والشعوب أن تمدّني بالمزيد المزيد ..أن تنتشلني من مأزق الشتات وجبّ الارتباك ….أنا لا أريد أن أتحدث فقط عن الحزن ..فحزني كبيرٌ تنوء الأرض بثقله ..وأنا ما اعتدتُ أن أترجم حزني بشقّ الجيبِ ولطمِ الخدود وحاشی لله أن أفعل …لكن مشكلتي تكمنُ في الذكريات ..ذكرياتي معك ..إنها أجمل الذكريات ..لكن سعيرَها لاهبٌ ..حارقٌ ..مدمّر ..أودّ أن أعتاد علی غيابك عن عالمي لكن ذكرياتك تصرّ علی إفشالي ..تصرّ علی إضعافي …فكلما حاولت أن أفر من ذكری لاهبة تراني أرتطمُ بأخری تكون أكثر قدرة علی الكيّ والإحراق ..فأغدو كمن يستجيرُ من الرمضاء بالنار ..أعود إلی التصبر امتثالا لقول سيد البشر “إن العلم بالتعلم والصبر بالتصبّر ” وأحاول إجهاد نفسي في البحث عن وسيلة ناجعة للإتزان الروحي …لكنْ عبثا أحاول ….وعندما يكشّر اليأسُ عن أنيابه ..ترعبني الفكرة أنني سأصبح فريسة سائغة. فأهرعُ بكل قوتي إلی الله ..فلا أری ملاذا سوی كتابه العظيم …أفيء إلی ظلاله الوارفة.. فتستريح النفسُ في أفيائه الآسرة ..أشعر بانعدام الوزن حين أحلّق في رحابِ مبدعِ الأكوان ..فيتحول لهيبُ الذكريات إلی نسماتٍ باردة تداعبُ النفسَ المتعبة ..ويروق لروحي أن تستكين بعد اضطرابٍ وتخبّط …ويطيب لأحزاني أن تسافرَ إلى كوكبٍ أخر ….فلا أملك إلا أن أقول ….ما أعظمك يا الله.
التعليقات مغلقة.