في رحاب آية
د.وجيهة السطل
يقول تعالى في سورة الواقعة:
{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (٧٣)فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظيم }(٧٤)
مامعنى المُقوين؟
أقوى فعل ماض على وزن أَفْعَلَ،واسم الفاعل منه المُقوي.
وبالرجوع إلى أقوال المفسرين لهذه الآية، وجدنا أن المُقوين هم المسافرون .وعلاقة النار والطعام بهم مجاز مرسل علاقته السببية لأن النار سبب في إنضاج الطعام الذي يتناولونه في سفرهم. .
وباستعراض معاني أقوى في المعاجم وجدنا :
أقوى:أَجْدَبَ ، أَعْدَمَ ، أَعْسَرَ ، أَعْوَزَ ، أَفْلَسَ ،أَقْفَرَ ، أَمْلَقَ ،احْتاجَ ، افْتَقَرَ ، بَئِسَ ، خَلا ،خَوَى ، دَرَسَ ، طَمَسَ ، عَفَا ،عَوَزَ ، أَوْزَن ، أَثْقَل .
وليس منها معنى السفر أو المسافر .فكيف جاءت بهذا أقوال المفسرين ،وما العلاقة اللغوية أو البنيوية بين أقوى وسافر .؟؟؟؟
وما علاقة فعل أقوى واسم الفاعل المُقوين بالسفر والمسافرين؟
يقول الضحَّاك :(متاعًا للمُقْوِين )أي : منفعةً للمسافرين . سُمُّوا بذلك لدخولهم القَوى وهو القفر . وقال الفراء : إنما يقال للمسافرين المقوين؛ إذا نزلوا القِيّ وهي الأرض القفر التي لاشيء فيها .وكذلك القَوَى والقَواء بالقصر والمد . ومنزلٌ قواء لا أنيس به .
ومنه قول النابغة الذبياني: [من البسيط]-
يا دار ميَّة بالعلياءِ فالسَّنَد …
أقْوَتْ وطالَ عليها سالفُ الأمَدِ
وهذا يعني أن الدار قد خلت من سكانها..
ولو عدنا إلى معاني زيادة الهمزة في المزيد على الثلاثي. لوجدنا أن من معانيها الدخول في المعنى، على سبيل المجاز بظرفية زمانية أو ظرفية مكانية ؛ أضحى وأصبح دخل في وقت الضحى او وقت الصبح . أبحرت السفينة دخلت في البحر . وأصحر القوم دخلوا في الصحراء . ومن هنا جاء معنى أقوى القوم أي: دخلوا أو نزلوا في القِيّ أو القَوَى وهو القفر .
وحاجة المسافر في الصحراء القفراء إلى النار يشعلها، لينضج عليها طعامه. ربطت معنى الآية بالمسافرين.
ولا أدري لماذا يطيب لي أن أحمِّل (أقوى) معنى مجازيًّا ،فأقول:أقوى : خلا وِفاضُه وفرغ من العمل الصالح . فتكون النار التي أشعلوها لينضج عليها طعامهم،هي نفسها، تذكرة لهم كي يتقوا الله،ويحمدوه على نعمه الكثيرة،ومنها أن خلق الشجر الذي منه يورون النار فيتدفؤون بها ،وينضجون عليها طعامهم.
وتكون تذكرة لهم بنار جهنم، عقابًا لمن لم يتق الله، ويفعل ما أمره به.
وبذا تكون النار تذكرة ومتاعًا .
تحياتي وطابت أوقاتكم
التعليقات مغلقة.