موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

في مواقع الأحداث.. في التصوير القرآني.. بقلم مجدي سالم..

98

في مواقع الأحداث.. في التصوير القرآني.. بقلم مجدي سالم..

نعم.. إن القرآن الكريم كتاب للدعوة إلى التوحيد وإلى الإستقامة.. وإن الهدف منه أن نعيش حياة كريمة على الأرض.. لكن القرآن قدم هذه الدعوة من خلال أدب رائع.. من خلال فن رفيع.. وفي منتهى الإعجاز..
فيؤرخ وليس بكتاب للتاريخ.. ولا تمله وإن لم يكن أبدا للتسلية.. وهو زاد ومنهل للأدباء للعلماء وللفلاسفة..
أولا.. نبدأ بسؤال هام للغاية في موضوعنا اليوم.. إلى أي مدًى تتأثر أحداث القصة بمواقع وقوعها.؟
ثانيا.. كيف يستعين القاص والراوي أو المخرج بدقة وصف المكان أو تصويره.. حتى ينقل التأثير النفسي المطلوب إلى القاريء المتلقي أو المشاهد..
ثالثا.. للإجابة على السؤالين يجب أن نسلم أنه كثيرًا ما يشترط فريق الإخراج في الأعمال السينمائية مثلا.. سواء القديمة أو الحديثة – على فريق الإنتاج – التقيد بتصوير أفلامهم في ذات المواقع التي جاءت في النص القصصي للعمل.. حتى إذا دار العرض رأى المشاهد أحداث الفيلم وكأنه يعيش أحداثها مرة أخرى في أماكنها..

ويستخدم فريق الإخراج أحدث الكاميرات – ذات العدسات الواسعة المجال وعدسات ترى كعين الطائر أو كعين السمكة وعدسات تصور عن بعد وغيرها – لتصوير الأنهار.. البحار والمحيطات الواسعة.. السماء الرحبة.. الغابات السامقة.. الجبال الشاهقة.. الصحاري المترامية الأطراف أوالمدن العظيمة بشوارعها وعمارتها وناطحاتها..

تعلم الإنسان.. وتقدمت صناعة الكاميرات السريعة وتعددت أنواع وأقطار العدسات.. حتى أن الصناعة الحديثة إستطاعت أن تقدم لمصور الفيلم الصورة ثلاثية الأبعاد التي يعتمد عملها أساسا على معجزة ربانية في خلق أبعاد ومسافات عيون ورأس الإنسان.. وقدمها العلم الهندسي للسينما من خلال علم التصوير المساحي والمجسم “الفوتوجرامتري”..

كل ذلك حتى يتحقق نقل الصورة الخلابة لمكان حدوث القصة.. والمشهورعند السينمائيين “باللوكيشين”..

وكثيرا ما تصاحب الموسيقى التصويرية الساحرة – باستخدام الوتريات الرشيقة والآلات الموسيقية الكهربائية والمؤثرات الصوتية المختلفة – من أجل تحقيق نفس الهدف.. وهو إقناع القاريء والمتلقي والمشاهد بالرسالة..
رابعا.. كيف استطاع القاص الراوي المخرج الأعظم.. سبحانه وتعالى.. أن يستخدم مواقع أحداث القصص في القرآن.. لتقديم العظة في المقام الأول وهو الهدف الأوحد في التنزيل من رب العالمين.. ولتقديم القصة في أماكنها الحقيقية التي يعرف معظمها الإنسان اليوم.. أبعادها الثلاثية.. مصحوبة بالبلاغة والجرس والموسيقى الداخلية المعجزة في الكتاب السماوي الخالد.؟
خامسا.. يجب أن نأخذ في الحسبان هنا.. أن القرآن الكريم قد جاء بكل هذا قبل أربعة عشر قرن من الزمان.. وأنه يجب على المتلقي – الإنسان – أن يسجد للرحمن.. الذي علمه كيف يستخدم ما خلقه الله فيه من موهبة التعلم واكتساب الخبرات مع الزمن.. وتبادل المعلومات.. ثم النقل من رسائل رب العباد بالقدر الذي اكتسبه – منذ بدء خلقه – إلى الآن..

كما ذهب الإنسان إلى كل مكان ساقته إليه الكتب السماوية والقرآن.. باحثا عن الحقيقة.. وناقلا لما تراه عيونه إلى المتلقي والقاريء والمشاهد.. ولعله يستطيع التقليد والمحاكاة للقصص.. أملا في نقل الرسالة الخالدة..

والإنسان يملك كاميراته ومكبرات صوته ومؤثراته.. فيخاطب بها العيون والآذان.. والقرآن يملك القلوب..
سادسا.. ولعله ينطق.. يكتب.. ويخرج رسالة واحدة بعد طول السفر والبحث والتصوير.. أنه “لا إله إلا الله”..
سابعا.. والترحال إلى مواقع الأحداث في القصص القرآني ليس ميسورا دائما.. فآدم انتقل من الجنة إلى الأرض.. والكرة الأرضية استحالت كرة مائية في حياة نوح.. والسفينة مازالت هناك على الجودي..
وجاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام الأرض بطولها وعرضها يدعو إلى الله.. والكعبة ومقامه مازالا بيننا.. وقلب جبريل الأرض عاليها سافلها انتصارا للوط.. والبحر الميت في أدنى الأرض.. والمعالم الجميلة من قصور قوم هود وصالح مازالت تحت أعيننا.. ومازلنا نعرف جبال موسى في الطور وبئر مدين وكثيبه الأحمر.. وتعرف الأرض المقدسة في فلسطين وسيناء وفي مصر عن حياة عيسى.. وسليمان وداوود.. وإن كان ليونس بطن الحوت..

ولم يذكر القرآن إين عاش الخضر وإن جرت القصة مع موسى في خليج السويس.. وذا القرنين قد عاش في كل بقاع الأرض ومازال سده هناك في شرقها.. ومازلنا نعرف أين هي سبأ وسد العرم.. وأرض الروم..
وسيبقى المسجد الحرام الكعبة وبئر زمزم والمسجد النبوي وأحد ومعالم حياة محمد صلى الله عليه وسلم..

وقد يذكر القرآن المكان بدقة متناهية لإن الرسالة من القصة تقتضي ذلك.. وقد يشير إليه من بعيد إن قلت أهميته.. وقد يذكر بعضه ويعرض عن البعض.. وقد يذكره في آيات في سورة معينة ثم يتركه حين يعرض لنفس الحدث في موضع آخر.. وقد لا يذكره أبدا إذا انتفت الحاجة في النص من أهمية المكان..

وهناك أماكن في السماء ومواضع ذكرها القصص القرآني.. وأماكن في الجنة.. وأماكن في الجحيم.. وهناك أماكن لإحداث جرت في قيعان البحار والمحيطات.. وأخرى حدثت في قلب بعض المخلوفات..

وهناك أماكن بقيت كما هي.. وأخرى تغيرت جزئيا أو كليا.. وبعض الأماكن قد محاها الله من الوجود فأصبح عاليها سافلها.. وهناك بالقطع قد غيرتها أو عبثت بها يد الإنسان.. وغيرت كل شيء فيها..

وهناك أماكن مقدسة قد جاء بها القرآن.. وضمن لها الواحد الأحد البقاء كما هي.. وإلى أن تقوم الساعة..
ثامنا.. وعلى سبيل المثال.. فقد أتت القصة الأولى في القرآن على خلق آدم.. وعلى حياته وزوجه في الجنة.. فكان العصيان والأكل من الشجرة التي حرمها الله.. فكان الهبوط إلى الأرض.. وكان أن قتل قابيل أخاه هابيل..

واختلف المفسرون في الجنة التي عاش فيها آدم وحواء وخرجا منها.. هل في السماء أم في الأرض..
قالوا أنها في السماء وأنها جنة الخلد التي أعدها الله تعالى دار كرامة لأوليائه في الآخرة.. وذهب آخرون إلى أنها لم تكن جنة الخلد وإنما هي جنة أعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء وامتحان في هذه الأرض.. قال ابن كثير في “قصص الأنبياء”: “واختلفوا في ذلك على قولين: أحدهما: أنها في السماء.. وأنهما أهبطا منها.. والثاني: أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة..”

وقالوا إن الجنة التي سكنها آدم عليه السلام هي جنة المأوى التي أعدها الله للمؤمنين المتقين من عباده وأن الله عز وجل وصف هذه الجنة في سورة طه بقوله تعالى {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ }.. ولعلك تلحظ الجرس الرائع هنا في الترادف والسجع في ” وَلَا تَعْرَىٰ”.. و” وَلَا تَضْحَىٰ”.!

وما كانت القصة لتستقيم دون وصف خلق آدم من طين.. من صلصال من حمأ مسنون.. وإن لم يذكر سبحانه وتعالى وصفا للمكان الذي حدث فيه الخلق.. ويشعر القاريء أن ذلك لم يكن ليغير من الأحداث.. لكنه في ذات الوقت قد ذكر وصفا كافيا جسد الجنة التي عاشا فيها وفي نعيمها في عدد هائل من الآيات.. حتى أزلهما إبليس.. ثم كيف أنهما راحا يخسفان من ورق الجنة ليواريا ما ظهر منهما.. تقول سورة الأعراف: “وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا…”

إن الصور لتظهر بكامل تفاصيلها مواقع الأحداث.. ويكمل الجرس الرائع والموسيقى الداخلية في الآيات نقل الرسالة والعظة من القصة.. والتي تظهر في الآيات في سور مختلفة من القرآن فيما لا يقل عن خمسة وعشرين موضعا ذكر فيها آدم.. واستمع إلى جرسه وموسيقاه في الأعراف: “وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ.. ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا.. إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ”.. ثم ليتكامل الشعور تماما لدى القاريء بما حدث حين تقول سورة طه: “فَأَكَلَا مِنْهَا.. فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا.. وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ.. وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ”.. وكان نتاج العصيان أن هبط آدم وحواء ليعيشا أهوال الأرض.. في موقع للأحداث جديد..

وعاش آدم وحواء وذريتهما على الأرض باتساعها.. وما أكثر ما جاء وصف جبالها.. سهولها.. بحارها.. وسمائها وتربتها.. واختلافها التام عن الجنة.. وشتان بين الحياة في الجنة والحياة على الأرض.. شتان بين موقع العيش في الطاعة ومهلك العيش في المعصية.. وإن تاب الله على آدم فتاب وغفر الله له.. إلا أنه قد ترك القرآن للقاريء الفطن تصور حياتهم على الأرض.. وكيف كان عليهم أن يكدوا ويتعبوا حتى يستطيعوا العيش وأن تستمر حياتهم.. وما كانت القصة لتتكامل دون تصوير مواقع الأحداث الجديدة التي جرت عليها.. وإن لم تحدد بالقطع أين جرى.. على سبيل المثال.. أن قتل قابيل هابيل.. فلم يكن تحديد المكان هاما.. بالقدر الذي ظهر فيه أبناء آدم يتعاملون مع الأرض وتربتها.. ومخلوقاتها.. ثم كيف أن عليهم أن يتحملوا نتائج ما يقترفون عليها في كل مكان.. وكيف أن عليهم أن يواروا أجسادهم في ثراها..

ولا ينس عزيزي القاريء أبدًا.. أن الغرض لم يكن إطلاقا لتقديم القصة المحكمة.. فالقرآن يقدم آدابه ولوحاته وفنونه الرائعة لتكون العظة في النهاية.. هي الهدف.. والدعوة للتوحيد هي نهاية المطاف..
.. أراكم في حلقة قادمة إن شاء الله..

التعليقات مغلقة.