في نشأة اللغات على الأرض

في نشأة اللغات على الأرض

اعداد مجدي سالم

بعد أن عرف آدم عن عدو الله إبليس وعن الملائكة.. بدأ الله يطلعه على حقيقته وعن الحكمة من خلقه وعن سر تكريمه.. علمه الله إختصار الأشياء في رموز ومسميات.. وتعلم آدم الأسماء كلها.. تعلم العلم وتعلم المعرفة.. وغرس الله فيه حبا لا نهائيا للعلم وللمعرفة.. وورثها في أبنائه..

هذه هي الغاية من خلق آدم.. وسبب تكريمه.. وسر تميز آدم عن الملائكة.. إنه تكوينه الملائم لإستعمار الأرض وسبر غورها.. بعدها.. عرض الله تعالى الأشياء على الملائكة فقال أنبئوني بأسمائهم.. فلم يعرفوا.. واعترفوا لله بعجزهم.. يروي الله تعالى عن هذا الموقف في سورة البقرة..

” وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ “

أزال الله دهشة الملائكة وحيرتهم حين أنبأهم عن خلافة آدم في الأرض.. عرفوا أن آدم.. يعرف.. وأن هذا أشرف مافيه.. قدرته على التعلم والإلمام بالمعرفة.. معرفة بالكون.. معرفة بخالق الكون.. وهذا هو ما سماه الله “الإيمان” تارة وسماه “الإسلام” تارة أخرى.. وتعلم آدم أسباب السيادة على الأرض كذلك.. تعلم العلوم المادية..

هذا هو كمال الإنسان.. معرفة بالخالق.. ومعرفة بعلوم الأرض..

ماذا كانت لغة سيدنا آدم.. صلى الله عليه وسلم

أعادت مراجعة كتاب (أنبياء الله – أحمد بهجت) إلى ذهني مناقشة.. كان قد بدأها الشيخ / علي طنطاوي في المملكة العربية السعودية – وهو من أصل سوري – كاتب عظيم وله مؤلفات إسلامية وإجتماعية وهو كذلك قاض سابق.. ماذا كانت اللغة التي تعلم بها آدم عليه السلام الأسماء.. ورأي الشيخ أن هذه معجزة أخرى وآية من آيات الله..

لقد تعلم آدم الأسماء بكل لغات العالم..

وأقول.. إنه كانت هناك لغة أم.. هي على الأقرب اللغة العربية.. وأستدل على ذلك بالآية من سورة يوسف.. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.. فمعنى “تعقلون” هنا أن هذا دليل على إنزال الله تعالى للقرآن لو أحكمتم التفكير.. أي أن العربية هي الأصل بدليل قرب العديد من الكلمات في لغات العالم أجمع من نظيرتها في اللغة العربية..

وإلى حضراتكم أيضا رأي دار الإفتاء في الموضوع.. والرأي لكم.. فليفتنا من عنده علم..

” آدم عليه السلام يعلم جميع اللغات ونعني بجميع اللغات: أصول اللغات لا اللهجات والدليل على علمه بها قوله تعالى:

( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) [البقرة: 31] فالظاهر أنه علمه أسماء جميع المسميات بجميع اللغات لأن الأسماء لفظ عام مؤكد بكل وتأكيده بها يعني أن هذا العام لم يرد به الخصوص إذ لو أريد به لكان مجازاً والتوكيد يرفع المجاز، ومن الدليل على ذلك أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا لربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء “الخ الحديث وقد رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه وهذا هو الجاري على قول أكثر الأصوليين من أن اللغات توقيفية علمها الله لآدم وحياً، كما أنه هو الذي يظهر به جلياً تميز آدم عن الملائكة بالعلم ولا ينكر هذا في قدرة الله جل وعلا، وذهبت طائفة أخرى من الأصوليين إلى أن اللغات اصطلاحية وعلى هذا فالذي علمه من الأسماء قد لا يكون الأسماء بجميع اللغات فقد يكون بلغة واحدة وقد تكون هذه اللغة بمثابة الأم لجميع لغات بنيه “..