فِي حَيَاةِ المُغْتَرِبْ … على تفعيلة البحر الكامل بقلم صديق الحرف أحمد محمد حنّان
نص للتوثيق
١-شئٌ عَجِيبٌ فِي حَيَاةِ المُغْتَرِبْ،
هَلْ كَانَ يَنْظُرُ مِنْ بَعِيدْ،
تِلْكَ الحُرُوبُ وَزِيرُهَا وَدُخَانُهَا،
تِلْكَ الجُثَثْ،
ذَاكَ الصُّمُوتْ،
دَمْعُ العَذَارَى والأرَامِلِ وَالشُّيوخْ،
والأمُّ أَيْنَ دُمُوعُهَا إِذْ فُجِّعَتْ،
والطِّفْلُ كَيفَ يَعِيشُ مَكْسُورُ الجَنَاحْ،
وَمَقَابِرُ الأحْلَامِ أَينَ مَكَانُهَا،
وَمَتَى سَيُنْفَخُ بُوقُ إِحْيَاءِ الأمَانِي والأمَلْ.
فَهَوَ البَعِيدُ المُقْتَرِبْ؛
٢-شَئٌ خَفِيٌ فِي حَيَاةِ المُغْتَرِبْ،
فَلَقَدْ أَرِقْتُ بِهِ وَكُلُّ جَوَارِحِي
حَتَّى تَقَمَّصْتُ الشُّعُورْ،
لَكِنَّنِي لَمْ أَسْتَطِعْ،
فَالبُعْدُ حَمَّلَ عَاتِقَيَّ بِوَحْدَتِي
كُلَّ المَسَافَةِ فِي الصَّحاَرِي وَالبُحُورْ،
وَحَنِينُ أَطْفَالِي يُنَاغِي مُهْجَتِي
شَوقًا فَيَسْكُنُنِي صَخَبْ،
لَكِنَّهُمْ أَيضًا بَعِيدًا عَنْ وَطَنْ،
فِي غُرْبَةٍ تَمْحِي المَلَامِحَ والأثَرْ،
وَتُبَجِّلُ المَالَ الكَثِيرْ،
وَأُمَيْمَتِي فِي دَارِ أَنْقَاضٍ
وَأَهْلَكَهَا التَّعَبْ،
تَدْعُوا بِكِلِّ فَرَيضَةٍ لإلَهِهَا
أَرْجِعْ إِلِى زَوجِي البَصَرْ،
وَأُخَيَّتِي العَذْرَاءُ تَرْكُضُ فِي دَهَالِيزِ
الزَّمَانِ بِكِلِّ يَومٍ أَلْفَ عَامْ،
فَمَخَالِبُ الذِّئْبِ الذي أَمَّنْتُهُ
شَرَرًا تُطَيِّرُ إِنْ تَمُرُّ عَلَى الطَّرِيقِ
دُجًى وَتُصْدُرُ صَلْصَلَةْ،
وَأَنَا وَمِنْ هَذَا المَكَانِ
لِمُوطَنِي وَدَمِي أُقَدِّمُ
مِحْبَرَةْ،
وَبَهَا سَأَذْكُرُ نَعْجَةً مُسْتَذْئِبِةْ،
وَبَهَا سَأَكْتُبُ قَصَّةَ الأقْزَامِ
كَيفَ تَضَخَّمُوا فِي المَعْمَعَةْ،
وَأَنَا وَمِنْ هَذَا المَكَانِ سَأَكْتُبُ
التَّارِيخَ حَقًا فِي مَحَاجِرِ مَنْ كَذَبْ،
يَا رَبُّ رِفْقًا فِي خَيَالٍ قَادَنِي
لأُجِيبَ بَعْضَ الأسْئِلَةْ،
فَالعَقْلُ مَهْمَا قَدْ تَمَادَى لَنْ يَعِيْ،
شَيئًا كَبِيرًا فِي حَيَاةِ المُغْتَرِبْ.
29/10/2022
الصورة لصاحبها
التعليقات مغلقة.