قارون
د.أحمد دبيان
لن انكر ان شخصية قارون كانت من الشخصيات التى اثارت فضولى العاصف بل و استفزتني فكريا وعقليا ، وجعلتنى أجوب بحار الصحف القديمة والأسفار بحثاً عن تاريخه
قارون هو المثال الصارخ لرأسمالية الطفيليات الطاغية المرسخة لغلبة الغرائز البشرية والممزقة لاستقرار المجتمعات .
إذا ما طالعت الكتب المقدسة للديانات الابراهيمية لن تجد ذكرا لشخص يدعى قارون الا فى القرآن الكريم .
قارون كان من قوم موسى ، وهنا يلغزنا الذكر والوصف ، فلم يأتى الذكر هنا بأنه من شيعته كما جاء الوصف فى حادثة الاسرائيلى الذى استنصره والمصرى الذى وكزه موسى .
فيأتى الوصف القرآنى قائلا :
( ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم )
،
وجاء وصفه بانه من قوم موسى ليعنى انه من خاصة موسى واقربائه وانه رغم هذا حسدا وبغيا ظلم وتمايز واستغل ،
فالبغى هنا هو الفساد والافساد ، باحتكار الثروة وتزاوج رأس المال والسلطة وصار قارون هنا جزءا من منظومة سلطة الطغيان ليشيع البغضاء والحسد والتمايز ويستخدمه الفرعون فى بسط نفوذه وفى اغواء الرجال وتأليبهم .
كان العوار طاغيا فى رأسمالية الاحتكار والتمايز المؤدى للفقر المدقع فى المعادلة شبه الثابتة للرأسماليات المتطرفة ، فكانت ثروته فى خزائن تنوء بحملها العصبة اولى القوة اى جمع كبير من الرجال الأقوياء ، وبلغة العصر مليارات المليارات ، وككل مفتون بالذات يتيه بثروة استحوذها بامتصاص دماء الشعوب محاولا اسباغ المعايير الأخلاقية الملتوية قائلا ،
(قال انما اوتيته على علم عندى )
فكان الرد الالهى على منظومة الفقر والاستغلال والانتهاب هو الخسف وتفتيت ثروة الطغيان والظلم المفتقدة لآليات العدل الاجتماعى .
( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴿76﴾ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿77﴾ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴿78﴾ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿79﴾ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العلمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴿80﴾ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴿81﴾)
لن تجد فى التوراة ذكرا لقارون المرتبط بحادثة الخسف القرآنى ، ولكن سنجد ذكرا لشخص يدعى
korah the son of Izhar
او قورح بن يصهار
وان قورح هذا والذى يعنى اسمه الصلع او الوقاحة فى معنى اخر
baldness
كان غنيا غنى فاحشا حيث عثر على احد الكنوز التى خبأها يوسف الرائى ( سيدنا يوسف ) فى مصر وان مفاتح كنوز قورح كانت تمثل حمولة ثلاثمائة بغل وانه كان جشعا رغم انه كان حكيما من قبل وبانه كان من احد بطون سبط اللاويين ، اى انه بالفعل كان من اقرباء موسى وقومه وفى قول انه كان عمه او ابن عمه حيث ان
Izhar
او يصهار
هى صفة بالعبرية وتعنى المنير وهو نفس معنى كلمة قارون اى المضئ اللامع او ال
Elite
او ال
superstar
وان قورح وفى صراع على قيادة سبط اللاويين قام بثورة على موسى بنشوة الثروة والطمع السياسى فى الحكم فقام بسؤال موسى اسئلة فقهية على الملأ واعلن نفسه ملكا ورسم اخاه كبيرا للكهنة والب الكثير من الناس على موسى بذهبه زاعما ان قوانين موسى اصعب من ان تحتمل وحين علا سلطانه وباتت فتنة فى بنى اسرائيل ظهرت فجوة فى الارض ( الخسف ) فابتلعته هو وكل ما يملك .
وتنبئنا التوراة فى سفر العدد
وَشَرَعَ قُورَحُ بْنُ يِصْهَارَ بْنِ قَهَاتَ بْنِ لاوِي، وَدَاثَانُ وَأَبِيرَامُ ابْنَا أَلِيَآبَ، وَأُونُ بْنُ فَالَتَ مِنْ سِبْطِ رَأُوبَيْنَ، 2 يَتَآمَرُونَ عَلَى مُوسَى، مَعَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مِنْ رُؤَسَاءِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ذَوِي الْمَكَانَةِ مِمَّنْ تَمَّ تَعْيِينُهُمْ فِي الْمَجْلِسِ. 3 هَؤُلاءِ تَأَلَّبُوا عَلَى مُوسَى وَهَرُونَ وَقَالُوا: «حَسْبُكُمَا! إِنَّ كُلَّ الْجَمَاعَةِ بِأَسْرِهَا مُقَدَّسَةٌ، وَفِي وَسَطِهَا الرَّبُّ. فَمَا بَالُكُمَا تَتَرَفَّعَانِ عَلَى جَمَاعَةِ الرَّبِّ؟»
4 فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى هَذَا، أَكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ، 5 ثُمَّ قَالَ لِقُورَحَ وَسَائِرِ جَمَاعَتِهِ: «غَداً يُعْلِنُ الرَّبُّ مَنْ هُوَ لَهُ، وَمَنْ هُوَ الْمُقَدَّسُ فَيُقَرِّبُهُ مِنْهُ. 6 وَلَكِنْ يَا قُورَحُ افْعَلْ هَذَا أَنْتَ وَجَمَاعَتُكَ: خُذُوا لَكُمْ مَجَامِرَ، 7 وَضَعُوا فِيهَا نَاراً وَبَخُوراً أَمَامَ الرَّبِّ غَداً. وَالرَّجُلُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ يَكُونُ هُوَ الْمُقَدَّسُ، فَحَسْبُكُمْ أَيُّهَا اللّاوِيُّونَ!» 8 وَأَضَافَ مُوسَى قَائِلاً لِقُورَحَ: «اسْتَمِعُوا يَا بَنِي لاوِي، 9 أَلَمْ يَكْفِكُمْ أَنَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَفْرَزَكُمْ مِنْ بَيْنِ الشَّعْبِ لِيُقَرِّبَكُمْ إِلَيْهِ لِكَيْ تَخْدِمُوا مَسْكَنَ الرَّبِّ وَتَقِفُوا فِي حَضْرَةِ الشَّعْبِ كُلِّهِ لِخِدْمَتِهِ. 10 فَقَرَّبَكَ مَعَ بَقِيَّةِ إِخْوَتِكَ مِنْ بَنِي لاوِي، حَتَّى صِرْتُمْ تَطْمَعُونَ فِي الْكَهَنُوتِ. 11 إِذَنْ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَتِكَ قَدْ تَأَلَّبْتُمْ عَلَى الرَّبِّ، لأَنَّهُ مَنْ هُوَ هَرُونُ حَتَّى تَتَذَمَّرُوا
التعليقات مغلقة.