قدود الأرواح بقلم هيفاء البريجاوي سورية
قدود الأرواح بقلم هيفاء البريجاوي سورية
(العم جابر) هذا الاسم العملاق لم يكن يحمل هذا اللقب لثرائه الفاحش بل للواء إنسانية كان يحملها على عاتقه،،،من استوعب الحياة على حقيقتها ،ولم تغرقه بملذاتها وقشورها الباليةالزائلة ،،كانت خطواته مدروسة مستعينا بتوفيق الله له،،،أتم دراسته الجامعية حاصلا على شهادة دكتورة بعلم النفس،،يعود نسبه لأسرة ثرية تتحلى بمكارم الأخلاق،،وتبذر الطيب والعطاء ،،لا تتوانى عن فعل الخير، تشّرب تلك القيم منذ صغره،،،ليبقى تلك اليد الخفية التي ترتوي منها أجيال سقيا الأمل والعزيمة لمتابعة تحصيلهم الدراسي بعدما تكون قد أثقلت كاهلهم مواجع الفقد والحرمان،،،
لتنهزم السنين تباعا ،ومن دخل تلك البوابة بدموع خوف من المجهول،،،طري العود يلين لضمة تكسر صقيع شتاء بقيت عواصفه تختال تلك الأضلع المثقلة بالتجمد ،،لتذيب نور شمس الوجدانيات المتقدة سبيلهم،،وتشحذ هممهم ليكونوا العناوين الباقية، بقاء كراسة تختزن ضياء الحرف ليكتب بأجمل العبارات الفنطة لمن سيكون الموروث الإنساني المخلد ،،من بين هؤلاء الأشبال والوارفات اللواتي ابينّ الا أن يكملن مسيرتهن ،ويبدلنّ تواريخ شتاءاتهنّ الحالمة ،لربيع اختمرت العلم والسبيل غايتهن،،
لتكون ساجدة من بين كثيرات تقطعت بهنّ السبل وهي بمقتبل العمر لتكبر بتلك الدار ،،،،لم تثنيها آلام الحرمان عن رسالة كبرت فيها وصورة اسرتها تستحضر ذكرياتها الموحشة وهي تفقدهم تحت ركام الدمار لتتخرج طبيبة جراحة بامتياز ،وتعيش بسكن مستقل تتابع رسالتها بمشافٍ عدة بمناطق مختلفة ،،تداوي المرضى بروح إنسانيتها اليقظة،،،لتتفاجأ بحالة مدون عليها اسم لا يغيب عن ذاكرتها كا ن منقوشا على لافتة الدار ،،، ،وصورته لا تغيب عن بوتقة حدقة نور مسيرتها،للحظات غابت عن وعيها لتعاود صحوتها وهي تدخل رقم غرفته،فإذا به نفس الشخص الذي كان اليد الخفية التي امدتهم الامان والعلم والاحتواء ،،انهمرت دموعها على خده لتوقظه من غفوته،،،بتلك اللحظة تمنت عناقه طوبلا ،،تفاجأ من لهفتها عليه ،وكانها قطعة من جسده المتهالك ،،وهو ممدد على سرير متحرك ،،،يتبادلان الحوار لتعلم انه قد أصابه فشل كلوي ،وبحاجة باسرع وقت لعملية جراحية،،فمنذ عشر سنوا ت خسر قسم كبير من ارصدته بخيانة من مقربين بشركته أدت لإفلاسه
بعدما كانت أغلب الأرباح يتبرع بها لجهات خيرية ،،جعلت اولاده يفرو ن منه،،بعدما نقل ملكية عقاراته إليهم ،ليجد نفسه بلا حول ولاقوة. ،،تعانقه بشدة ،،أتسمح لي ان أناديك أبتي ،،فأنا من ترعرعت وكبرت من خيرك، ومن صلصالة بقيت تربطني بك صورة جعلتها ببيتي لوحة اتيمم طهر تلك الروح العظيمة لأحظى اليوم شرف استضافتك لي ببيت كبر ودفء بحضن سنين مددتني بهم الامان والعزيمة،،تتحجر عيناه وهو يبادلها ذاك النبض الحي،،وبعد اجراء الفحوصات ،،تشاركه قطعة من جسد دماء ارتوت شراينهما وفاء وحياة لن تنتهي بها ولادات تحيا بأرض، باركها الله بأهلها الذين عرفوا خطواتهم بنور قلوب يقظة ،،ليغادرا سويا لبيتها ،
تعيده لسنين اشتاق أيدٍ تتفتح بشرياينها براعم الطفولة التي ايقظها صوت صراخ جابر ،،،،وهي تعانقه بلهفة ،،تلتف نحو أبيها لتقول له :حفيدك يا ابي ،،طالما حلمت يوما بأن تحتضنه لأخبرك ،،،،
جابرسيبقى نبض يجدد يراعا خصبا،ولد من رحم أرض لن تجف تربتها،،ستبقى شقيقتها شمس ترافقها
لنخلد بحضن يعانقنا لن نخاف معك غد ر الزمان بعد الآن،،،
التعليقات مغلقة.