قراءة انطباعية في قصة قصيرة “الأبيض يليق بكِ ” للأديب المبدع حسين الجندي…
عاشور زكي وهبة
قراءة انطباعية في قصة قصيرة (الأبيض يليق بكِ) لصديقي الأديب المبدع الخلوق حسين الجندي
أولًا: نصّ القصّة
قصة قصيرة :
( الأبيض يليق بكِ)
دخلتْ إلى غرفته متسللةً، اختبأت في مكانها المفضل وأخذت تنظر إليه، لم تترك ثانية تمر دون أن تملِّي عينيها من رؤياه..
نظراتُ عاشقةٍ مُتَيَّمة..
تفعل ذلك كل يوم وهو لا يشعر بها!
لم تعرف سببا للرجفة التي اعترت أوصالها فجأة في تلك الليلة..
فبينما هي في مكمنها دخل وهو يحمل بين يديه جسدا بضَّا لفتاة جميلةٍ شقراءَ ترتدي ثوبا أبيضَ..
أصاب الارتباك عقلهاوطعنت الغيرة قلبها..
تنامى إلى أسماعها تأوهاتٌ تنبعث من ذات الرداء الذي كان أبيضَ،فقد استحال إلى الأحمر القاني!
دقائق وساد الصمت،وجدته يخرج مسرعا،نهضت من مكمنها،
وجدت شيئا أفزعها فزع السنين!
السريرَ ملطخا بدماء ذات الرداء الأبيض..
أسرعت لا تلوي على شيء،وصلت الشارع، وجدت هرجا ومرجا وتدافعا شديدا وكأن اليوم هو يومُ القيامة..
سمعتْ صيحاتٍ يمتزج فيها الألم والرعب ولونُ الدماء في كل مكان،
يغطي كل أبيض..
أصحاب الرداء الأسود يحيطون بكل مكان هدفهم شيء واحد..
الموت ولا شيء غيره!
آهٍ..
لم يستطع أن يجعلها ترتدي ثيابا سوداءَ مثلهم، لقد كانت تعلم أن رداءها الأبيض ليس مجردَ رداء..
وجدته يقف في وجوههم ونظرات التحدي هذه المرة تملأ عينيه..
خلع ملابسه السوداء لتظهر من تحتها أخرى بيضاء..
لحظات..
و استحال بياضُها إلى لون الدم!
انهمرت دموعها،نظرت إليه نظرة وداع..
نظر إلى عينيها، لقد عرفها..
نعم هي زوجته..
لكن كيف ذلك؟!
لقد قتلوها العام الماضي..
في وهن طلب منها أن تغادر بثيابها البيضاء تلك قبل أن ينتبهوا إليها..
في لحظات استحالت مرة أخرى إلى قطة بيضاء..
وصدر عنها مُوَاءٌ حزينٌ
ودمعت عيناها وهزَّت ذيلها رافعة له بامتنان وخُيِّل إليه أنها تقول:
لا تخشَ عليَّ؛فالموتى لا يموتون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيًا: القراءة الانطباعيّة
عن طريق الدخول متسللًا إلى النص كما دخلت بطلة القصة أو روحها (القطة) : دخلت متسللة/اختبأت /تنظر إليه /تملي عينيها/ نظرات عاشقة متيمة /مكمن..
ثم دخول البطل: يحمل العروس الجميلة الشقراء البضة في ثوب الزفاف الأبيض..
وكما أصابت البطلة (الزوجة السابقة) طعنات قاتلة سابقًا قتلتها وطعنتها الغيرة من العروس الجديدة التي نالت نفس المصير. وكأننا أمام متوالية انتقامية..
ثمّ يسود صمت يسبق العاصفة..
وهذا ما يرد الحديث عليه بإذن الله.. لأن البطارية وصلت للون الأحمر وتحتاج للشحن…
ثم يسود صمت يسبق العاصفة…
خروج البطل مفزوعًا في ليلة دخلة دامية.. إذ تحول لون ثوب العروس إلى اللون الأحمر.. من القاتل؟! وما سبب الجريمة؟! وأين وسيلة القتل؟! لم يظهر ذلك في القصة!
نحن أمام جريمة قتل مكتملة دون قاتل أو دافع أو وسيلة قتل.
ثم يسود الشارع ثورة عارمة أو فوضى خلاقة.. هرج ومرج/ تدافع شديد/يوم القيامة.
سماع صيحات ألم/رعب/دماء في كل مكان.
يحتل أصحاب الرايات السود أو الأردية السوداء المشهد في نهاية القصة…
استخدم الكاتب الألوان في القصة ما بين أبيض وأسود وأحمر كما هي مستخدمة في الموروث الشعبي المصري..
الأبيض: رمز الفرح النقاء النور وجوه أهل
الجنة.
الأسود: رمز الحزن الغبرة الظلام الموت وجوه أهل النار.
الأحمر: الدم القتل الموت العنف النار الهلاك.. إلخ.
تنتقل القصة من أحداث واقعية إلى سريالية فوق واقعية من صورة ناصعة البياض والنقاء إلى سواد ثم أحمر بلون الدم..
هل القتيلة هي مصر قديمًا وحديثًا؟!
وهل ماتت أو استشهدت؟!
لاتخش علىّ، فالموتى لا يموتون!
الشهداء هم أحياء عند ربهم يُرزَقون فرحين بما آتاهم ربهم…
هل هناك أمل في ثورة بيضاء بلا دم أو طغيان للأسود والأحمر.. لأن مصر بالفعل الأبيض يليق بها.
في الختام أشكر صديقي المبدع الخلوق حسين الجندي على الدعوة الكريمة، وأتمنى له ولكم دوام التوفيق بإذن الله تعالى بقلوبكم البيضاء الخالية من كل غل أو حقد أو كراهية..
في أمان الله..
صديقكم: عاشور زكي وهبة (مصر).
التعليقات مغلقة.