بقلم: عاشور زكي وهبة
“”””””””””””””””””””””””””””””
أولا: النص
لعبة
لم يشفع لي عند إخوتي خوفي من الأشباح؛ أسندوني مغمضا على جدار جدي… ثم تطايروا كالشرر من حولي.
عندما أنهيت العد، رفعت طرفي ، شاهدتهم يرقصون حول مائدة السلطان… ما زلت أبحث عنهم.
ثانيا: القراءة
العنوان: لعبة
أحد معاني ( لعبة): دمية/ شخص أحمق مثير للسخرية.
التعلم باللعب إحدى الاستراتيجيات لتعليم الناشئة، لأن الطفل يحب اللعب بأشياء محسوسة ملموسة تشحذ حواسه، ويمارسها بيديه، وبخاصة إذا كان ضمن مجموعة من الرفاق والأقران، أي لعبة جماعية.
فهل نحن أمام لعبة أطفال أم لعبة حياة؟!
المتن:
تبدأ القصة بأداة النفي الجازمة لم التي تفيد الاستمرارية المستقبلية..
” لم يشفع لي عند إخوتي خوفي من الأشباح”.
تصور لنا أن بطل القصة طفل يخاف من الأشباح.. من الذي غرس فيه الخوف من أطياف وأشياء شبحية غير مرئية؟!
بالتأكيد هم الأخوة الكبار الذين علموه هذا الخوف المرضي. إذ أن الشبح غير مرئي و لا ينبغي أن يرى.
” أسندوني مغمضا على جدار جدي”
سواء كان مسنودا على الجدار بوجهه أو ظهره فهو مغمض العينين.. فهو لا يرى، ويخاف من أشباح وأطياف غير مرئية.
جدار الجد.. علام يرمز؟!
سند/ حائط العادات والتقاليد والماضي القديم التليد!
هل يبكي على الحائط كما يفعل بنو إسرائيل؟!
” ثم تطايروا كالشرر من حولي.”
فما أن أغمضوه في لعبة الغميضة الكبرى، حتى تطايروا كالشرر من حوله..
في معين إلا جدار الذكريات..
وإياك ومستصغر الشرر، الشرر يومض في العينين المغمضتين.. الشرر نذير شر مستطير..والشرر من النار، والشيطان مخلوق من نار.. وصارت للأخوة أجنحة شبحية ترمي بالشرر.
تطاير الأخوة، واتخذ كل واحد منهم ساترا خلف الجدر، وأصبحوا أطيافا في ذهنه يحاول أن يخمن موضع أو مخبأ كل واحد منهم.
“عندما أنهيت العد، رفعت طرفي.”
بعد العد التنازلي لاتضاح الروية رفع الصغير طرفه/عينه/نظره، وتبدأ عملية البحث المضني. فماذا رأى؟
” شاهدتهم يرقصون حول مائدة السلطان”.
رآهم بعين اليقين يرقصون حول مائدة السلطة..الرقص مهنة إماء/جواري السلطان.. وظيفة حريم، فهل تحول الأخوة إلى حريم وغلمان في حضرة السلطان يقتاتون على فتات مائدته العامرة؟!
الرقص في رحاب السلطة خيانة لجدار الجد وممالأة للاستبداد…
ورغم الرؤية اليقينية التي لا لبس فيها..إلا أن الطفل ينهي حديثه بنبرة الألم والأسى أنه” ما زلت أبحث عنهم”.
صار الأخوة أشباحا لأنهم خلعوا أردية العزة والكرامة والحرية وارتضوا لأنفسهم التحول إلى جواري وإماء ترقص حول مائدة السلطان.. وسيلة ترفيهية للمستبد الغاشم بعد جولات البطش بالمعارضين والمناوئين لجبروته.
يكون الأخ ملء السمع والبصر حينما يكون قدوة حسنة لأخيه الأصغر؛ لكنه يسقط من العين حينما يفر من أخيه ويلحق بالسلطة يقتات على فتاتها.
صاروا أشباحا غير مرئية كالتي أخافوه منها في صغره..
لكن يبقي الأمل في عودتهم مرة أخرى إلى جدار الجد.. ويصير اللعب جدا وليس هزلا.. وينظفون البيت من الداخل دون خوف ولا خداع من أشباح وفزاعات السلطة.
في الختام أحيي مبدع القص الوجيز القاص السوري نزار الحاج علي على قصته الرائعة متمنيا له دوام التوفيق.
في أمان الله.
الأحد 26/6/2022
التعليقات مغلقة.