قراءة فى كتاب الحملات المصرية “The Egyptian Campaigns”
قراءة فى كتاب الحملات المصرية “The Egyptian Campaigns”
للكاتب الإستعمارى تشارلز رويل
بقلم : د. أحمد دبيان
فى كتاب الحملات المصرية لتشارلز رويل وهو كتاب يتبنى تماماً وجهة النظر الانجليزية والاستعمارية لأحداث الثورة العرابية وصاحبه كان شاهداً على واقعة مواجهة الزعيم احمد عرابى للخديوى على صهوة جواده شاهراً سيفه فى عابدين حاملاً مطالب الأمة ،
حيث وصف فى سرده للواقعة كيف كان الخائن توفيق يرتجف من حركة الجيش وانه التجأ للمراقب المالى البريطاني والقنصل الانجليزى طلباً للمشورة
وأنهم أشاروا عليه باعتقال عرابى
وان توفيق من جبنه ان يواجه كان يرتجف
وان القنصل الانجليزى هدد بالتدخل
وبأن الزعيم أحمد عرابى
قد اصر على مطالبه قائلاً انه يحمل مطالب الأمة ولم يغادر الا بعد اقالة الوزارة وتكليف شريف باشا بتشكيلها.
استوقفتني ايضاً عدة نقاط ،وبالذات عند الحديث عن قصف الاسكندرية يوم ١١ يوليو ١٨٨٢ .
يضخم الكاتب افعال المذابح ضد الأوروبيين ، والتى بدأت بعد مقتل السيد العجان المكارى ، فى منطقة اللبان على يد مالطى ، ويحاول ان ينفيها ويعزوها لاعمال نهب وسلب .
قام اولاد البلد ، والعرب البدو بالنبابيت والبنادق بالرد على هجوم الأوروبيين الذين استخدموا الأسلحة النارية بكثافة وكان مركز الأحداث المربع الذى يضم ميدان محمد على والعطارين واللبان وتركزت الأحداث فى شارع سوارس.
يسرف الكاتب فى وصف مذابح الأوروبيين ويضخمها ويمر مروراً سريعاً على الضحايا من اولاد البلد ويعزو قتلهم لاعمال السلب و لدفاع الأوروبيين عن أنفسهم .
أصبحت المدينة خارج السيطرة وعجز المصطفازين ( مسمى تركى قديم للدرك ) عن حفظ النظام وكان المحافظ هو عمر لطفى الى ان اتى عرابى والجيش فتمت السيطرة على الحوادث .
أرسل سيمور قائد الأسطول الانجليزى ، لطلبه باشا بوقف الإصلاحات وأعمال التحصينات وتم رفض طلبه .
تم قصف المدينة بثمانية و عشرين بارجة وكانت هناك بوارج أمريكية ويونانية وألمانية اشتركت مع الأسطول البريطانى فى القصف .
اى ان العدوان كان ارهاصاً مبكراً للحلفاء والتحالفات الإستعمارية لكسر ارادة الشعوب المنتهبة .
اشاد الكاتب بصمود الطوبجية المصريين وردهم على القصف .
ظل الخديوى الخائن يظهر انه فى صف عرابى ، ويدعوه للصمود حتى يوم ١٤ يوليو وقد انتقل لقصر رأس التين ، ليصبح قريباً من الأسطول البريطانى ، ويزعم الكاتب انه رفض اللجوء لإحدى البوارج البريطانية .
طال القصف البريطانى ، الطوابى ، والكنيس اليهودي والكنيسة الانجليزية ، فى شارع شريف وحتى النبى دانيال .
يوم ١٤ يوليو وبعد ان انتشرت القوات الانجليزية فى المدينة عزل الخديوى احمد عرابى من نظارة الحربية وعين عمر لطفى مكانه وكانت حجته ان عرابى لم يقم بالدفاع عن الاسكندرية .
قامت القوات الانجليزية بتوفير الحماية للخديوى فى قصر رأس التين .
احترقت الاحياء الاوروبية فى المدينة وشوهد بدو ورجال ونساء ورجال شرطة من المصطفازين ( الدرك ) ، يحرقون الممتلكات الأوربية الى يوم ١٧ يوليو ، وتم اجراء محاكمات عسكرية وإعدامات بإطلاق النار .
انسحب عرابى و الجيش الى كفر الدوار وقام بإنشاء استحكامات قوية هناك ،
يحاول الكتاب استثارة النعرة الطائفية بان يركز ويكرر ان اولاد البلد اثناء قيامهم برد الاعتداء ضد الأوروبيين كانوا يهتفون
( الموت للمسيحيين )
ما يناقضه اعترافه ان فى اجتماع المجلس الوطنى ، بعد عزل الخديوى الخائن لعرابى ، ان البطريرك والشيخ عليش شيخ الأزهر والقاضي الأكبر للقاهرة والأمراء ابراهيم وأحمد وكامل من اولاد عّم توفيق ، قررروا تعيين عرابى وزيراً للحربية وان يسمع الجميع له ويطيع بعدها استدعى الخديوى المستر كولفن القنصل البريطانى طالباً الضغط على الحكومة البريطانية لتوسيع الحملة شاكياً له عزلته ، بعد ان اسفر الخديوى عن خيانته والتى تاخر عرابى فى اكتشافها !!!بدأ عرابى التخاطب والمراسلات مع الباب العالى والذى كان مبعوثه درويش باشا يبدى العداء له سابقاً .
بعد نزول القوات البريطانية الاسكندرية وتدمير الطوابى ، بدأت الحرائق فى الاحياء الاوروبية وتركزت فى ميدان محمد على ش شريف العطارين والنبى دانيال .
أبحرت قطع من الأسطول من يوم ١٢ يوليو نحو بورسعيد ،
كانت التحصينات فى كفر الدوار قوية بالقدر الذى عجزت عنه القوات البريطانية عن التقدم ، وكان الالتفاف من ناحية قناة السويس .
طلب سيمور الإمدادات من حكومة جلادستون وتم اعتماد اثنين مليون وثلاثمائة الف جنيه إسترليني للحملة ، تم سدادهم لاحقاً من الخزانة المصرية .
مما استوقفني ايضاً كان أول سؤال للجنرال وود بعد استسلام قوات عرابى عند كفر الدوار عن ضابط ايطالى يدعى الملازم بالوشى والذى فر لينضم إلى عرابى ،
والذى وقع فى قبضة بدو ظنوا انه من الأعداء ،
وحين وصل إلى معسكر كفر الدوار أكرمه عرابى وأمر بعلاجه من أثر معاملة البدو السيئة ، وقد قال له بالوشى انه يود أن يحارب معه من أجل الحرية .
ارتدى بالوشى زى ضابط مصرى ورغم عدم معافاته أصر على أن يظل بهذا الرداء حين استسلم للجنرال وود بعد استسلام معسكر كفر الدوار .
قام الجنرال وود على الفور ودون اى تعليق بتسليمه للقنصلية الإيطالية فى الاسكندرية .
هل كان بالوشى يساريا وهل كان يستحضر الكومونه وأحداثها حين انضم لعرابى ؟ ؟ ؟!!!
بعد هزيمة أحمد عرابى اصدر الخائن توفيق قراراً بحل الجيش المصرى ،
وقام باستعراض الجيش الانجليزى والقوات الهندية المشاركة ، فى نفس الساحة فى قصر عابدين والتى قام فيها عرابى باستعراضه العسكرى المشهور تاريخياً بمظاهرة عابدين ،
تم الاتفاق بواسطة المستشارين الانجليز لدى الحكومة المصرية بالتنسيق مع الجنرال ويسلى بتخفيض عدد قوات حكومة جلالة الملكة ، الى اثنىً عشر ألف جندى ، بتكلفة شهرية تتحملها الحكومة المصرية تبلغ اربعة جنيهات استرلينية عن المقاتل الواحد اى ثمانية واربعين الف جنيهاً استرلينيا شهرياً خلاف تكاليف الحملة ذاتها .
يبقى ان نختتم بان الكتاب والكاتب يقر بأن عرابى لم يعترف أبداً اثناء محاكمته بانه مذنب او عاص وان هذا تم بواسطة محاميه فى تسوية تدخل فيها الانجليز وضغطوا على الخديوى الذى كان متعطشاً لإعدام الزعيم أحمد عرابى ، وكان الانجليز كعادة المستعمرين لا يريدون ان يصنعوا منه رمزاً استشهادياً فى بلاد يحرك الإستشهاد فيها جموع المحرومين .
التعليقات مغلقة.