قراءة في بيت شعر للكاتب /مدحت رحال
لغتنا العربية لغة جميلة لا تضاهيها لغة
فهي البحر في أحشائه الدر كامن .
وفي هذه القراءة لبيت الشعر التالي ،
سنستشف ما فيها من جمال وعمق وسعة ومرونة
..
أنوه إلى ان ما سأعرضه في هذه القراءة هو جهد محض من خلال وفي حدود معرفتي باللغة ،
فمن وجد فيه خطأ فليصححه بالموثوق من علوم اللغة .
..
البيت موضوع القراءة يقول :
قطعنا على قطع القطا قطع ليلة
سراعا على الخيل العتاق اللاحقي
..
يُنسب هذا البيت للإمام على رضي الله عنه.
ويستشهدون به على أنه بيت ليس فيه حرف من حروف الشفه ،
مثل : الباء الفاء الميم الواو
أما نسبة هذا البيت للإمام علي فإني أشك في صحتها ،
لأن الشطر الاول كله ( قطقطة ) ثقيلة متكلفة ،
وما أظن أن الإمام علي يتلكف هذا التكلف ،
كم أن الشطر الثاني مكسور عروضيا ولغة .
والخطأ اللغوي والوزن المكسور يتمثل في كلمة :
( اللاحقي )
قرات هذا البيت لأكثر من واحد كلها تقول ( اللاحقي )
رجعت إلى المصادر التي ذكر فيها هذا البيت لعل الناقل أخطأ ،
فإذا هي أيضا تقول : ( اللاحقي ) .
لنبدأ القراءة في هذا البيت :
_ الصحيح لغة وعروضا أن نقول :
سراعا على الخيل العتاق اللواحقِ
بكسر الروي وليس بإضافة ياء ،
يستقيم الوزن
وتستقيم اللغة
الخيل لفظ مؤنث يدل على الجمع
ينسجم معها لفظ ( اللواحق )
لأن / لواحق جمع لاحق
ولاحق ، صفة للمفرد وليس للجمع
نقول : فرس لاحق ، وفرس سابق
فهي أقوى لغة من لاحقة وسابقة ،
قياسا على قولنا : امرأة حامل
لا نقول حاملة .
الخيل اسم جنس يدل على جنس الحيوان ،
الحصان هو ذكر الخيل
والفرس هي أنثى الخيل
فإذا وجدت الأحصنة والأفراس معا نقول / خيلا ،
وورد في قول العرب : يا خيل الله اركبي
لا يصح أن نقول الخيل اللاحق كما ورد في بيت الشعر ،
لأن / الخيل جمع ، اللاحق مفرد
يصح ان نقول : الخيل اللاحقة
ولكن ذلك يكسر بيت الشعر عروضيا
..
_ إذا اتينا ببيت الشعر على الصحيح لغة وعروضا نقول :
سراعا على الخيل العتاق اللواحقِ
وهنا يبطل الإستشهاد به على ان حروف البيت ليس فيها حرف شفه ،
لأن ( الواو ) في اللواحق حرف شفه
..
والشيء بالشيء يذكر
ولتمام الفائدة ولنرى ما في لغتنا من جمال ومرونة ودقة
نستطرد قليلا :
قلنا إن الخيل اسم لجنسها من أحصنة وأفراس .
ومثلها نقول عن :
الإبل : اسم جنس لذكور الإبل وإناثها ،
فنسمي ذكر الإبل : جملا أو بعيرا
وأنثاها : ناقة .
هذا يذكرني بموضوع كتبت فيه من قبل وهو الآية :
(( حتى يلج الجمل في سم الخياط ))
ذهبوا إلى أن الجمل هنا هو حبل السفينة ،
وأن العرب تقول عن الجمل : البعير ،
وقد ناقشت ذلك بالتفصيل في مقال سابق ،
وأضيف هنا ما يلقي مزيدا من الضوء على هذا القول :
قالت العرب : استنوق الجمل
لمن ذل بعد عز
ولم تقل : استنوق البعير
..
ومن اسماء الاجناس :
البقر
ويطلق على البقر ثيرانها وإناثها
فالذكر ثور ، في الريف يقولون عن الثور ( عالول)
والانثى بقرة
الضأن
الضأن : تطلق على الذكور والإناث
ذكر الضأن وهو الخروف ، فإن كبر فهو كبش
والأنثى / شاة .
الماعز أو المعز
تطلق على الذكور والإناث
ذكر الماعز هو السخل ، فإن كبر فهو / تيس،
قال شاعر البادية / علي بن الجهم يمدح الخليفة المهدي :
انت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب
وفي الريف عندنا يقول عنه ( حُولى ) بتفخيم الواو المضمومة .
ويطلق على الأنثى / عنزة .
يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز :
(( ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين ، قل آلذكرين حرم أم الأنثيين ))
(( ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين ، قل آلذكرين حرم أم الأنثيين ))
..
عودا على بدء،
المقال لم أرجع فيه لمرجع ،
والغرض هو الإفادة والإستفادة ،
..
مدحت رحال ،،،
التعليقات مغلقة.