موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قراءة في رباعية قصصية قصيرة للأديب المصري محمود احمد علىبقلم: عاشور زكي وهبة

538

قراءة في رباعية قصصية قصيرة للأديب المصري محمود احمد على
بقلم: عاشور زكي وهبة

أولًّا: النصّ القصصي

رباعية الزلزال
قصص قصيرة
بقلم/ محمود أحمد على
.
1- هذا اختيارهم..
فجأة..
وبدون سابق إنذار وقع زلزالٌ قوىٌّ ليلاً داخل هذه المدينة السكنية.
أسرعت جميع الأجهزة المعنية لإنقاذ البشرية التي تصرخ بشدة تحت الأنقاض.
وقفوا جميعًا أمام إحدى البنايات العالية التي لم يزل يصرخ تحتها مجموعة من الأحياء المصابين، وأمام هذه البناية متحف كبير للتماثيل التي مر عليها قرون كثيرة.
ظلوا ينظرون لتلك الأصوات التي لم تزل تستغيث.
وتارة ثانية إلى هذا المتحف.
وتارة ثالثة ظلوا يتبادلون النظرات فيما بينهم.
فما كان من جميع أفراد الأجهزة المعنية لإنقاذ البشرية أن أسرعوا لإنقاذ الحجارة من أسفل الأنقاض.
.
2- هذا العربي صديقي الوفي..
.
وسط هذه الانقضاض الكثيرة.
وسط هذه الأجساد التي فارقت أرواحها عنان السماء.
ورغم تأخر جميع الأجهزة المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح أسفل هذه الأنقاض، إلا أنني رحتُ أحمد الله تعالى.
حمدي وشكري فى تواصل مستمر إلى ربي، لم يكن سببه نجاتي من قبضة الزلزال الذي لن يرحم أحدًا؛ ولكن حمدي وشكري المتواصلين، لنجاة كلبي صديقي الوفي، فهو الآن لم يكن معي حبيس حجرتي هذه.. الحمد لله أنه الآن ينعم بحرية الحركة، ومن المؤكد أنه سوف يجد أحدًا غيري نعم سوف يجد أحدًا غيري صديقًا وفيًا
محبًا للكلاب ليعيش معه.
إصابتي البالغة.
عطشي الشديد.
قوتي التي قلت تدريجيًا.
أنفاسي التي لم تعد تدخل وتخرج طبيعية.
كل هذا وأكثر منه جعلني أستسلم للموت الذي أشم رائحته لأول مرة من تلك الأجساد المحيطة بي.
أغمضتُ عيني مستسلمًا
مرحبًا به.
لساني لم يتوقف عن نطق الشهادة.
فجأة..
فتحتُ عيني بعدما شعرتُ بقدوم ملك الموت، فمن المؤكد أنه تأكد له أنه لم يتبقِ من الأحياء غيري حتى يأخذ روحه.
عجبًا.
حركاته المستمرة لم تتوقف.
تري هل يمنعه مانع من الوصول إليَّ..؟!!
أو ربما رائحة الموتى قد غطت على رائحتي فجعلتني في عداد الموتى..!!
يجب علي أن أصرخ له؛ حتى يعرف مكاني تمامًا؛ حتى يخلصني من عذاب الانتظار.

أنا هنا.
ظل لساني يرددها في تواصل مستمر.
توقف لساني تمامًا؛ بعدما شعرتُ أن روحي قد خرجت من
جسدي في هدوء
وسلام
وأمان.
ما هذا..؟!
مستفسرًا رحت أسأل نفسي وعيني تُفتح في صعوبة بالغة.
تري هل ملكي الحساب أيقظاني داخل قبري لأُحاسب..؟!
ما هذا..؟!
أنا لستُ داخل القبر كما تخيلتُ ذلك، وإنما أنا خارج الأنقاض.
كيف حدث هذا..؟!
ومن من أفراد الإنقاذ الذي انتشلني من أسفل هذه الأنقاض حتى أقبله وأشكره..؟!
لم أجدْ أحدًا من أفراد الإنقاذ حولي لأشكره.
ولكنني اكتشفتُ أن كلبي العربي صديقي الوفي هو الذي ظل يجرني جرًا عندما سمع صوتي وأنا أنادي على ملك الموت.
ها هو صديقي الوفي لم يزل يمد قدمه اليمني نحوي ليسلم عليَّ مرحبًا بعودتي إليه مرة ثانية.

شكرًا لك صديقي الوفي.
رحتُ أرددها والكلب لم يزل يحتضنني بشدة.
.
3- زلزال الرحمة..
أستيقظ الحاكم من نومه على سماع صوت تليفونه المحمول الذي لم يتوقف عن الرنين المتواصل، كان المتصل رئيس الوزراء الذي أخبره بصوت حزين أن المدينة بأكملها دُمرت بسبب وقوع زلزال مفاجئ.
الموقف جعل الحاكم يحزن بشدة، بل أبكته رؤية المباني التى دُمرت بأكملها، ولم يخرج من أسفل الأنقاض أي مواطن على قيد الحياة.
بكاء الحاكم المتواصل لم يكن حزنًا وألمًا على فراق كل سكان المدينة، بل كان سببه أنه لم يعد هناك من يحكمهم.!!
.
4- ألم وتمنٍ..
.
بشاعة الصورة ألجمته.. جعلته غير قادرٍ على نطق كلمة واحدة.. غير أنه ظل يبكي فى صمت شديد وألم أشد.
لم يتحمل مشاهدة الصورة المتحركة أكثر من ذلك.
عاد وأمسك ريمود تلفازه؛ ليغير مشهد الزلزال الذي أصاب “سوريا” و “تركيا”.
(تعيشي يا بلدي يا بلدي تعيشي
تعيشي يا بلدي وزرعك اخضر ومندى
تعيشي يا بلدي وعلمك مرفوع على يدي
تعيشي و اسمك فى الكون بيلالي
تعيشي ومكنك شغال طوالى)
فى تمنِ ودموع لم تتوقف، ظل يردد كلمات هذه الأغنية التى راح يرددها خلف المطربة.

ثانيًّا: القراءة

العنوان الرئيس للرباعية القصصية ( الزلزال)، يزلزل بنية النص القصصي؛ إذ يندرج أسفله أربع عناوين فرعية لقصص يتشكل متنها من قصص قصيرة معاصرة أقرب لمتن القصص القصيرة جدًّا من حيث المتن والتكثيف والخاتمة الصادمة المُدهشة لذهن المتلقي:

في القصة الأولى: هذا اختيارهم..
تصور لنا في مشهدية رائعة وكأننا أمام واقع نعاينه، أو مشاهدة في تلفاز منظر آثار الخراب الناجمة عن الزلزال في الممتلكات والأرواح في إحدى المدن.
وعمال الإنقاذ في حيرة من أمرهم أمام بشر معاصرين من لحم ودم يسيل مُستنجدين بهم تحت أنقاض عمارة مأهولة، وتماثيل صمّاء جامدة من عصور غابرة..
والقفلة المدهشة التي تميّز القصة القصيرة جدًا أن عمال الإنقاذ يختارون نجدة الأحجار الصماء للتماثيل؛ ويذرون الأحياء الذين يصارعون الموت تحت الأحجار والأنقاض!
في إنقلاب إدراكي جذري عن المثل الدارج:(الحي أبقى من الميت). لأن في نظر عمّال الإنقاذ هذه الأحجار أكثر خلودا وبقاءً من هؤلاء الأحياء المصارعين للموت.

القصة الثانية: هذا العربي صديقي الوفي..

يعرض مشهدًا لضحية من ضحايا الزلزال تحت الأنقاض يُبدي سعادته لنجاة كلبه الذي كان المُنقذ له في إشارة واضحة على وفاء الكلب الأعجم الموصوف بالعربي، وكأنه يتحدث العربية عن بشر عاشرهم وخالطهم؛ لكن لم يجد منهم نجدةً ولا مؤازرة في هذا الوقت العصيب بين الحياة والموت.

القصة الثالثة: زلزال الرحمة

حينما تنقلب النقمة رحمة، والمحنة منحة…«وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم..». صدق الله العظيم.
بكاء الحاكم على أطلال دولته، لم. يكن على الضحايا المدنيين؛ لكن على زوال سلطته: فقد أضحى حاكمًا دون محكومين يسومهم سوء العذاب والاستبداد.
فكان موتهم شهداء الزلزال ونجاتهم من نير الاستبداد والاستعباد تحت سلطة هذا الطاغية رحمة من رب العباد.

القصة الرابعة: ألم وتمنٍ

نحن أمام مواطن في بلد لم يطله دمار الزلزال، يطالع آثاره المأساوية في إحدى دول الجوار المنكوبة من شاشة تلفازه، ألجمته الصدمة..
غيّر القناة بالريموت ليشاهد ويستمع إلى مقطع من أغنية وطنية لمطربة شهيرة، تتمنى الرفاهية للبلاد والعباد.. في مشهد زلزالي داخلي لدى هذا المواطن الذي يرى ويسمع أقوالًا رنانة لرغد عيش لم يتحقق للإنسان العادي في وطن زلزله سوء الخدمات وفساد الحكومات.
.
اللغة بسيطة واضحة لأديب برع في سبك هذه الرباعية القصصية في قالب سردي بليغ.
الآثار المزلزلة لإنهيار البناء الإنساني أبلغ وأفدح من الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير والسيول.
تدمير الإنسان لبنية أخيه في الإنسانية أسوأ أثرًا من آثار الكوارث الطبيعية التي يرى البعض فيها نجاة وحياة خالدة في العالم الآخر.
في الختام أحيي صديقي القاص المبدع متمنيا له دوام التوفيق.
في أمان الله.
الأربعاء 2023/9/27

التعليقات مغلقة.