قراءة في منشوري / لمسات بيانية بقلم / مدحت رحال
وتركنا عليه في الآخرين
نشرت في باب / تأملات في القرآن الكريم ما يزيد على المائة منشور
ولا يزال لدي الكثير منها لم أنشره بعد .
وقبل أن أعود إلى منشوري الأخير / لمسات بيانية في سورة الصافات
أود أن أوضح منهجي في هذا الباب ، ليسهل على الإخوة القراء فهم منشوراتي .
منشوراتي في هذا الباب تدور كلها حول سؤال محوري ملخصه كلمة واحدة : ( لماذا )
محاولة فهم لماذا جاء النص القرآني هكذا .
مثلا :
في سورة الواقعة وردت عبارة :
ثم إنكم أيها الضالون المكذبون
وفي نفس السورة وردت :
ثم إنكم أيها المكذبون الضالون
..
في سورة الحجر وردت :
تلك آيات الكتاب وقرآن مبين
في سورة النمل وردت :
تلك آيات القرآن وكتاب مبين
..
كلمتي السمع والبصر وردت في القرآن الكريم يتقدم فيها السمع على البصر إلا في سورة الكهف تقدم البصرعلى السمع
..
في سورة الإسراء وردت الكلمات :
إذأ ، وإذأ ، إذأ
مرة دون واو ومرة بواو
وهكذا ،
في كل ذلك أحاول دراسة الآيات وحيثياتها لأصل إلى إجابة على سؤال : لماذا هذا الإختلاف في التركيب .
أنا لا أفسر الآيات ولا أرجح بعضها على بعض إن اختلفت ،
ولكني ابحث في : لماذا
وسواء أصبت أم أخطأت فإن ذلك لا يؤثر في فحوى ومعاني الآيات .
..
من هذا المنطلق دخلت على سورة الصافات محاولا فهم :
( لماذا )
لماذا وردت / وتركنا عليه في الآخرين عند أنبياء ولم ترد عند أنبياء آخرين .
وأشرت في مقدمة منشوري إلى أنني أسترشد بما قاله الدكتور / السامرائي ، وهو من هو في الغوص وراء اللمسات البيانية في القرآن الكريم .
وفي هذا رد على الصديق الذي علق على منشوري وقال إنه لم يسمع بهذا التفسير من قبل .
وأقول أيضا إن كثيرا جدا مما تناولته في مسألة ( لماذا ) لم يذكره أحد من المفسرين :
لأنه مقارنه آية في سورة ما بآية مشابهة في سورة أخرى ،
لم يتطرق إليه أحد فيما أعلم .
..
أنا لم أقل إن الله لم يترك لنبي الله لوط ويونس عليهما السلام ذكرا في الآخرين كما توهم الصديق .
انا حاولت أن أفهم ( لماذا ) لم يقل سبحانه وتعالى عنهما ذلك كما قاله عن إبراهيم وموسى وهرون وإلياس عليهم السلام ،
مستأنسا بواقع الحال لكل منهم مما جاء في القرآن الكريم .
..
يذهب الصديق إلى القول بأن لوطا قد ذُكر في القرآن الكريم كثيرا ببنما لم يذكر إلياس عليهما السلام إلا مرة واحدة فيما أظن .
هذا لا يستوجب أن يذُكر إلياس كما ذُكر لوط عليهما السلام ،
فلكل مقام مقال .
وهذا موسى عليه السلام قد ذُكِر في القرآن أكثر من مما ذُكر محمد عليه الصلاة والسلام ،
ولا جدال في أن محمدا عليه الصلاة والسلام أفضل من موسى عليه السلام ،
فقد ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام قوله ما معناه لو وُجد موسى في زمني لما وسعه إلا أن يتبعني .
نحن مأمورون بأن نؤمن بجميع الأنبياء والرسل ولا نفرق بين أحد منهم ولا نفضل بعضهم على بعض وهذا من أركان الإيمان عند المسلمين ،
اما التفضيل فذلك شأن إلهي :
( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض )
..
أما قول الصديق بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
رحم الله أخي لوطا فإنه كان يأوي إلى ركن شديد
هذا يمكن أن يحسب على لوط عليه السلام وليس له ،
وقد نعتبره سببا في أن الله سبحانه وتعالى لم يقل : وتركنا عليه في الآخرين ،
فقد قال لوط للمَلكين وهو يظنهما فتيين :
( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد )
فقد نسي من هول الموقف أنه يأوي إلى ركن شديد ،
ولم يقل كما قال موسى وهو في موقف أشد هولا محصورا بين بحر وعدو عندما قال قومه
( إنا لمدركون )
فقال : ( كلا ، إن معي ربي سيهدين )
..
قولي في المنشور إن لوطا لم يدع قومه إلى شيء محدد فلربما خانني التعبير ،
ولكنني قلت إنه أنكر وعاب على قومه ما هم فيه من فاحشة .
..
أما يونس عليه السلام فقد خرج مغاضبا قومه دون أن يأذن الله له بذلك فألقاه الله في بطن الحوت في ظلمات ثلاث .
وكان دعاؤه :
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين إقرارا منه بالخطأ ،
بل لقد وصف نفسه بأنه كان من الظالمين ،
..
ولكني قلت بأن لوطا ويونس عليهما السلام قد شملها الله بالسلام في آخر السورة .
..
كانت هذه الحيثيات عن الأنبياء الذين ذُكرت أسماؤهم في سورة / الصافات هي التي استندت عليها في فهم :
( لماذا ) قال سبحانه وتعالى : وتركنا عليه الآخرين لبعض الأنبياء ولم يقلها للآخرين ،
مسترشدا بلمسات بيانية للدكتور/ السامرائي .
..
وفي كل الأحوال فإن الخطأ في هذا الباب : ( لماذا )
لا يضر بالآيات ولا يغير من دلالاتها شيئا في كل المواقف التي عرضت لها لأنه محاولة فهم : ( لماذا )
ولا يتطرق إلى جوهر الآيات .
والحمد لله رب العالمين ،،
مدحت رحال ،،
التعليقات مغلقة.