موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قراءة في نادرة من نوادر جحا:بقلم/ عاشور زكي وهبة

179

قراءة في نادرة من نوادر جحا :بقلم / عاشور زكي وهبة


(تمهيد)

النادرة حيلة اخترعها الفكر العربي الجمعي لنقد الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية العربية في صدر الإسلام مرورًا بالعصرين الأموي والعباسي وصولًا إلى الحقبتين المملوكية العثمانية لوجود صراع فكري وأيديولوجي وسياسي ثقافي في تلك الأزمنة المتعاقبة.
النادرة ذات علاقة وثيقة بالفكاهة والمزاح حتى لا يستهجنها بطش الحكّام وتلقى آذانًا صاغية من العوام. وقد كانت شفاهيَّة يتناقلها الناس جيلًا بعد جيل حتى بدأ عصر التدوين والكتابة، فلاقت رواجًا في العصرين الأموي والعباسي حتى كتب الكثيرون في هذا الفن وصبغوا هذه النوادر بصياغة عصورهم وتناولتها أيدي الانتحال والتحريف والزيادة حسب رؤية الكاتب الجديد وطبائع عصره.
أولًا: عرض النادرة
إليكم إحدى هذه النوادر الجحوية من كتاب:( ابتسامات جحا الحكيم الساخر ل/ محمد إسماعيل الجاويش- دار العلم والإيمان- دمشق 2007 صفحة 8)
” ذات يوم ذهب جحا ومعه قصيدة شعر إلى حاكم البلدة ومدحه بها، ولم يستحسنها الحاكم فأهداه بردعة حمار، فوضعها جحا على كتفه وخرج، فقابلته زوجة الحاكم وسألته: ما هذا الذي تضعه على كتفيك يا جحا؟
فقال: يا مولاتي، مدحتُ مولانا الحاكم بأفخر أشعاري فأهداني أفخر ملابسه.”
ثانيًّا: قراءتي للنادرة
هذه النادرة الفكاهية الساخرة تفضح تلك الشرذمة القليلة من المادحين للحكّام الظلمة الفجّار في كل زمان ومكان. وذلك لعلم هذا الحاكم أنّ هؤلاء الشعراء المتغنّين بعدله رغم ظلمه الظاهر، وحُلمه رغم بطشه القاتل، ما هم إلا مجموعة من المنافقين المرتزقة الذين يتزلّفون للنظام طمعًا في منصب أو حفنة نقود أو بأضعف الإيمان – حسب إيمانهم الضعيف أو المعدوم أصلًا- تجنبًا لجبروته. فما يكون جزاؤهم إلا بردعة حمار؛ لأنّ هذا الحاكم الداهيّة ليس مُغفّلًا حتّى يرضخ لنفاقهم البيّن، ويكتفي بمنحهم بردعة لعلمه المسبق أنّهم منافقون كاذبون…
يضع عليهم برادعهم ثمّ يمتطيهم كالحمير، وهم يمدحونه ويسبّحون بحمده ليلًا ونهارًا بصوتهم المنكر النشاز الشاذ عما يضمره المجموع عن هذا الباطش الظالم.
هم جزءٌ من زبانيّته لا يمتلكون يدًا باطشة أو أسلحة فتّاكة؛ لكنهم يحوزون عقولًا خربة مُخرّبة تزيّن الباطل بقشرة واهية من الحق، وتُغلّف الظلم بطلاء فاتح من العدل وتصمّ البطش بغطاء ضئيل من الرحمة. لهم قدرة مذهلة على قلب الحقائق والتلاعب بالعقول حتّى أضحوا دوابًا للسلطان ومطاياه المنبطحة لدحر العقول المستنيرة التي لا تنطلي عليها تغييب الألاعيب المنافقة ولا تزجرها أيدي الزبانية الماحقة.

التعليقات مغلقة.