قراءة نقدية لأستاذ موسى الزعيم للقصة القصيرة جدًا ” انهيار” لعاشور زكي
قراءة نقدية لأستاذ موسى الزعيم للقصة القصيرة جدًا ” انهيار” لعاشور زكي
القصة الفائزة بالمركز الأول في مسابقة النصّ الثري الجولة 21 في مجموعة ( نصوص ثرية بالومضات ) د. سماح عبدالحليم مع قراءة ونقد الناقد السوري الجليل موسى الزعيم . أتمنى لكم قراءة ماتعة.
اِنْهِيَارٌ
بُعِثَ ذو القرنينِ لمعاينةِ السَّدِّ؛ أذهلهُ غزوُ الهمجيَّةِ لطبائعِ البشرِ. وصلَ إليه، وجدهُ مدكوكًا؛ وجحافلَ الهمجِ الجُدُدِ من كلِّ حدبٍ ينسلونَ.
……………………………………………………..
قراءة ونقد الأستاذ الناقد السوري موسى الزعيم :
تبدأ القصة من العتبة النصّية /انهيار/ والذي يشكل الذي يشكل الحالة الأولى التي تلف النصّ لكنها تتفق بعد قليل ليظهر الانهيار على حقيقته؛ والانهيار من المصطلحات التي درجت هذه الأيام واتّخذت حقلًا دلاليًا جديدًا وخاصة على الصعيدين الأخلاقي والاجتماعي…
العنوان يشكل بحدّ ذاته حافة تجعلنا نقف.. نلتقط أنفاسنا علىجرف النصّ والعنوان؛ استطاع إثارة المتلقي لما بعده وخاصةً باستخدامه صيغة المصدر النكرة.
… في المتن يستلهم الكاتب الحدث التاريخي من جهة الموروث الديني؛ فيتخذ قصّة ذي القرنينِ مهادًا له والقصّة معروفة حتّى لدى العامة. فعودة ذي القرنين إلى الحياة في النصّ، ما هي إلّا رؤية الكاتب أو المبدع في البحث عن حياةٍ أكثر نقاءً ؛ فذو القرنين عاد من جديد ليطمئن على أحوال الناس بعد أن سدَّ عنهم منافذ الخطر، من خلال منع قوم/ يأجوج ومأجوج/ من إفساد حياة الناس مهنا ما يرمز إلى الخير والشر في الطبع البشري.
لكن المفارقة أن ذي القرنين يذهل لما آلت إليه حياة البشر من تغيير في الطباع البشرية ليس تغيرًا فقط…فالهمجية التي أصابتهم أعادتهم إلى سيرتهم الأولى من التحضر؛ وأحسب أنّ الكاتب وُفق تمامًا من خلال استخدام المصدر الصناعي/الهمجيّة/ كلّ ذلك رآه ذو القرنين قبل أن يصل إلى المكان المفترض أن يشكل خطرًا على البشرية.
… وجد المكان مدكوكًا كما هو عليه لم يغيره الزمن ؛ لكم المفارقة التي غيّرت مجرى النص وساقته حدّ الإدهاش كانت بانهيار منظومة القيم الإنسانية عند الإنسان وعودته إلى سيرته الأولى، حيث شرع الغاب.
القصّة من استلهامها للنصّ القرآني تجعلك تعيد قراءة القصّة التاريخية لذلك الحدث وتتأمل الواقع العربي خاصةً والإنساني عامةً.
من جهةٍ أخرى استطاع الكاتب أن يُبقي خيوط اللغة على اتصالٍ وثيقٍ مع النصّ القرآني من خلال ألفاظ/ السدّ الردم ينسلون../
في العودة إلى العنوان نجد أن الرمزية تحققت تمامًا في النصّ؛ فالسّدُّ يُقرأ على أنّه الحصن الأخلافي للبشرية وكذلك حقق النصّ الإدهاش بمجمله وليس في الخاتمة فقط من خلال المقارنة بين واقع الأمة في الماضي والحاضر.
هو.. هاجس البحث عن رؤيا نظيفة ينتهجها من خلال واقع مأساوي نعيشه من خلال انزياح القيم ؛ فالهمج جاءوا على شكل جحافل… والانهيار سيستمر طالما لم يكن هناك حصن داخلي يردع النفس البشرية التي استمرأت طعم الدّمَّ اليوم.
يُسجل للكاتب عنايته واشتغاله على اللغة من خلال ضبط الكلمات ؛ نصٌّ أقل ما يُقال عنه أنّه رصينٌ.
التعليقات مغلقة.