قسوة بقلم إبراهيم مصري النهر
ظل أحمد متمسمرا في مقعده حتى خرج كل تلاميذ فصله، ثم خرج كاللص يخشى أن يراه أحد، يضع حقيبته أمامه ليغطي بها أعلى ركبتيه ويلصق ظهره بالحائط، يتحين فرصة خلو الطريق من المارة ويركض.. رأى رجلا قادما من بعيد؛ جلس يعبث في حقيبته حتى تخطاه، ثم قام يجري حتى وصل إلى ترعة بمحاذاة الطريق وألقى بنفسه فيها، ولولا صياد قريب انتشله لغرق.
عند وصوله إلى البيت عاقبه أبوه على تأخيره وبلل ملابسه واتساخها.. لكنه برغم الضرب والعقاب كان سعيدا أن استطاع أن يخدع أبيه ولم يعرف الحقيقة.
أحمد تلميذ في الصف الثالث الابتدائي، ذكي -والأذكياء شديدو الحساسية- خائف، قلق، ومضطرب؛ أبوه دائما يلومه ويعنفه على كل شاردة وواردة في البيت، ومدرسه يعاقبه ويضربه على كل كبيرة وصغيرة في المدرسة.
ففي هذا اليوم قام المدرس بتسميع النصوص، وضرب غير الحافظين ضربا مبرحا، وما أن جاء الدور عليه إلا وبردت أطرافه، وعلت أنفاسه، وكاد قلبه أن ينخلع من مكانه، وغدا كلوح من ألواح التختة التي يجلس عليها.
طلب منه المدرس أن يُسمِّع، لم ينبس أحمد ببنت شفة، صاح فيه بصوت عالٍ: ألم تسمعني يا غبي؟! .. سمع.
لكن أحمد كان خارج التغطية، لم يبد أي إستجابة.. لا يسمع، لا يرى، لا يتكلم.
زمجر المدرس واقترب منه بعصاة من الجريد الأخضر ليعاقبه؛ رأى قطرات ماء تتساقط وأسفل المقعد مبلل.
التعليقات مغلقة.