موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“قصة الحياة في ابتكارات الفنانة منى علي”دراسة نقدية لنيفين الرفاعي”ج2”

296

“قصة الحياة في ابتكارات الفنانة منى علي”دراسة نقدية لنيفين الرفاعي”ج2”

و تميزت بتكثف التفاصيل في مجمل محيط العمل مع قنص للمساحات المضيئة مقابل نظيرتها في الظلال .. ليحدث بعد ذلك تحول في تناولها لتلك المثيرات لديها باستخدام تقنية فن الفسيفساء “الموزاييك ” ، والذي يتميز في تجاور القطع المنتظمة مع حرة الحواف ، بإعطاء إحساس متفرد بالحركة والإهتزار علاوة على لمس الشعور البصري بالظلال والضياء عن طريق الغائر والبارز من قطع الخامات الخام ، والتي تنوعت مابين الأحجار الطبيبعية والجرانيت والأزمالت والأخشاب ، وقد طوعتها ” علي ” في عدة أعمال موحية بالدوران واللانهائية تحت خلفية فكرية تعبر عن فن الرقص والموسيقى . وهنا يلحظ المتلقي أن للخامات صفات فردية لابد من أن يتفهم طبيعتها فنان واعِ ويعمل على إستغلالها ، بيد أن الخامة لا تبوح بأسرارها على المشاع ، بل هي في حاجة إلى مكتشف يتحايل عليها ويعاملها بألفة وتوحد ليرى ما لا يراه الآخرين، وينطلق ليخلق فيضاً من التداعيات غير التقليدية حاملة تجارب الإنسانية مع الطبيعة كمجال ملهم لإبداع الفنان .
  وعلى الرغم من أن تقنية الموزاييك تختص بإظهار التفاصيل ودقائق الأجزاء ، إلا أن “علي ” كانت تجد أنها في توق إلى التلخيص مع إعطاء ذلك الشعور بروح الطبيعة دون تفاصيلها ؛ فأصبحت رؤاها التجريدية في أعمالها بأشكالٍ هندسية وخطوط مستقيمة مع منحنيات عضوية ، وذلك بتحقيق عدة قواعد تصميمية من وحدة وسيادة وتنوع وإيقاع ونسبة وتناسب بين أجزاء مجمل التكوين ، وقد تجسدت تلك الأعمال الموزاييكية بقطع منمنمة من الخامة تحتل المساحة بأكملها ، أو تكتفي “علي” فيها بمساحات ملونة من المونة مطعمة بقليل مقتصد من القطع المتناثرة في مجمل التكوين .. و ذلك لوصولها إلى حالة من الرضا للناتج التعبيري ، مثل لوحة لها تحاكي فيها فنار المنتزة الشهير بمدينة الإسكندرية ، حيث بدأت في تحضير المسطح باستخدام المونة الملونة بدرجات اللون الأزرق والفيروزي للتعبير عن سماء وبحر المدينة ، ورصعت المادة بالأحجار وكثفتها عند رمز الفنار ، و من ثَم في لحظة يقين للفعل الإبداعي أجزَمت بانتهاء المنتج وذلك بشعورها الهانيء بالحقيقة الفنية المنشودة.

ثم كان الإستقراء مع التعمق في خامة الخشب هو مادة الفنانة ” منى على ” البحثية في تجربة بحث “الدكتوراة” ، التي عشقت تجاعيد أليافها وكأنها وجه لعجوز طيب صموت يختزن الكثير للبوح ،  لتقبض على ملاذها التجريبي والذي جعل لديها غزارة إنتاجية تخرج في صورة معرضين تستعرض بلاغة التعبير بتلك الخامة الغنية ، ، بحالة من الصوفية تستشعر فيها بالتسبيح الخفي لهذا الجماد الحي الذي تغفله الروح وتغيب عن كيانه المتنامي ، مثلما كانت الشعوب القديمة تحاول الإستماع إلى صوت تجده في أشياء تنتمي إلى الطبيعة.. توحدت معه في تبصر داخلياته وجعلت منه بطلاً بحضور قوي في الأعمال حين تتداخل معه خامات أخرى ، مستخدمة إياها لتؤكد المعاني التعبيرية الخفية بداخلها ؛ فالحجر تستغله لتؤكد التعبير عن الصمود والقوة ، بينما تطوع الزجاج ليحمل التعبير بالدقة والنعومة والشفافية والحدة أحياناً .

خنادقها الإبتكارية مع الخشب لا حدود لها .. حيث تستنكر كونه يُستخدم في تشكيل قطع الاثاث بطرق زخرفية فاستغلت هذا النوع من التقطيع له ” الماركتريه ” لتصنع بأسلوب تجريبي أشكالاً من قشرته البديعة ؛ فتتكون الأحرف العربية أو اليابانية الطابع وتتداخل في تكوينات مع قطع أخرى غير منتظمة من الخشب أو النحاس في تجانس يتخلله خطوط رقيقة من الألوان الخشبية لأشكال رسمتها الفنانة  .. أو  تلهو قطعان الغزلان في عدد من اللوحات وتحدد خطوطها الخارجية بقلم غليظ ملون منطلق بين الأشكال .

وقد كان لها بُعداً انتقائياً وإنشائي للأشياء بإعادة استخدامها وتطويعها في العمل الإبداعي ؛ فكانت تغزو في نهم أسواق الأشياء القديمة لتقتني العناصر الخشبية وتعيد إحيائها في إحداثيات جديدة ، ليعطي إستخدام أجزاء الخشب في أعمال ” علي ” وقعاً و إيحاءات لمنحوتات لم تصنعها يد ؛ كفلاحة تحمل جَرة أحياناً أو راقصة “باليه” ،

أو غيرها من الموحيات السوريالية لتلك الأجزاء الخشبية الغنية ، والتي تعينها كفنان تجريبي في ديمومة البحث لإيجاد حلول غير تقليدية تجمع بين التصميم والتعبير وتطويع الخامات الوسيطة ، و الخامة عند ” علي ” هنا لا تتقيد بأسلوب أو طريقة معينة للتشكيل وإنما إعتمدت على قدرة الفنانة في استثمارها لبقايا الخامات ، وابتكاراتها التجريبية غير المحدودة ، واستدعائها للتداعيات البعيدة .. معطية الجماح لطاقة الخامة ذاتها ، ومفرغة فيها إنفعالاتها وإحساسها.

تطلق على الخشب صفة البكارة ، وتحاول الحفاظ على عذرية كيانه قدر المستطاع في استخدامه ،بمفهوم إيقاع المادة نفسها ، والذي يصعب بلوغه في ظل حضارة سيطرة الآلات.. حتى أنها تخشى ترك توقيعاً في أغلب أعمالها الخشبية مثلماً تتجنب قدر المستطاع إضافة الصبغات عليه ، حيث تشعر بانها تفعل جُرماً إذا ما غطته بالألوان والتدخلات الكيميائية ، معطية للخامة قدسيتها ، فارضة جلالها الموحي ، في إيمانٍ بأن تلك الثمرة السميكة حلقاتها التي توجد أحيان في سطح الجزع تمثل بصمة لها فرديتها ، و التي يعتبرها الكثيرون عيباً وخللاً في الخشب .


 
في خلوة الفنانة ” منى علي ” الهادئة ، تتأمل كمشهد يومي تتابع نمو شجرتها أمام منزلها ذات أزهارها الحمراء الصغيرة المبهجة ، وكيف يقفز جموع الغربان الحكيمة  فوق الضعيف من جزوعها لاختبار قوتها في الصمود و اجتياز دورة وقسوة الحياة ، بينما في الخريف تشهد في حزن ذبولها و تؤمن بموتها ، لتحيا من بعض أغصانها البراعم مرة أخرى بأمر من الخالق ، وتقرن تلك الصورة الخلابة بحكمة تَلاحق مراحل الحياة وتتابع أزمنتها .. و تمتن لأثر الزمن على وجهها المريح مثلما تعشق تجاعيد الخشب لأنه ببساطة تجمعهما سمة واحدة ،ألا وهي .. بصمة الحياه وقصة خبراتها.
نيفين الرفاعي

التعليقات مغلقة.