قصة قصيرة “اغتيال ” بقلم حسين الجندي
أكثر من عامين وهو يقوم بالتدريس لها في بيتها…
هي بنت جميلة لم تتجاوز العاشرة…
عمرها العقلي يفوق عمرها الزمني بكثير…
تدخل إليه منكسرة يخرج من عندها وهي منتشية!
تمسك برِجْله وكأنها تستعطفه ألا يمشي!
طالما حملقت في وجهه وشردت!
عندما يوقظها يراها تبتسم بعذوبة وبراءة!
لم تر فيه معلما بل وجدت فيه ضالتها…
لا لا لقد وجدت فيه حياتها التي لاتحياها!
تفتح دولابها لتعطيه لعبها الثمينة ليعطيها بدوره لأولاده الصغار…
يَتَمنَّع بإصرار فتحزن…
تمازحه كوالدها وترتمي في أحضانه…
يشعر بالحرج فيحاول إزحاتها بهدوء حتى لا يجرح مشاعرها البريئة…
تخرج فجأة وتعود فتخطف حقيبته وتفتحها وتضع فيها كل ما في حِجْرها من أنواع الحلوى والسكاكر والشيكولاتة!
بلا مبالغة…
لقد وجدت فيه سعادتها التي لم تعرف طعما لها إلا على يديه…
والدها غالبا لا يتواجد…
فعمله لا يفارقه كشأن كل رجال الأعمال…
رآه فقط في بداية دخوله البيت من باب التعارف…
هو شخص حازم صارم بارد المشاعر …
لا تستطيع التحدث معه فهاتفه لا ينقطع عن الرنين…
يعمل ليل نهار وكأنه سيخلد فيها!
والأم لا تعمل فهي من طبقة سيدات المجتمع…
والتي تهتم بكل شيء إلا أسرتها!
فالخادمات تقمن بكل أعمالها البيتية لم ينقصهن سوى الحمل والولادة بديلا عنها!
الفراغ هو سيدها برغم أن من يراها يظن أنها لا تجد وقتا لتنام…
فلا يشغل وقتها وتفكيرها سوى التفاهات والضياعات!
يكاد عقل ابنتها الجميلة يتفوق على عقلها…
ولعلها ورثته من جدها لأبيها…
وهذا ما سبب لها معاناة دائمة مع أمها…
كثيرا ما لاحظ ندبات ولسعات حارقة على ذراع البنت البريئة…
نعم إنها آثار إطفاء أعواد الكبريت المشتعلة في جسد المسكينة!
حاول جاهدا تعويضها حنان الأم المفقود ورعاية الأب المشغول…
حتى صار أقرب إلى قلبها منهما!
لاحظ اختفاء آثار اللسعات لفترة طويلة…
ظن أن محاولاته المستميتة قد نجحت…
لكنه لاحظ أيضا أن الأم قد اختفت!
عرف بعدها أنها في رحلة علاج بألمانيا!
بعد شهرين عادت وهي تضع ضمادات على أنفها!
سافرت مرة أخرى ورجعت هذه المرة بضمادات أكبر!
أكَلَه الفضول…
سأل تليمذته عن مرض أمها همست في أذنه :
أنها أجرت عمليات تجميل في أنفها!
تساءل مستنكرا:
لقد كانت خنسائية الأنف يُضْرَب به المثلُ في الجمال!
لكنه الفراااااغ وكثرة الماااال!
عادت آثار الحريق تظهر من جديد على ذراع المسكينة ولكنها أكثر وأكبر عمقا…
لم يعد قلبه الموجوع يتحمَّل…
قرر المواجهة…
استدعاها…
جلست ووضعت قدما على الأخرى…
وأشعلت سيجارتها ونفست دخانها إلى أعلى قبل أن تعطيه حسابه معلنة عدم رغبتها في وجوده!!!
بعد مرور شهرين…
تلقَّى اتصالا على هاتفه المحمول وكان على الطرف الآخر تلميذته المسكينة… بكلمات هامسة خائفة أخبرته :
ماما ستعيش بأنف صناعية مدى الحياة بعد فشل عمليات التجميل!
وبابا طلَّق ماما…
أعيش مع تيتة…
بكت بحرقة
أغلق هاتفه…
بعد لحظات وصله منها مقطع فيديو وهي تحرق ذراع ابن خالتها بالكبريت وهي تضحك بملء فيها!!!
التعليقات مغلقة.