قصة قصيرة بعنوان عشق النبلاء
تسارعت خطى الزمن ترافق عمره المتربص خيبات متتالية أفقدته ثقته بذاته.
ميار ابن العقد الثالث من عمره ،كان يهوى الفروسية منذ الصغر ،لم يلق تشجيعا من عائلته الفقيرة التي تبحث عن سبل معيشة تقيهم عوز الحاجة،ومن وسط ينظر إليه بعين الاستخفاف لمهارته الفطرية وعشقه للفروسية .
يغادر بلدته لا يعلم أين تكون جهته الى أن يستقر به المطاف بلدة مجاورة، وبينما كان يترقب بزوغ أوائل خيوط الفجر، وهي تتنفس رائحة النور القادمة من جداول تتدقف متسارعة على ضفاف أينعت انبثاق هالة جعلت نبضات قلبه تتوقف لبرهة ،وهو يستمع لصوت دافئ كعذوبة تلك المياه المتسربة بين شرايينه الباردة لترطب روحه أنامل ساحرة توقظه من غفوته ،،
كانت فيروز وكأنها قطعة من نور الشمس.
أيقظته من رحيل بات يتجمد فيه حواس الأمل،،
مترجلة على ظهر حصانها الأسمر .
وكأن القدر أحكم طباق روحيهما بجسد تجاوز نبضهما ليسكت آلام سنين لم يظنا ستعود للحياة .
لم تقاوم النظر إليه وكأنها تخفي آلاما تحرق أوصالها ،كانت نظرات الحصان تلاحقهما بدموع تساقطت على وجنتيها،ليمسحها بقلبه المتسارع النبض ،وكأنها رسالة عشقهما الأبدي .
فيروز ابنة العشرينات يعود نسبها لعائلة ثرية ،تمتلك تلك المساحات الشاسعة من الأراضي وقصر غاية في الجمال بأعلى الهضبة ،،وبينما يتبادلان الحديث أصيبت بإعياء أفقدها توازنها .
ليعلم لاحقا من أبيها أنها مريضة سرطان ،توالى الأحداث مسرعة ليخطف قلبها ميار بصمت تخشى عليه الألم، وهي تحصي سنوات الفقد وتضمد اوجاعها بلغة خاصة مع حصانها الذي يلازمها اغلب اوقاتها .
لاحظ التقارب والامتزاج بين روحيهما نبضات قلب حصانها الذي سلمته فروسيته ،وهي تمده بالاهتمام والرعاية قبل كل مسابقة ،الى أن يعلن عن بطولة دولية بعدما ذاع انتشار انتصاراته على مستوى كل القطر ،وقبل الإعلان عن موعد المسابقة بأيام أصيبت فيروز بوعكة صحية اضطرت الأطباءبنقلها للمشفى ومدها بالعلاج الكيماوي للحد من انتشار المرض .
كانت مقولتها الشهيرة لميار ،،لن نتوقف عن الجري
مهما واجهنا من صعاب .
لكن تلك الليلة انهارت قوة الحصان فجأة واحتار بأمره الأطباء ،،كان صوت قلبها أسرع اليه من أنين ألمه لفراقها ،لتترك المشفى وتعود اليه .
تطلب من الأطباء ان تطببه هي ،مجرد أن لامست روحه أيقظت به عافية مضاعفة ليقف رويدا ويستعيد بسالته .
همست بمسمعه ميار بحاجة لك ،كحاجتنا لزوادة صلابة روحك التي تمدنا قوة الإصرار والمضي الى هدفنا ،وبينما يتأهبون للمسابقة.
للحظات الحصان عاند ميار على الجري ،والجمهور ينتظر بأنفاس متقطعة ونظرات ثاقبة مجريات السباق .
ليقفوا لحظة صمت يتخللها صوت فيروز الذي اذهل صداه الجميع .
لن ننهزم سنواصل الجري هيا يا صديقي .
ودموعها المتساقطة بغزارة، وهي تلامسه بنبضاتها المتأججة احتراقا لفوز هما بداية تحدي لالتحام عشقهما بزمن ضياع مفهوم الحب النبيل .
ليدخل السباق والكل يصفق بحرارة ،وكأنهم قرؤوا لغة غريبة عن عالمهم ،،ودموع الجميع تنهمر بغزارة .
تنتظر لحظة النهايات ،رغم الاعياء الذي تملك الحصان كان صوت ميار وفيروز ينبض الحياة بقلبه .
يوقظ روحه من شرايين تنزف عشقهما
تتسارع خطاه الجنونية لنقطة النهاية ويعلن بفوزهم البطولة الدولية ،يخبرها ميار الآن دورك لا يأس ما زال امامنا متسع كبير من الوقت للجري هكذا تعاهدنا تتعافى فيروز بعد ما تقبل جسدها العلاج لسنوات ،تتحدى المرض بإرادة مذهلة بعدما علم والده بقصة حبهما والندم تسرب لجوارحه ،،ليتفق مع والدها بعدما أجريت الفحوصات ليتطابق زمرتهما سويا ،،ويزرع قلبه بجسدها وهو على فراش الموت تاركا رسالة لهما ما زال أمامكما متسع كبير من الوقت للجري ،يتزوجان بعدها بسنة ويرزقان عذراء .
وبقيت قصة عشقهما منعطفا كبيرا لإرادة التحدي .
ربط على قلوبهم احياء نبل عشق لغز نتاقلته ارادة بطولة نيل جائزة الوفاء لمراسم تتويج أروع قصة عشق نبيل على هذه الأرض بين بشرية اضاعت هوية الحب الحقيقي، وقدرته بتغيير رموز التاريخ لفطرية بشرية سحقت أنقى واسمى معانيها ، ،،
لتتابع عذراء رسالة سامية أمدوها نبض الاصرار ،من عشقهما الأسطوري .
لتحيي كل نبض انصهر ببوتقة حب الذات والأنانية بزمن غابت فيه معاني رسائل العشق النبيل ،لتكون أكبر فارسة على مستوى العالم من رحم ارتوت منه سنن الوفاء ومعنى ارادة التحدي بعدما عاشت مرارة الفقد لتحتضن امانينها بمقولتهم الشهيرة ،،
لا مجال للتوقف ما زال أمامنا متسع من الوقت ،
ونور الشمس لن ينطفئ ما دامت على الموعد توقظ البشرية من حجرة الانهزام وتمدهم عزيمة إرداة عشق النبلاء،.
بصمة لا تنمحي من صفحات الزمن ،،،
بقلمي//هيفاء البريجاوي//سورية
التعليقات مغلقة.