قصة قصيرة : ثقوب لا يفيدها الرتق بقلم عصام الدين محمد أحمد
ثقوب لا يفيدها الرتق
أنت في حيرة؛ هكذا أتخيل!
ينهشك العالم المحيط ؛ أو قل صدقا أنك تنهش العالم !
لا يمكنك التواؤم معه او الانسجام فيه.
خطوط قاتمة تلتف حول عنقك، تكبل خطواتك، تركسك أسفل دهاليز الخبل والوهم.
انقصمت عُري التواصل مع عوالم ظننت أنها شاركت في تكوينك.
الشُقة بعيدة بين الذكرى والواقع ! بالفعل هذا ما يجب تذكره!
دوما تكبح جوامع فكرك، لا تجرؤ علي اقتحام اغلفتك المصمتة.
يقولون إن البوح هو سبيل النجاة من دوائر القلق والتوتر.
يتملكني اليقين أنك لا تعتقد في صدق هذه المقولة !
صرت تكفر بكل المظاهر، تشك في كل الناس، وتتلبسك الريبة !
ها أنت الآن تجيد المروق والخداع، تستحلب مداد الأقلام.
ربما تسعي لإنتاج كلاما منظوما ! أتسعى للشهرة يا متعوس ؟
أتعتقد أن الحقيقة لا يملكها أحد ؟ أتسبر غور مسارات الفهم ؟
الوعي غائب عن وجدانك؛ فؤادك أسفل الأقدام، تدهسه الأرجل.
يقولون: الوهم نجاة.
تقول: سمع …هس….
يتخلص منك الكلام فأنت لا تجيد سوى إدعاء التأمل!
غادرت المدينة متعمدا، تهرب من أمك.
دوما تتسلط على وجودك ! أهذا ما تشعر به؟
تملّك وتملّها، لماذا ترضى بالحياة في كنفها ؟ تتأبى أن تكون لك كنفا !
كأنك ربيب مهد تعوزه الهدهدة!
ما هي الأمومة ؟ ربما تكون هراء وعبثاً !
الأحكام العامة غباء؛ تريث قليلا قبل أن تجرفك الأمواج!
النساء كلهن نساء ! أتوصلت لهذه النتيجة بمفردك؟
تشعر بنفورها.
بل تلمسه وتحاكيه ؛ هذا ما جنته الهلاوس!
لماذا لا تعترف أن الحلم سلب قدرتك علي المكوث جوارها حيث تحتاج السند.
جينات المناعة بتركيبتها الكيميائية المتنافرة لم تخلف فيك إلا حطاما.
الآن فقط يسافر بك الجنوح خلال دوائر التبرير.
تبتغي أن تكون حياديا، ولكن الفشل يحيق بك.
لو شعرت أنها تريدك جوارها لتبدل الحال، وأكتسى ثوبا قشيبا؛ لا تتغابى بالتزييف!
بالفعل قررت التخلص منك، بل أنت قررت الهرب !
ربما ربكة كثرة العيال دفعتها لتصرفات تبدو قاسية !
لم تتمكن ذاكرتك من التخلص منها، كيف تتخلص منها وأنت جزء منها ؟
طرقات الحياة لم تخفف من حدة شعورك بالأسى، بل زادتك صرامة وتجبرا.
أليس من حقي الشعور بالدفء؟
بالطبع يحق لك، ولكن أليس من حقها أن تجني ثمارها؟
تهرب الأنا من سجن إلي سجن ، تتقوقع، تتشرنق؛ أليس كذلك؟
هذا الأنا سافر الوجه تلقائي الحديث لا يجيد التلعثم والنكوص، ولكنه “أنا” تغلفه أوراق حوانيت الغواية !
نسيت أن أقول لك أنه صار طبيبا نفسيا.
أكاديميات البحث العلمي تتلهف لنظرياته المفسرة لخلجات النفس.
لم تسبغ عليه دراسته ألمعية وذكاء بل زادته حيرة.
الآن ينقب عنها، يفتش جيوب ذهنه المرتقة، للأسف لم يدركها، فقد سافرت بعيدا!
تذرفه الدموع.
تمت بحمد الله
التعليقات مغلقة.