موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قصة للأطفال أمطار صنعاء بقلم عبدالله عبدالإله باسلامه

188

قصة للأطفال
أمطار صنعاء
بقلم عبدالله عبدالإله باسلامه

عندما نزل المطر لأول مرة على مدينة صنعاء.. أصيب الناس بالفزع، والخوف الشديدين ؛
فلم يسبق لهم أن شاهدوا الماء ينزل عليهم من السماء …فقد كانوا يعتمدون في حياتهم على الآبار القريبة، والعيون المنتشرة تحت الجبال .
وزاد صوت الرعد العنيف، وضوء البرق القوي زاد من رعبهم وفزعهم ..
في البداية ظن السكان أن جيوش الأعداء قد أحاطت بالسور الذي يحمي المدينة، وأن صوت الرعد صادر من الطبول الحربية العظيمة التي يمتلكونها، وأن البرق هو مشاعل قوية تومض وتختفي بسرعة خلف قمم الجبال التي تحجبها السحب، وأن العدو يرشقهم بسهام من الماء !!

تحصن الناس داخل بيوتهم وامضوا ليلتهم في خوف، وترقب ، وحذر … وعلى خيوط الفجر توقف المطر خرج الناس و هرع الملك مع حراسه وحاشيته وعلى رأسهم وزيره الذي فشل في إخفاء اضطرابه فأخذ يرتعد في تلك اللحظة من شدة الخوف…وعند باب القصر احتشد كل رجال ونساء المدينة بسيوفهم، وخناجرهم، وأسلحتهم لمعرفة ومواجهة هذا العدو الذي بلل مدينتهم بالماء، فاعتلوا الأسوار وأخذوا ينظرون بدهشة إلى مسطحات الماء المتجمع حولهم داخل وخارج السور …وبعد تردد طويل قرروا ويحذر شديد فتح باب اليمن وهو الباب السور الرئيسي ، وبحذر شديد خرجوا يفتشون في كل مكان ، لكنهم لم يجدوا شيئا غير برك من الماء .

أشار الوزير على الملك بأن لا يقترب أو يلمس أحد تلك المياه فقد تكون فخا، كما أشار عليه إرسال العيون والجواسيس حول المدينة ففعل الملك ما أشار به الوزير فقد كان الملك يثق به ويعرف مدى حذر وحرص وزيره على مصالح المملكة، بعكس الرعية الذين كانوا يكرهون الوزير لكثرة شكوكه، وسوء ظنه الدائم وهو ما كان يؤدي إلى رمي كثير من الأبرياء في السجن .

أما الملك فقد عمل بنصيحة الوزير وأرسل العيون والجواسيس إلى خارج حدود مدينة صنعاء، وسريعا ما عادوا وهم يبشرون الملك بأن لا وجود لأي غرباء… وأن عيون الماء التي كانت مصدرهم الوحيد قد امتلأت ،وفاضت، وان الماء قد تجمع في شكل بحيرات في بطون الأودية .

شعر الملك بشيء من الارتياح لكن الوزير المرتاب اسرع في تبديد حسن ظن الملك مشيرا عليه بأن يمنع الناس من شرب الماء مدة اسبوع خشية أن يكون العدو قد رشقهم بالسم ليمتزج مع مياه الينابيع والابار التي يشربون منها من أجل أن يهلك المملكة بالسم البطيء .

فأصدر الملك أمره للناس بعدم الاقتراب من الماء ،وأن يصوموا عنه مدة اسبوع كامل ..فاذعن الناس لأمر ملكهم المحبوب.. ومر الاسبوع على الناس والحيوانات بصعوبة، حتى أن بعض الحيوانات هلكت من العطش داخل الزرائب والحضائر…وزاد من مشقة الناس حين كانوا يتطلعون إلى صفحات الماء التي تملأ شوارعهم وأراضيهم،وتعكس ضوء الشمس على وجوههم الشاحبة ،و رؤية العصافير والكلاب وهي تلعب و تشرب وتسبح دون أن يصيبها شيء ،مما زاد من مشقتهم، وتذمرهم .

وما كادت تنقضي آخر ساعة من أيام الاسبوع حتى انطلق الناس يعبون الماء ويسبحون ويلعبون ويلعنون في سرهم الوزير الذي همس من جديد في اذن الملك مفسدا عليه شعوره بالاطمئنان وأشار عليه بأن يبعث العيون إلى كل أرجاء المملكة ليطلع على كل الحصون والثغور، وان يرسل الرسل والسفراء إلى الأعداء ليستوثق من سلامة العهود بينهم ولعلهم يكتشفون سر ذلك الماء الذي أصابهم .

وبالفعل انطلقت العيون، ومواكب الرسل، والسفراء، وفيما الملك ووزيره يترقبان عودتهم بدأت الأرض بالتغير ..فنما العشب، واورقت الأشجار، واعشوشبت الأرض،فكستها بالخضرة ، وازهرت البراعم، واينعت الثمار، وتوافدت أسراب الطيور والعصافير ، وانتشرت خلايا النحل فسأل العسل، وسمنت الأبقار، والماعز فدر من ضروعها الحليب، وجلودها بالصوف، وثقلت غصون البن والرمان والعنب وغنت بمحاصيلها.

وبعد شهور عاد الرسل، والسفراء يبشرون الملك بأن كل شيء على ما يرام، وأن الحصون، والثغور قوية، والملوك يرسلون له خالص التحية، وان الجبال الوعرة قد كستها الخضرة والأرض القاحلة قد انبتت و…

والتفت الملك نحو وزيره لكنه لم يجده فبعث بمن يحضره، ويتفقد أمر غيابه، فلم يجدوا له أثر ،تعجب الملك وشعر بالقلق على وزيره فذهب بنفسه إلى غرفة الوزير فوجده ملقى على الأرض، وقد تحول جسده إلى هيكل عظمي ، وهو يلعق الأرض من شدة العطش فأمر الملك حراسه بجلب الماء، ورفع رأس الوزير وأخذ يسقيه جرعات صغيرة حتى ارتوى، وما أن رفع الملك الإناء حتى نظر إليه الوزير نظرة واحدة، ثم لفظ بين يديه أنفاسه الأخيرة .

عبدالله عبدالإله باسلامه
اليمن / ذمار 2021م

التعليقات مغلقة.