قصة للنقد:حقيقة لن تصبح عارية.. للأديبة مايسة إمام إبراهيم
قصة للنقد:حقيقة لن تصبح عارية.. للأديبة مايسة إمام إبراهيم
أسعد الله أوقاتكم أصدقائي الأعزاء:
إليكم نص جديد للنقد، أرجو أن تجدوا فيه ما يثير فضولكم والتعليق عليه
النص / حقيقة لن تصبح عارية
دلف من باب مروحي ، يترنح ترنح أولئك الذين اكتظ بهم المكان وامتزجت رائحة عرقهم برائحة الخمر ففاح العطن ورفض التبخر وكأنه يعلن نفوره وعدم رغبته في نشر تلك الرائحة الكريهه بمكان آخر .وللوهلة الأولى تبدو للرائي ملامحهم كنافخي الكير خاصة مع الحمرة التي صبغت عيونهم فتحولت لجمار ملتهبة ورؤوسهم تتمايل يمينا ويسارا على إيقاع موسيقى لا تختلف كثيرا عنهم وعن طبيعة المكان دخل بزيه المعروف يرسل عينيه الخبيرتين تجولان بحثا عن ضالة ما ، لا يعلم كينونتها غيره تلذ بها نفسه و يرتشف من خمرها دون سكر ولم يمض كثيرا ، حتى اقتنصتها عيناه تعتلي أحد مقاعد البار المرتفعة وقد تدلت من فوقه ساقان من مرمر تبدوان كسيقان تماثيل الآلهة الرومانية القديمة يعلوها خصر نحيل وتمتد خارطة ذلك الجسد الماشق لتصل لوجه خمري قمري يشق طريقه بين السحب شقا ، يتوسطه ثغر شعري الأصل والنسبتوجه نحوها مباشرة بلا تردد واعتلي المقعد المواجه لها اعتلاء المهرة المتمرسين ، مصوبا نظره نحو عينيها مباشرة بجرأة وثقة وقال : بحثت عنك كثيرا فأين كنت ؟ أطلقت ضحكة صاخبة مستهترة ارتج معها جسدها فزاد فتنة على فتنة ، وقالت وهي تمد يدها نحو كأسها :ووجدتني الآن هأهأهأ ؟!قال : نعم أنت ضالتي التي بحثت عنها كثيرا ومد يده يقننص يديها بقوة فتغيرت ملامحها علي نحو مريب وهي تنظر إليه وتنفث دخان سيجارتها في وجهه بتحد واستهتار فطن لاندفاع المراهقة غير المحسوب ، فتراجع سريعا ومد يده نحو جيب معطفه الثمين يخرج وريقات ملونة ومختومة يفوح منها عطر الثراء الذي يعطر الثياب ويطمئن النفوس ، فابتسمت إبتسامة خفيفة وقالت : اخرج وسأتبعك بعد قليلاستجاب لأمرها وهو من اعتاد أن يؤمر فيطاع ، فقد كان كل منهما يعلم بغيته من الآخر ، والأمر ليس بتلك الصعوبة والتعقيد التي يتخيلها البعض من أصحاب المبادئ والأخلاق اصطحبها في سيارته وظل الصمت سيد الموقف لفترة حتى سألها : هل تحبين المال لهذه الدرجة حتى تعرضين نفسك ثمنا له ؟ أجابت بهدوء ولا مبالاه : المال وسيلة للمتعة والامتلاك والراحة وهي بالنسبة لك كذلك وإلا مابحثت عني لتحقق ماتريد فكيف لا أحبه ؟نظر إليها نظرة ذات مغزى ودلفا معا من السيارة.إلى منزله الكائن في منطقة هادئة لتجد نفسها في ردهة طويلة تتدلى من جدرانها عناقيد إضاءه خافته تعطي إحساسا بالرومانسية المفرطة وفي نهايتها غرفة واسعةلمحت بأحد الجوانب طاولة بار تصطف فوقها زجاجات النبيذ تنتظر أمر قائدها لتنطلق بدأت في سكب النبيذ له كأسا تلو الأخر في حين ترتشف قليلا قليلا بين الحين والآخر ، وقد لاحظ ذلك فظن أنها ربما مكيدة بغرض السرقة فباغتها قائلا : هل تريدين مزيدا من المال ؟قالت : لا ……فقد دفعت الكثير قال : فلم لا تشاركينني الشراب لنستمتع معا ،أراك ترتشفين ارتشاف المجاملة لا ارتشاف الشغف والمتعة ؟ أم تريدين أن تأخذني الخمر بدروبها وشعابها وحدي فلا أراك إلا طيفا يغيب قالت : أحاذر الخمر فليس لي عليها سلطان ولا حيلة لي معها وأخشى ماأخشاه أن يغيب وعي فتفعل بي من الأفاعيل مالا أطيق ، وتلهبني سياطك في لحظة متعة سادية كما فعل غيرك من قبل ألا تعلم أن كل القادة وأصحاب الرتب لقبضة الكأس يخضعون وتنهار الملوك والساسه له وينكسرون ، ومن كان لقبضة الكأس خاضع ذليل كان في ليلتي أسير قال : ومن قال أني في قبضة.الكأس ؟لقد تعلمت ألا أسلم عقلي للذة فتهوي به في غيابات مجهولة وتجعلني عبدا لها ظمآن مسلوب الإرادة قالت : أحببت في الخمر فعلها البعض فهي تذهب عقولهم الخبيثة الكريهه وتردهم لسنواتهم الأولى فلا تميز للأشياء أو الأشخاص ، ولا تقدير للمواقف أو سيطرة على الكلمات أحببتها لأنها تزيل غموض هذا وتفك طلاسم ذاك وتكسف الستار عن هؤلاء الذين يعجز العامة عن مجرد التطلع لهم عن بعد تخرج الخبء وماخفي بالنفوس وتفتح صناديقها السوداء وماغاب في سراديبها وغرفها السرية فتقدم لي صاحبها على مذبح المتعة حقيقة عارية بلا تزييف أو تجمل كانت تتحدث وهو يمعن النظر إليها محدثا نفسه :لم تخطئ عيني حين انتقتها دون غيرها من النسوة ولكن يبدو أنني غفلت عن كيدهن العظيم ، أخطأت حين لم أقدر سلاح الأنثى الحقيقي …… نعم أصابت تلك المومس وأخطأت أناثم هم واقفا يخلع قبعته وينحني أمامها بحركة مسرحية محترفة تدل على الاعجاب ورفع رأسه نحوها مقبلا أطراف أصابعها برفق وهي تبسم ابتسام المنتصر بانتشاء فوجئت به يضع بين يديها رزمة ضخمة من المال تبدو أضعاف أضعاف المبلغ الذي أخذته في البداية ويقول :المبلغ الأول من المال كان مقابل متعة الجسد وعواء شهوته أما هذا المبلغ فهو تعويض عن رحلة لن تكتمل داخل سراديبي وغرفي السرية ، هذا المبلغ مقابل حقيقتي التي لن تصبح عارية أبدا.
الرؤى والانطباعات النقدية:
أ/فتحي محمد علي :
معنى مبتكر ومشوق بدءا من العنوان.
لغة سليمة لحد بعيد.
لكن القصة مزدحمة بالاستطرادات والمترادفات المعنوية التي لامبرر لها والتي تنهك كاهل القصة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أميمة دويدار :
بعيد عما تطلبه القصة القصيرة فهي جميلة وطالما جذبت القارئ لاستكمالها فهي ناجحة وتحياتي للكاتب بالتوفيق والنجاح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فادية بكير:
مع أنى وازعم ” من خلال متابعة التعليقات ” أن كثيرين مثلى لاحظت اختيارك للمضمون الذى تقدمه بداية من عنوان القصة الملفت جدا والذى يوحى بمضمون ربما يجذب نوع ممن لايهتمون بالمضمون الجاد ( واراعى الوصف المهذب لهم أقصى مايمكننى) ثم تؤكد ذلك من خلال المضمون . والحقيقة نراعى أن اى مبدع قد يلجأ للفت النظر إلى موهبته فى بداية طريقه باى اسلوب يراه يؤدى هذا الغرض وغالبا هذا هو الأسلوب المتبع ( فى الابداع بكافة او الغالب الاعم من انواعه) ولكن .. يغفر للكاتب انتقائه لعبارات ومفردات غير مبتذلة بل وغنية بالبلاغة والاسلوب الادبى الحسن علاوة على الاستعارات والصور والكنايات التى تثقل النص أدبيا . احسنت على اية حال وننتظر تجارب أخرى أكثر نضجا وتنوعا فى المضمون الهادف الغير نمطى قدر الإمكان ” وفق ما تمليه الحالة الإبداعية ” . اطيب تحياتى ☘
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمال الخطيب:
حقيقة لم أفهم المغزى من النص ..العنوان والقفلة !!
هو مشهد سينمائي تكرر في كل البارات ..
وصف جيد .
أظن ان العبارة ( أن يأمر فيطاع ) .
دام القلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هالة على:
رائعة … رأيت كلمات يوسف ادريس وبعضا من احسان عبد القدوس في جرأة الحوار والوصف.
نهاية مباغتة لسرد منمق سلس.
شكرا للكاتب/ة والمزيد من التميز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاتن فاروق:
أبدعت وأتحفتنا ولكن القصة القصيرة لا تحتمل هذا الوصف الجسدي المستفيض
ويشفع لك عمق المعنى ودلالته التي تشف عن فنان يمتلك أدواته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفاء عبدالله:
جميلة .. أحسنت أستاذ .
مفرداتك منتقاه .. لكن تكرار المترادفات لاتحتمله القصة القصيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهى شتا:
القصة سارت بشكل هادئ مع تصاعد في الأحداث وهذا جيد، لكنها غير مكتملة، وكأنها اجتزت ولم تكمل، كنت أتوقع كلمة “يتبع” لكني لم أجدها..
من مقومات القصة القصيرة هي النهايات القوية، الحوار كان يحتاج للمزيد، كذلك لابد من فكرة وهدف وهم غير واضحين..
ربما لو حذفت النهاية المباغتة وأكملت لاكتملت بالفعل ليتضح المغزى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد العزيز الصوراني:
االقصة مقبولة ولكن السرد فيه ضعف في تكوين الصورة واختيار المفردات
بشكل عام وسط وتقترب من الجيد.
القصصي يحتاج إلى تطوير أدواته وتخطي من سبقوه كي لا نقع في مطب اجترار الأدب ذاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حمادة ريحان:
القصة بدأت بداية هادئة ثم مالبث الكاتب ان أسرع رتم الاحداث بمافيها من تشويق رائع للقارئ ليجسد بعدها حوارا مميزا بين طرفي القصة في ايجاز غير مخل بالحبكة القصصية ثم تفاجئنا النهاية المباغته علي غير سير الاحداث
تحياتي لكاتب النص علي براعته في توظيف ادواته واختيار مفرادته وإن كنا نأخذ عليه اسهابه في الوصف الجسدي لكنه يخدم النص الي حد ما
والشكر موصول لأديبنا الكبير الاستاذ محمد كمال سالم لاختياره هذا النص بذائقة ادبية رائعة
دمتم جميعا بالف خير أحبتي في الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي جبل:
سرد رائع، مفردات كاتب متعمق، حبكة جيدة، ولكن الموضوع قتل بحثا، ومكرر.
كل التحية للكاتب/ة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الرحيم خير:
يقولون أن الإنسان عبد لشهوته، حين تتحكم به فينقاد إليها خاضعا ذليلا، يظن الراحة والسعادة بتحقيق المتعة وانقضاء الشهوة، إلا أنه إن ترك العنان لشهواته أصبح عبدا لها، والعاقل من تحكم بشهواته-كل الشهوات- فكانت بقدر ما يجلب المتعة ويحقق السعادة، حقيقة عرفتها الفتاة/ البطلة وإن كانت من بنات الليل إلا أنها تملك فكر جعل البطل/ صاحب المنصب والجاه ينحني لها. فكر يحمل فلسفة قل أن تجدها عند أمثالها من بنات الليل اللاهيات الباحثات عن المتعة وأموال الرجال، وهن في سبيل ذلك لايتورعن عن فعل أي شيء.
المعالجة.
وإن كانت القصة تحمل ملمحا من مشاهد الأفلام القديمة وتصور مشهدا اعتياديا من تلك المشاهد في حانات السكر، وبيوت اللهو سيئة السمعة والتي دائما ما تتداخل مكوناتها فلا حانة أو ملهى يخلو من فتاة حسناء تبيع نفسها لمن يملك المال مقابل المتعة، إلا أن القصة عولجت في إطار حملها من رتابة وتكرار تلك المشاهد وقدّمها بصورة جديدة بأسلوب نفسي وهو ما مثله ذلك الحوار الذي دار بين الشخصيتين الرئيسيتين.
حوار أخرج القصة من منزلق الرتابة والاعتيادية
التي تتناولها مثل هذه القصص والتي ترتكز على وصف تلك السهرات وما يتخللها من متع وشهوات
إلى وصف الدوافع النفسية التي تؤدي بالإنسان إلى مستنقعِ فعل الفواحش وارتكاب الكبائر.
حوار لخص فكر وقناعات ودوافع كل منها في البحث عن المتعة واللذه بطريقة تحقق له السعادة من وجهة نظره، فالفتاة تبيع جسدها من أجل تحقيق السعادة والحصول على المال الذي تظنه سر السعادة، والرجل الذي يملك المال فهو ينفق المال من أجل الحصول على المتعة التي يظن أنها تحقق له السعادة.
ورغم غياب الحدث الذي يدعم القصة وغياب عنصر التشويق الذي انتهى بانتهاء المقدمة ووصف الفتاة والمكان، إلا أن القصة تميزت بلغتها العذبة المتقنة وسردها الهادئ المنساب، رغم تكرار الفكرة إلا أن القصة بدت كتحليل نفسي أو أسئلة تتطلب إجابات؛ ما الذي يدفع فتاة جملية لتبيع نفسها لكل من يملك المال، وما الذي يدفع الثري الذي يملك المال والمنصب أن يبحث عن بنات الليل.
كنت أتمنى من الكاتب/ة التركيز على الحالة النفسية لشخصيات القصة لتقوية الحديث الرئيس ومن ثم استنباط الدوافع وبيان الأسباب.
خالص الأمنيات بدوام التوفيق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الكافي فاروق:
لا أدري ماذا أقول؟!!!
نحن أمام سارد متمكن من مفرداته في خدمة فكرته ببراعة،نجده يعود بنا لقصص وروايات الستينيات والسبعينيات، ويذكرنا بعمنا إحسان عبدالقدوس.
أهنئه على براعته في السرد وحنكتة في العرض..
لكن لي تحفظ على مثل هذه الموضوعات التي تجعل من فتاة الليل المومس البغي بطلة تستحق أن تعرض حكايتها مع مريدها من المخمورين أصحاب الأموال والذين لا يفقهون في الدنيا غير اللهث وراء شهواتهم.
ثم نَصِفُها بالذكاء ونَصِفُ الآخر بالحيطة والفطنة وهما الاثنان أصلا لا يستحقان الحياة..
نعم هما حقيقة موجودة في المجتمع وخاصة في الطبقات التي يسمونها أرستقراطية من الرأسماليين الذين توارثوا المال أبا عن جد من عرق ودم الطبقات الفقيرة في المجتمع، لكن لا نجعلهم صورة معبرة عن مجتمع بأكمله، فهم يعتبرون حالات شاذة في طبقة قليلة من المجتمع. بهم تُشوه الصورة العامة لبلدنا أمام العالم..
فضلا نسلط الضوء على نوعيات تستحق ونقدمها قدوة حسنة للمجتمع، حتى لا ينزلق شبابنا وبناتنا إلى هاوية الرذيلة بما يشاهدونه من قدوات فاسدة عبر مسلسلات وأفلام في الأصل شيطانها يكون كاتب، زين له شيطانه سوء عمله فرآه حسنا، فانطلق يكتبُ دونَ وازع من ضمير، ثم يأتي من بعده شياطين آخرون يجسدون ما وضعه من أفكار وشخصيات على الورق لتقديم الوجبة السامة للضحية وجني المليارات.
جم تقديري واحترامي لكاتب هذه القصة المسبوكة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد كمال سالم:
يجد الكاتب متعة حينما يكتب عن ذاته، هذا أكيد،وعندما يكتب عن الآخرين يستمتع بالتحدي لذاته. كان هذا النص للصديقة العزيزة دكتورة مايسة إمام إبراهيم، التي أهمس لها أن تستجيب لكل من نصحها بعدم الإسهاب في الوصف والتصوير الذي يناسب الرواية أكثر منها للقصة
شكرا لك غاليتنا مشاركتك القيمة.
التعليقات مغلقة.