قصة للنقد: أرابيسك بقلم نيرمين دميس
قصة للنقد: أرابيسك
بسم الله نبدأ معكم أحبتي دورة جديدة مع فقرتكم “قصة للنقد” فهي منكم ولكم وأتمنى إهتمامكم كما عودتموني
النص : أرابيسك
“بيكياا..بيكيااا..”
أتاه صوت بائع الروبابيكيا، بينما كان جالسا أمام مكتبه، يطالع بعض الأوراق، فأشار إليه من النافذة لينتظر أمام مدخل البيت، نادى عم “حسن” البواب ليساعد في حمل صندوقين كبيرين، ازدحمت بهما الصندرة، وحان وقت التخلص منهما.
أثناء حمل الصناديق لمح صندوقا خشبيا صغيرا، يخرج منه جزء من صورة قديمة، سحبها ليجدها صورته رضيعا وأبويه، فارتسمت بسمة الرضيع على وجهه، ولم يشعر بنفسه إلا وهو جالس على الدرج، يحتضن الصندوق، يتفحص ما فيه بشغف عجيب.
تلك قصاصات ورقية تحمل أولى خطوطه في الكتابة، ما زال يذكر قالب الشيكولاتة الضخم الذي أهدته أمه إياه؛ مكافأة له على هذا الإنجاز التاريخي آنذاك، وهذه صوره في أعمار ومناسبات مختلفة، ولكن ما الذي أتى بها إلى هنا؟!
آه..لقد كان ينتزعها خلسة من ألبوم صور العائلة؛ للاحتفاظ بها بعيدا عن أعين الساخرين فأكثرها لقطات مثيرة للضحك حقا مثل صورته تلك عندما نزل البحر للمرة الأولى برفقة والده، فكان مثل جرو أفلام “توم وجيري”..ذاك الصغير الشقي، الذي لطالما شاكس أمه، هربا من الاستحمام، لم يتمالك نفسه، وانطلق يقهقه ضاحكا بينما يتطلع إليها.
وهاهو الدليل القاطع..شهاداته المدرسية ذات الدرجات النهائية والمركز الأول دائما، حان وقت عرضها على أبناىه الذين طالما اتهموه مازحين بادعاء التفوق، شأنه في ذلك شأن سائر الآباء.
تتحسس يداه أكياس البلي الملون، الذي كان يدخر لاقتنائه، يتبارى وأصدقاؤه في جمع أكبر قدر منه، فيقضون معا أوقاتا ممتعة، وما تلك الكتيبات الصغيرة؟!
إنها أعداد “رجل المستحيل” و”المغامرون الخمسة” التي عاش مع عوالمها أسعد الأوقات، حتى أنه ما زال يسمع دقات قلبه العالية، إن تعرض البطل لخطر ما.
تمتد يداه لتلتقط ميدالية أفضل رئيس اتحاد طلاب على مستوى الجامعة، يفيض حنينه فيتحسسها، يرتديها حول عنقه، يسترجع ايام تنظيم الرحلات والمسابقات، انتخابات الاتحاد والأعمال الخيرية، المخيمات وحفلات السمر، وأيام الحماس والانطلاق.
انخطف قلبه ولمعت عيناه عندما وقعتا على رزمة من الظروف البيضاء المربوطة بشريطة حمراء عريضة، رسائله لابنة الجيران، والذي لم تواته الشجاعة يوما لإرسالها إياها، ترقرقت دموع الحنين في مقلتيه، بينما يقرأ إحداها، يستعيد ما سطر فيها من مشاعر صادقة وأحلام بريئة، تقاطعه بسمة عرفت طريقها إلى شفتيه، حين تذكر زوجته التي ستشن حربا عالمية ثالثة، إن وقعت تلك الأوراق في يدها.
كان كمن يمر شريط حياته بأحداثها أمام عينيه، فينسى عالمه ويشعر كأنه يعيشها من جديد مع صندوق اكتظ بأغلى الذكريات، ذكريات تحمل عبق الماضي الجميل، فتهديه سعادة من نوع خاص، ليأتيه صوت عم “حسن”:
” هل أحمل هذا الصندوق أيضا يا سيدي؟”
هو رأسه نافيا وقد أسرته أطياف خفية، شاخصا ببصره، يتأبط صندوقه، صاعدا إلى شقته.
أ. فتحي محمد علي
جميل تجسيد واقع لدى البعض بتلك الحرفية وذلك التشويق والتركيز على القيمة.
دوما إلى الأمام.
أ. سامح الشبة
طبعا لكل منا طفولته وايام صباه التي تصنع منه بطلا داخليا وأيضا ظاهريا أمام المجتمع.
إنها ارابيسك أو تحفة واثر غالي على صاحبه – حياته- رغم أعداء النجاح في كل مرحلة من مراحل حياته العمرية.
وفي النهاية لا أقول إلا أحسنت طرح الفكرة. حيث ذهبت بنا إلى ماضي كل واحد منا.
أ. محمد كسبة
أرابيسك العنوان جذاب و لكنه بعيدا شيء ما عن موضوع القصة حيث أن زمن الأرابيسك و المشربيات يعود إلي متتصف القرن الماضي و ما قبله لكن نص القصة يعبر عن فترة الثمانينات
الفكرةالرئيسية جيدة و متوازنة
الجمل مترابطة و مختصرة و منظمة و الألفاظ واضحة و محددة .
الكاتب نجح في عرض ذكرياته الشخصية بترتيب وقوعها حسب التسلسل الزمني حتى اللحظة التي كاد فيها ان يفقد أغلى ما عنده من ذكريات داخل الصندوق القديم .
النهاية متوقعة
أ. محمود روبي
النص يشبه السير الذاتية على شكل مذكرات متتالية لمراحل عمرية متنوعة..
حنين لطيف إلى الماضي الذي قد يتحول في أغلب الأحيان إلى أشياء مهملة كبقية الأغراض التي استهلكت وتنتظر مصيرها في التنكر لها ونسيانها بل والتخلص منها..
ف كرة إنسانية جميلة
تحية للكاتب على هذا النص
أ. هالة علي
اراني منذ عدة ايام وقد اخرجت صندوقي انا الاخرى وعادت بي الذكريات لزمن ولى وضحكات تنطلق تملأ الفضاء سعادة وهناءة … قصة جميلة … سلسة، هادئة تبعث في القلب الدفء … كل التحية لصاحب/ة هذا الابداع.
أ. يسري ربيع داوود
صندوق الدنيا
………
كل التحية والتقدير لصاحب(ة) القصة، حيث مر بشريط ذكرياتنا جميعًا، منذ الطفولة وحتى الجامعة، من خلال عبثه بصندوق (الدنيا).
عتبة النص العنوان.. أرابيسك.. والأرابيسك نوع من الفنون التي يكتمل جمالها بتركيب جزيئاتها جنبًا إلى جنب.. وأراه قد وفق في ذلك عندما ربط الذكريات من خلال الشريط العمري المتصاعد، فبدا لوحة جميلة أخاذة.
الخاتمة.. جيدة، فالبطل وجد ضالته، حيث الفرار من الحياة وتعبها من خلال تلك الذكريات التي تهون عليه متاعب الدنيا.. فنراه قد أعطانا ظهره ليختلي بصندوقه، كعاشق يختلي بحبيبه.
دارت القصة في إطار زمني متصاعد، نجح معه الكاتب أن يأخذنا معه عبر سنوات عمره المختلفة، نهوي اليها ونسعد بكل تفصيلة فيها.
اللغة.. عابتها السطحية.. دعى إلى ذلك ذكريات الطفولة التي لا تستلهم معجمًا خصبًا.
لا توجد معايب لغوية أو نحوية.
القصة جيدة.. أحيي كاتبها (ت) على حلاوة النسج وجمال القص.
كل التحية والتقدير للجميع
أ. أبو مازن عبد الكافي
بسم الله …
هو صندوق ذكرياتنا جميعا والتي نحنُّ اليها دائما ونتذكرها من آن لآخر فقد حُفرت في عمق الذاكرة.
أرابيسك عنوان جميل جدا يناسب جمال الذكريات التي مرت أحداثها وتلاشت مع تلاشي أيامنا كما انتهت صناعة الأرابيسك من حياتنا. ولكننا لا ننسى الأرابيسك بما فيه من جمال يأسر الألباب تماما كما لم ننس ذكرياتنا.
وفق الكاتب/ة إلى حد كبير في عرض مسلسل ذكرياته/ا بطريقة بسيطة وشائقة.
والخاتمة طبيعية وجميلة موحية بمدى أهمية صندوق الذكريات والذي يعتبره كل منا كنزا ثمينا لا ينبغي التفريط فيه.
فقط كلمة الظروف غير معتادة كجمع لكلمة الظرف الذي يحوي الأوراق. الأحسن استخدام كلمة الأظرف.
وكذلك ..(هو = هز) رأسه نافيا…
في الأخير لا أملك إلا توجيه التحية والشكر والتقدير لمبدع /ة هذا النص الشيق الجميل.
أبومازن عبد الكافي.
16 شعبان 1443هجرية
19/3/2022m
أ. فاطمة مندي
لم اقرأ قصة وحدث بعينه ولكن هي ذكريات تختلف بين الاولاد والاناث كل له ذكرياته ولعب الاولاد بالبلي ولعبهم عموما اما الذكريات الدراسية عموما كل بما مر به من تفوق او خلافه ونرجع الي النص مرتب الاحداث وتسلسه الزمني ولكن كلمة ارابيسك ما علاقتها بالنص فهي تبعد عن زمن النص ولا تعبر عن محتواه للكاتب تحياتي وللبرنامج كل التحايا
أ. هدى وهبة
الذكريات..حتي وإن كانت بها مواجع نجد فيها ملاذ لارواحنا بعض الأحيان
نرحل أليها كلما أتي قطار الحنين
جميلة ..
أ. محمد عواد
تقاطعه ابتسامة وليست بسمة…فبسمة اقرب للعلم..من الصفة..
النص جميل ورائع…سلم كاتبه، منظم ومنسق..ونادر الأخطاء اللغوية
بالتوفيق لكاتبه
أ. علي جبل
العنوان يوحي بالعراقة والقِدم والكلاسيكية
ويتناسب كثيرا مع النص الذي يتحدث عن
الماضي والذكريات. اسلوب رائع، ونص شاهق.
كل التحية والتقدير والاحترام للكاتب /ة.
أ. سامح صبري
رائع حقيقي يا استاذنا الغالي دمت ودام ابداعك
أ. محمد كمال
كان هذا البوح الراقي للقديرة نيرمين دميس
أشكرك صديقتي
تعليق الأديبة نيرمين دميس
جزيل الشكر والامتنان والتقدير للإذاعية القديرة ا/ جيهان الريدي وصفحتها الغراء، والأديب المبدع ا/ محمد كمال سالم على هذا الجهد المشكور وإتاحة الفرصة لحروفي المتواضعة أن تنساب في نهر إبداعكم، وأساتذتي من المبدعين والنقاد على وقتهم وجهدهم لسبر أغوار النص والوقوف على مناحيه المختلفة، دوما أتعلم منكم جميعا..
ا/ماما نوال
Habiba Sallam ا/
ا/فتحى محمد علي
ا/سامح الشبة
ا/محمد كسبه
ا/محمود روبي
Halla Aliا/
ا/يسري ربيع داود
Abo Mazen AbdElkafyا/
Fatma Mondayا/
Hoda Wahba ا/
Mohamed Awwad ا/
Ali Gabal ا/
Sameh Sabry ا/
واسمحوا لي في تقليد انتهجته من قبل أن أسلط الضوء على بعض النقاط التي أثرتموها، ليس لتفسير النص أو توضيح رؤيتي فيه، ولكن لأنني سعدت بهذا الزخم وتلك الرؤى الغنية المتباينة حول النص، واحتراما لرؤاكم جميعا، فوجب علي الاهتمام بها..
نبدأ بالعنوان..”أرابيسك” والذي رآه كل من ا/ محمد كسبه وا/ Fatma Mondy بعيدا عن مضمون النص، وتوحدت رؤيتهما بشأن ذلك، حيث تناولا كلمة “أرابيسك” من المنظور الزمني، وأنها لا علاقة لها بزمن القصة، والحقيقة أن البعد الزمني لم يكن معنيا على الإطلاق، بل كانت الرمزية والدلالة، فالأرابيسك فن دقيق يوحي بالأصالة والعراقة والقيمة، والذي يتماهى في دلالاته مع أغلى ذكريات العمر، وخاصة أننا نتحدث عن صندوق يكتظ بالكنوز القديمة، فقد يكون مصنوعا من الأرابيسك مثلا، وقد أثلج صدري توصل باقي الأساتذة المبدعين لمأربي هذا، حتى أن ا/ يسري ربيع داود أثبت في تحليله أن النقد يفتح آفاقا جديدة في النص، فذهب إلى توازي الأرابيسك الذي تركب جزيئاته جنبا إلى جنب، مع الشريط العمري المتصاعد المحمل بأجمل الذكريات.
كذلك سعدت كثيرا عندما لمسكم النص ودق أبواب الذكرى لدى كل منكم، كما ذكر ا/ سامح الشبة أنني جعلت كل منكم يذهب إلى ماضيه، وأما ا/ Halla Ali رأت أنها أخرجت صندوقها هي الأخرى وعادت إلى زمن ولى وضحكات تملأ الفضاء سعادة، وذكر ا/ يسري ربيع داود أنني مررت بشريط ذكريات الجميع من الطفولة إلى الجامعة بعد أن عبثت بصندوق ( الدنيا) على حد تعبيره، والأستاذ Abo Mazen AbdElkafy قال أنه صندوق ذكرياتنا جميعا والتي نحن إليها دائما، وا/ Hoda wahba قالت أنها ذكريات نرحل إليها كلما أتى قطار الحنين، وا/ محمود روبي رآها فكرة إنسانية جميلة، وأما أستاذنا فتحى محمد علي فوجده واقع يستحق التجسيد، وماذا يريد الكاتب أكثر من ذلك، أن تلمس كلماته القلب، تحرك الماء الراكد، وتبعث في النفس سعادة خفية، لذا أرى أن النص اعتمد على اللقطة الواحدة والنوستالجيا الدافئة، فكان ذاك حدثا في حد ذاته، أن يهم أحدهم بالتخلص من روبابيكيا، ليكتشف بمحض الصدفة أنها تحوي أغلى ذكريات العمر، الخيط الرفيع الذي يربطه بأيام خوالي ولت ولن تعد، فيتراجع عن قرار التخلص منها، إذن فهي ليست مجرد سرد لمجموعة من الذكريات وحسب كما توصلت ا/fatma Monday وإنما وظفت هذه الذكريات لخدمة الفكرة والتأكيد على القيمة التي يتبناها النص من خلال حدث بسيط قائم على المشهدية.
وأما بالنسبة للخاتمة..والتي رآها ا/محمد كسبه متوقعة، أرى أنه من الطبيعي أن تكون متوقعة، وهل يمكن أن يفعل البطل شيئا آخر، وإن كان من روائع القص النهاية المباغتة أو إحداث مفارقة ما، فهناك نهايات تبدو متوقعة ولكنها تتسق والفكرة والجو العام للنص وتؤكد على قيمته ومضمونه كما في هذا النص، فليس من الضروري الحرص على إدهاش القارئ على الدوام، بل خلق النهاية التي تتماشى مع روح النص.
وأما بالنسبة للغة التي اقتضت طبيعة النص أن تكون سلسة قريبة لأنها تتناول سرد لذكريات الطفولة البريئة والشباب الغض، كما فسرها ا/ يسري ربيع داود عندما استدرك وصفه للغة بالسطحية.
وأما ملاحظة الأستاذ محمد عواد بشأن استخدام ابتسامة أفضل من بسمة، فأقول أن بسمة على وزن فعلة هي اسم مرة والذي يعني حدوث الفعل مرة واحدة، وقد قصدتها حيث اقتحمته تلك البسمة الواحدة في لحظة شجية تذكر فيها حبه الأول، فلم يكن مناسبا أن ينتقل إلى التبسم بشكل عادي ومباشر، وإنما هي بسمة واحدة فرضت نفسها على شفتيه عندما تذكر زوجته.
وأما بالنسبة لملاحظة ا/ Abo mazen Abd Elkafy
فلا يعيب استخدام ظروف بدلا من أظرف فكلاهما جمعا صحيحا لكلمة ظرف، وأعتقد أن للكاتب مطلق الحرية في استخدام ألفاظه طالما مفهومة وغير ملغزة أو صعبة الفهم، حتى وإن كان هناك ما هو دارج أكثر، وأما كلمة “هو” هي بالفعل “هز” أستاذنا، ولكنه خطأ من لوحة المفاتيح لم أكشفه، فربما حان الوقت لارتداء نظارة القراءة فقط.
كانت تلك بعض النقاط التي سعدت بنقاشكم فيها، أكرر عظيم شكري وامتناني وتحياتي وتقديري لكم جميعا مبدعين ونقادا، دمتم نورا على الطريق.
أ. يسري ربيع داوود
دمت مبدعة… ولكن اريد ان اضع هنا تقليزًا، أو نضبط أصلا قد يتم نسيانه وهو ان الكاتب طالما أطلق نصه ليتلقفه النقاد لم يعد له ان يفسر او يناقش، فقد أصبح نصه رهينة فهم كل ناقد والكل يفهمه حسب رؤاه، وأما الكاتب فرؤيته رهينة عقله… انتهى دور المؤلف بعد أن وضع دوره على مقصلة النقد.
التعليقات مغلقة.