قصة للنقد : الصراع الابدي للأديب سيد جعيتم
قصة للنقد : الصراع الابدي للأديب سيد جعيتم
يقول الأستاذ محمد كمال سالم :
أسعد الله أوقاتكم أحبتي:
إليكم الحلقة السادسة من فقرتكم “قصة للنقد” ونص جديد، أرجو أن يجد استحسانكم
الصراع الابدي للأديب سيد جعيتم
شربَ حتي الثُمالةِ، أطاحَ بالكأسِ في وجهِ الساقي، عربَدَ بصوتٍ أقربَ للفحيحِ:
لا يكفي قتلُه، قطعُوه بعددِ أقاليمِ البلادِ… ادفنوا قطعهً في حفرٍ عميقةٍ حتي لا تدلُ الكلابُ علي مكانِها، علقوا رأسَهُ فوقَ رأسِ حربةٍ علي بابِ القصرِ، ليتأكدَ أعوانُهُ من موتِه.
زفَ الطبيبُ للملكِ أن الإلهةَ رزقتْهُ بطفلينِ جميليينِ ملتصقينِ ببعضُهما بجلدٍ خفيفٍ، تنبأ العرافُ بأن الدمَ الذي سيسيلُ عِندَ فصلهِم سيظلُ بينهُما طوال الحياة .
لعبَ الخمرُ برأسِه، غابَ في الماضيِ، فضَّلتْهُ الآلهةُ علي، وهبتهُ المُلكَ، تزوجَ بأميرةِ أحلامي، تمنيتُها لنفسي صاحَ غاضبًا:
آتوني بامرأتهِ.
دخلَ رئيسُ الشرطةِ راكعًا مرتعدًا تصطكُ أقدامُه، ظل منحنيًا، خرجت الكلماتُ من فمهِ مبعثرةً:
= اختفَتْ زوجتُهُ يا مولاي واختفَتْ رأسُهُ المعلقةِ علي بابِ القصرِ.
هاج كالثورِ.
اقتلوا الحرسَ وعلِِّقوا رأسَ كبيرِهم بدلًا من رأسهِ، اعثرواُ علي المرأةِ والرأسِ.
طافَتَْ كل الأقاليمِ وراءَ دليلِها… صقرٌ أرسلتُه الألهةُ، جمعَتْ أجزاءَ زوجِِها مع رأسِهِ، انتظرَتْ البعثَ بعدَ المماتِ.
في حلمهاِ أطلَّ عليها فيضٌ من نورِ بتاحَ المانحِ للحياةِ، أوحى لها: ( ستحبلين وسآخُذُ العلقةَ… انتظري المولودَ بعدَ فيضانِ النهرِ المقدسِ، سيبعثُ أنوبيس زوجكِ في صورةِ ابنِه.
في خصٍِ علي شاطئِِ النيلِ المقدسِ تختفي عن أعينِِ الشرطةِ نهارًا والعسَسِ ليلًا.
تصلُها أخبارُ القاتلِ، الناسُ أَّهوه ، يدعونهُ لقضاءِ حوائجهمِ، يعفوُ فيمنحُ الحياةِ يقتلُ فيُميت.
عكسُ تيارِ الماءِ… سحابةٌ تصلُ من السماءِ لسطحِ النهرِ، دقاتُ قلبِها تُسرعُ، أيكونَ حان موعدُهُ، وسط السحابةِ بلونِها الثلجي في وسطِها تابوت بداخلِه وليدها، احتضنتُه، ملء لبنُها الثديين أرضعتهُ، وضعت كلُ نساءِ البلدةِ أطفالًا ذكورًا في هذا اليومِ، أرضعتهم كلَهم، صارت أمًا لهم وصاروا أخوةً لابنِها.
كبروا، هم قوادُ جيشِه، رفضَ قولَهم أنه ابنُ إلهٍ… وأن يركعوا له؟
لا تصدقوا النصوص َالجنائزيةَ المنقوشةَ علي جدرانِ المعابدِ وغرفِ الدفنِ الهرميةِ، راجعوا كتابَ الموتى تعرفون الحقيقةَ.
عمُه علي رأس جيشٍ عرمرمٍ تتقدمُه الحيواناتُ المفترسةُ وصوتُ طبولِهم يصمُ الأذانَ … ترتجُ الأرضُ تحتَ أقدامِهم المثقلةِ بدروعِهم الحديديةِ… في مواجهةِ جيشِ الوليدِ.
اقتلوهم لا تدعوا منهم أحدًا حيًا ، البلدةُ مستباحةٌ لكم أريدُ النساءَ سبايًا والأطفالَ والعجائزَ جثثًا.
طلب من عمِه النزالَ، جبن، أرسلَ إليِه فرسانَه قتلَهم واحدًَا تلو الأخر.
التقت عينُه بعينِ عمِِه ، رفعَ سيفَهُ وهوي به علي عنقِ ابنِ أخيِِه.. تفادي الضربَة وأطاحَ بسيفِ عمِه.
استعطفَهُ:
أتقتلُ عمَك؟.
لقد قتلتُ أبي من قبلِ.
لو لم تكن الألهةُ تريد موتَه ما ماتَ.
لنحتكمُ للتاسوعِ المقدسِ.
صدرَ الحكمُ، ليظل الصراعُ بينَكم حتى ناهايةِ العالمِ.
الرؤى النقدية
أ. فتحي محمد علي :
قصة تنويرية تأملية تستلهم التاريخ مع نظرة خاصة لبعض صراعات الأقدمين ومعتقداتهم.
ألفاظ وصور موحية معبرة.
لغة سليمة.
جمل ذات إيقاع سريع مواكبة للأحداث.
أ. أبو مازن عبد الكافي
أخطاء كتابية تتسبب فيها خيارات لوحة الكتابة غالبا ؛
أهوه.. أظن الكاتب يقصد ألَّهُوه
ملء.. ملأَ لبنُها الثديين.
الأذان.. هو النداء للصلاة
والمقصود في الجملة الآذان جمع أذن.
تحياتي وتقديري وجم احترامي لكاتب هذا النص الشاهق.
بسم الله …
- بدا لي من أول وهلة أن أديبنا مولع بالتراث الفرعوني ومتبحر في دراسة تاريخ الأسر الفرعونية المتتالية .
- نقل لنا الكاتب بمخيلته الواسعة قصة خرافية “أسطورة” تصف حالة كهنوتية بالغة التأثير في واقع الناس في تلك الحقبة من الزمن؛ حيث المعتقدات الفاسدة التي كانوا يحيون في نيرها ؛ لكنه مالبث أن خرج بنا من باطن الخرافة إلى نور الحقيقة ؛ عندما رفض الوليد تأليه الناس له وأمرهم بالبحث في كتاب الموتى لتستبين لهم الحقيقة؛ حقيقة انه لا يوجد الا إله واحد لهذا الكون.
*عالج الكاتب قضية الصراع الدائم بين الحق والباطل معالجة مبهرة؛ لما رسم لنا مشهد الحرب وإلتقاء جيش الوليد “رمز الحق والخير” مع جيش عمه “رمز الباطل بشره وظلمه وقسوته ” ؛ و تجلت روعة المشهد في الخاتمة الرائعة بألا يقتل الوليد عمه بأمر مقدس؛ إشارة إلى بقاء الصراع بين الحق والباطل إلى يوم الدين.
*إن كان لي من مأخذ فهو تكرار المشاهد الخارقة المعجزة في القصة وإسنادها للآلهة الباطلة التي كانوا يعتقدون فيها ؛ أربأ بأديبنا الكبير أن يتسبب ولعه بالتاريخ القديم في ولوجه لمناطق شائكة تمس العقيدة؛ وأن يحوم حول الحمي فيقع في محظور والعياذ بالله.
*وأخيرا أقول أن القصة رائعة أدبيا وشائقة جدااا؛ يصح أن تكون فيلما سينمائيا بامتياز. *
تحياتي وتقديري وجم احترامي.
أ. محمود روبي
مزجٌ جيد بين الأسطوري والتاريخي، لكنه في قالب حكائي..
أشعر وكأنني أطالعُ صفحات من كتاب تاريخ، يسرد لنا أحداثا متوالية..
فكرة العودة إلى التاريخ واستلهام أفكار، شئ رائع.. لكن كان من الممكن صياغتها بطريقة أكثر تشويقاً وقصصية..
يُحسب للكاتب جرأته في تناول هذه الفكرة.. فإنه السير حافيا على الشوك..
تحياتي للكاتب المبدع
أ.مجدي سالم
سباق الفكرة والصياغة والكتابة والمراجعة والنشر..
وتبني وحدة “البرهة” أو الفيمتو ثانية..
أ. محمد عواد
رائعة سردا وإدهاشا وحبكة…نص قوي لأبعد التخيلات…ومزجية رائعة..بين الحكي وخرافات التاريخ..الرمزية في القصة…بعيدة قريبة، تقرأها ولكن يصعب عليك إلتقاطها..لكنك تستشعرها فتبحث عنها وتتيه في أغوراها، وتعود لأدراجك من حيث بدأت…
الكاتب سارد رائع…حكيا..وتشويقا..وثقافة ولغة..وأتنبأ له أن يكون عظيما، إلا إن قتلته حاشية الملك…
اهنئك…ولا أعرف عن أي شئ اهنئك، وتلك أعظم عبقرية قصتك..
أ. أحمد فؤاد الهادي
وكأن الكاتب لم يكن يحكى تلقاء نفسه، وكأنه يحكى لقارئ جاءه متسائلا عن حكاية غريبة يتوارثها الناس ويحفظون أسماء شخوصها ولكنهم يجهلون تفاصيل ماكان بينهم من علاقات وصراعات، لذلك لم يكن الكاتب فى حاجة لذكر أسماء أو مواقع من يتكلم عنهم، فالسامع يعرفهم، وبرشاقة سرده أصاب أهداف عدة تحيط بحياة البشر منذ الأزل: الحقد، العربدة، القسوة، الغدر، الثأر، العطاء، الظلم والقتل. ولعلنى أكون محقا إذا كنت قد استشعرت صورة المرأة الصعيدية التى لم تتنازل عن الثأر لزوجها حتى لو كان أخوه هو قاتله، وأنها تبذل كل ماتملك لتعد ابنها كى يثأر لأبيه، والقصة شكلت باقة متناسقة ومتناغمة من الأسطورة والواقع برع الكاتب فى دمجهما باحتراف ورشاقة دون أن يهمل المفردات والتعبيرات الصائبة فحقق ماصبا إليه من جذب وتشويق وتثقيف. وهناك بعض الأخطاء الإملائية التى أعتقد أنها نشأت عند كتابة النص على لوحة المفاتيح والتى كانت تقتضى مراجعة النص قبل نشره فحسب. تحياتى للرائع الأديب كاتب هذا النص الراقى.
أ. محمد كمال سالم
أستاذي القدير سيد جعيتم سيد أتحفنا بهذا النص البديع، لم يترك لي أساتذتي المعلقين كلهم على هذه القصة ما أقوله، سوى أنه يكفين أن أقول إني علي المستوى الشخصي أعشق القص من هذه المنطقة وهذا التماس الرائع بين الحاضر والتاريخ بمهارة وتضفير رائع لا يقدر عليها سوى أديب مثقف موسوعي.
أشكرك أستاذنا القدير وصديقي الحبيب على تواجدك على صفحة الإذاعية جيهان الريدي
يمكنك الآن أن تعقب بما تشاء.
مح حبي وتقديري
أ. جيهان الريدي
عرفناه ناقدا متميزا وكاتبا يقرأ أعماله بعين الناقد قبل أن يقدمها للقارئ
لذا تأتي أعماله قوية تتزيا بخبرة كبيرة ونظرة عميقة واتصال بكل موارد الإبداع القصصي
تحية لهذا النص المتميز ولكاتبه أستاذنا الكبير سيد جعيتم سيد
والشكر موصول لقائد كتيبة قصة للنقد الأستاذ محمد كمال سالم
أ. مهاب حسين هواري
كاتب قدير مبدع، يصوغ أعماله بحساسية ودقة. حرفية.. دام ابداعه
التعليقات مغلقة.