قصة للنقد : خطوط متوازية للأديب علي جبل
قصة للنقد : خطوط متوازية للأديب علي جبل
أصدقائي الأعزاء:
عدنا إليكم وقد اشتقناكم كثيرا وفقرتكم قصة للنقد، وأتمنى أن يكون العود على نهج نجاح الزميلة العزيزة Nermein Demeis
التي أجدد الشكر لها.
النص/ خطوط متوازية
كنت أنتظرُه يوميا، أراقبه من شرفة المنزل، اعتَدْتُ على ذلك – بشغف- اعتيادي تناول فنجان القهوة كل صباح. يُسابِق الزمن وصولا لمحطته الأخيرة، حيث أقطن على بعد أمتار منها. ألِفتُ صوته وشكله، كما ألفتُ وجوه بعضِ ركابه، عِشتُ أحلامَهم من خلال عيونهم التي تُحَملِق في السماء، كما عشت همومَهم من خلال رؤسهم المائلة على أيديهم. وإذا ما غاب أحدهم ساءلت نفسي: هل هو بخير؟ ، وإذا ما عاد فرِحتُ لعودته، أعرف أنه يسابق الزمن من أجل الحياة، لكنه في الحقيقة يعْدو تجاه محطته الأخيرة. مرت سنوات وسنوات ولم أغير عادتي في مراقبته وركابِه. وفي صباحٍ يومٍ مشرقٍ صافٍ أبصرته قادما من بعيد وكأني أراه لأول مرة، يأتي بصوته العال، وضجيجه المعتاد وقد تغيرَ شكله، وتلاشت ألوانه، وصدأت جوانبه، وتهالكت شرفاته، وتهشمت بعض مقاعده، كما ظهرتْ تجاعيد الزمن على وجه أحد ركابه الذين كنت أراقبهم يوميا ولا أدري ما الذي دفعني أن أرى فيه نفسي؟ إنه يشبهني! فانقبض قلبي، وأخذتني قدماي سريعا إلى مرآة الغرفة، وبينما أُحَدِّقُ فيها، رأيت شخصا آخر غير الذي أعرفه- يشبه صاحبي الذي أراقبه- شاحب اللون، أبيض الرأس، كثير الثنايا في الوجه، تشكلت خطوط الزمن بشكل متوازٍ على جبهته وكأنها قضبان قطار – أهذا هو أنا؟ – لا لم أكن كذلك! إنه شخص آخر! – لا بد أنه صاحبي الذي أراقبه! وبينما أنا في حالةِ إنكار، سمعتُه يأتي من بعيد، أسرعت إلى الشرفة علَّني أرى صاحبي هذا الذي أجهده الزمن، وأرَّقَه الأمل، لكنه لم يأت، وجلس على مقعده شاب في مقتبل العمر. عُدت إلى المرآة، أرجعت البصر مرة تلو أخرى، وكانت المفاجأة! .. إنه صاحبي الذي أبحث عنه يواجهني في المرآة! لم يكن على مقعده! لماذا أتى إلي؟ وكيف وصل إلى بيتي؟ وهل كان يراقبني كما كنت أراقبه؟ وانسالت الأسئلة على لساني سيلان النهر الدافق ولكن دون إجابات شافية.. تذكرت ساعتها ملامحه وهو في مقتبل العمر يوم ان بدأتُ أراقبه. تمنيت حينها لو أن هناك كوابحٌ للزمن ككوابحِ القطار.
أ. فتحي محمد علي
تخييل مبهر بمهارة فائقة غاص بها الكاتب في أغوار الزمن بلمحات خاطفة.
لفظ موح جزل ولغة سليمة جدا إلا من تجاوز في”بصوته العال”والصواب”العالي”لأن المنقوص لاتحذف ياؤه إن كان معرفة.
أ. عبير عزاوي
إسقاط.رائع ولعب زمني مبهر .
استطاع الكاتب أن يستدرج قارئه ويورطه في لعبة تخييل عالية المستوى من خلال تتبع مشهد الباص وتصوير مرور الزمن عليه وتلبيسه مع مرور الزمن على السارد الذي غرق بعزلته وانفصل عن نفسه ولكن الكاتب يعود لييث الأمل من جديد في شخصية الشاب الذي بدأ من جديد دورة الحياة ولكن ليكون السؤال المتروك للقارئ هل هي جولة أخرى من جولات نفس تعاني من وظأة العزلة في عالم متسارع لاقلب له .
النص رائع والسرد مكثف متدفق مما يشي بكاتب يمتلك ادواته باقتدار.
كل الشكر لهذه الفقرة الغنية والماتعة.
بوركت جهودكم
ا. محمد كمال سالم
أ. زين ممدوح
ما الزمن إلا فنان يمسك ريشته، واضعا لمساته على وجوه البشر ولا أحد يستطيع أن يرد يده!
أ. أبومازن عبد الكافي
بسم الله …
أصدقكم القول، اقشعر جسدي ووقف شعر رأسي عندما ما وصلت للثلث الأخير من تلك السردية الرائعة بسيطة المفردات عميقة الدلالة.
هي أيامنا وسنين عمرنا تمر ونلحظها على غيرنا ونغفل عن ملاحظتها على أنفسنا إلا إذا اصطدمنا بموقف يجعلنا أمام مواجهة حتمية مع حقيقة دائما نتغافل عنها ونتناساها وهي أننا ماضون أردنا أم أبينا لنهاية حتمية منذ خلقنا على هذا الكوكب،
نقطة بداية مرت وانطلق السهم إلى نقطة ثابتة يبلغها في موعد محدد، هو وقت انتهاء الأجل المحتوم (الموت).
(قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم…)
حقيقة ثابتة تكره النفوس تذكارها.
وصف الأديب القطار وصفا رائعا وكأنه هو الآخر يمر بنفس المراحل وتبدو عليه مؤثرات الحياة وتجاعيد الزمن.
ربط رائع بين الراوي والقطار والراكب، مع بلاغة سردية غاية في الروعة تدل على تمكن السارد من أدواته وبراعة صنعته في الحديث عن خطوطه المتوازية يطريقة مشهدية جاذبة مؤثرة.
تخيلت نفسي أقف في الشرفه وشاهدت القطار وسمعت صوته وراقبت الركاب وركزت مع الراكب الذي يشبهني ووجدتني أيحث عن نفسي في المرآة وأواجهني بالحقيقة الاي لا فرار منها ولا مهرب.
تحياتي وتقديري لأديبنا مع أطيب أمنياتي بمزيد من الإبداع الراقي.
أبومازن عبد الكافي.
10/8/2022m
12 من المحرم 1444هجرية.
أ. ثناء شلش
رائعة جدا .. فعلا نحن لا نشعر بمرور الزمن علينا ولكن نراه في وجوه الآخرين وعندما نرى ماصار إليه حالهم .. لحظتها فقط .. نتذكر أنفسنا وتسرع لنرى ما فعلته بنا الأيام .. أحسنت وأجدت
أ. فاطمة الرفاعي
جميلة جدا معنى عميق وسرد مشوق متدفق .. وإن كانت نهاية القصة طويلة والمعنى والجمل فيها مكررة .. ولكنه ابداع جميل حقا
أ. مصطفى ضية
في تناص مع قصيدةللشاعر الكبير محمود درويش-والمبدعون حيثما كانوا يلتقون شعرا أو نثرا أو نحتا-يقول في أحد اسطرها:”مر القطار سريعا،مر بي وأنا مازلت أنتظر…”
قطار العمر سريع عندما نطل فجأة على محطته الأخيرة وفصول العمر هي محطاته: ربيع فصيف فخريف فشتاء.تعرف والدتي-أطال الله في عمرها-هذه الفصول كالتالي:
الربيع:منام
الصيف:ضيف
الخريف:هو العام
والشتاء :شدة.
وعينا بالزمان وبالمكان شقي جدا لذلك نحن متخلفون على جميع الاصعدة والتخلف في نظرية الاقتصاد السياسي تعني:عجز فرد أو مجموعة أو شعب عن توظيف امكانياته لصالحه ليصنع بها سغادته:وحدها المرأة الثابتة-مراتنا وليست مرأة غيرنا-تعطينا جرعة من الأمل،امل الحياة…!!
مصطفى ضية،تونس.
أ. محمد عبد الحكم
تتكئ القصة على رؤية فلسفية واسئلة حائرة تبعثها النفس الملتاعة التى وجدت كل شيء يشيخ من حولها حتى القطار رمز الحياة والفحولة يهرم براكبيه ،ونحن ما زلنا بعيدين عن أنفسنا وملامحنا التى نسيناها تحت ضغوط الحياة، حتى تداهمنا الحقيقة من خلال مراة لا تكذب ولا تتجمل ،
أ. إمام سراج
قصة رائعة والعنوان معبر دال جدا حيث ان العمر يسير كما القطار في خطوط متوازية كما ان العمر لا يرجع إلى الخلف وما فات منه لا يمكن إدراكه وفجأة نجد العمر يُسرق ولا يبقى من الزمن إلا آثاره فتحية لهذا النص الراقي والسرد الممتع من قاص/ه له أدواته واستطاع بكل حرفية أن يطوعها ليخرج علينا بهذا الإبداع
أ. عبد الرحمن الحناوي
الذي أعجبني في هذه القصة أن القاصة ربطت بين الشخص المذكور وبين القطار فكلاهما قد تغير بفعل الزمن ونقش الدهر بأنامله على وحه كل منهما خطوطا تظهر عمر كل منهما وكأنها أرادت أن تقول حكمة مفادها أن التغير هو سنة الحياة وأن البقاء والخلود ليس لأحد إلا لله وحده .
ويالها من حكمة عظيمة .
هناك خطأ لغوي غير مقصود وهو قول القاصة انسالت التي لم أجد لها معنى في القاموس وربما كانت تقصد أن تقول انسابت أو انهالت وكلاهما يتناسب مع المعنى المراد
أ. محروس يس
نرى وجهنا كل يوم، ولا نشعر بتغيرات الزمن الجذرية علىٰ ملامحه، إلا حين مطالعتنا لوجه أحد أقراننا الذين باعدت بيننا وبينهم الحياة، ساعتها ـ فقط ـ ندرك أنه مر من العمر سنوات وسنوات وسنوت •
سطور رائعة اختذلت في بساطة وسلالة أمر يمر به كل إنسان، ولا يشعر به إلا حين يذكره فجأة أحد بمضي قطار العمر
أ. هالة علي
سرد معبر، هي حياتنا بمراحلها على متن قطار الحياة.
نُتابعها وكأنها لا تعنينا ونرى فيها غيرنا حتى تصدمنا الحقيقة بوجهها السافر في المرآة.
سعدت بإبحاري على متن كلمات كاتب/ة متكن/ة من أحرفها .
أ. عبد النبي عياد
قصة إكتملت فيها كل الأركان اللغة الصحيحة السرد الراقى الأحداث الأماكن الشخصية المحورية للقصة إنها بالفعل لا تخرج إلا من قلم مبدع أحسنت
أ. صديقة علي
أعرف أنه يسابق الزمن من أجل الحياة، لكنه في الحقيقة يعْدو تجاه محطته الأخيرة./ولا أدري ما الذي دفعني أن أرى فيه نفسي؟ إنه يشبهني! فانقبض قلبي، /تزيد وصوت الكاتب واضح / تنتهي القصة عند :وكانت المفاجأة! .. إنه صاحبي الذي أبحث عنه يواجهني في المرآة!قصة محبكة فانتازيا/ تيمة مكررة كثيرا لكن التناول جميل / خلت القصة من الصراع فبدت سلسة منسابة بخط أفقي. تحيتي
أ. السيد الشيتي
سرد رائع وأُسلوب بديع وتصوير بارع فنحن نصارع الزمن الذى يمضى بنا كالقطار ثم يتوقف بنا فى محطة من محطاته لنكتشف على وجوهنا تجاعيد الزمن التى خلفتها المعاناة ومرار ة الالم سطور معبرة ومؤثرة اختصرت حياة الإنسان الذى خلق فى كبد.. تحياتى وتقديرى لصاحب/ة هذا النص الرائع الواقعى وتمنياتى بالتوفيق
أ. هدى وهبة
سرد مشبع برؤية فلسفية واقعية عن الزمن و مروره بمحطات العمر دون دراية بفاعيله بأرواحنا
هي لقطة زمنية يراها جميعنا في مرآة العمر المار والفار فرار الريح.. قلم مبدع وقاص جيد وحرف واقعي صادق ..بالتوفيق إن شاء الله
تعليق الأديب علي جبل صاحب النص
محمد كمال سالم
شرفت بكل من خط بيده على قصتي بالإعجاب أو التعليق أو النقد او بتوجيه النُصح.
تحية حب واحترام وامتنان لكم جميعا.
وعظيم الامتنان للأستاذ الأديب محمد كمال سالم ، وقيثارة الإذاعة الأستاذة جيهان الريدي على إتاحتهما لنا فرصة تقديم أنفسنا على هذه الصفحة الموقرة.
التعليقات مغلقة.