قصة للنقد : ريم و الأشرار لمحمد كسبة
قصة للنقد : ريم و الأشرار لمحمد كسبة
عدنا إليكم أصدقائي الأعزاء، نتوق إليكم وإلى تواصلكم الماتع ومقارباتكم الواعية التي تقدمونها هنا في فقرتكم ” قصة للنقد”
أليكم نص جديد
ريم و الأشرار
بعيدا عن العالم و زخم الأحداث ، تلجأ ريم إلى عادتها القديمة القراءة .
تجد بين السطور عالما حقيقيا ، عالما رحبا واسعا ، فيه التعجب ، التحليل و الاستفسار ، عالم يمتزج فيه الواقع بالخيال .
كل ما ورثته من والدها عبارة عن بيت قديم ذو طابقين، الطابق الأول يحتوي على مطبعة من الداخل و مكتبة على الشارع .
و الطابق الثاني شقة بها العديد من الأرفف التي تحوي كتبا تقريبا في جميع التخصصات ؛ لكن ما يستهويها هو قراءة الروايات و خاصة النسخ الأصلية لكبار الكتاب العالمين من أمثال شكسبير ،أرنست هيمنجواي ، مارجريت ميتشل ، فيكتور هوجو و غيرهم .
ذات مساء تناولت ريم فنجان القهوة و ارتدت نظارتها السوداء، نظرت إلى رف روايات الأدب الإنجليزي ، اقتربت أكثر كي تشم شذى الأوراق القديمة التي تثير دافعيتها و نهمها للقراءة ، بمجرد أن تنظر لأي رواية كانت ترى أشخاصها يخرجون إلى الغلاف ، و ينادون عليها ريم …. ريم صديقتنا الجميلة تعالي معنا في عالمنا ، فكانت تبتسم لهم ، و بمجرد أن تبدأ في قراءة أي قصة ، كانت عندما تجد شخصا شريرا ، تزداد ضربات قلبها بشدة ، فكانت تغلق الكتاب و تشعر بالخوف الشديد .
ظلت طوال الليل على هذا الحال لم تكمل قصة للنهاية .
مع دقات الثانية ليلا شعرت بالنعاس و تثاءبت ، دخلت لتنام على سريرها الذي صنعه لها والدها على شكل كتاب كبير من الورق المقوى .
كانت حين تقرأ رواية تنام في صفحة الروايات التي تحوي العديد من أغلفة الروايات المدونة بأسماء الكتاب ، و حين تقرأ الشعر تنام في صفحة الشعر و هكذا .
في تلك الليلة البائسة نامت في صفحة العدالة و القانون .
داخل قفص الإتهام في محكمة الأدب الروائي.
يا ريم هناك العديد من الشكاوى التي قدمت ضدك من كل الشخصيات الشريرة في الروايات التي لديك ، هذه الشكاوى مضمونها أنك تريدين تجريد تلك الرويات من الشر و الجريمة لماذا؟
سيدى القاضي القراءة متعة و تشويق و إثارة ؛ لكن هذه الشخصيات أصبحت تحاصرني في الواقع و تطاردني كالأشباح في كل مكان أذهب إليه .
فأنا أراهم وحدي و الناس لا يرونهم .
هؤلاء الأشرار جعلوني أتصرف أمام الناس بسلوكيات غريبة ، حتى حين أتحدث إلى الأشرار يسخر الناس مني ظنا أني أحدثهم بكلام لا يتناسب مع الموقف .
سيدي القاضي : لم أنا هنا الآن ؟
من المفروض أني نائمة في سريري .
يا ريم أنت الآن في صفحة العدالة و القانون و لابد من محاكتمك على أفعالك ؟
و يجب عليك أن تكوني متعاونة معنا في عالمنا ، يجب أن تسمحين لتك الشخصيات الشريرة أن تؤدي دورها في القصة ؟ مادمت لست جزءا من الأحداث و لم يقع عليك أي ضرر ؟
لا يا سيدي القاضي في الواقع أنا متضررة منهم .
لكنهم شخصيات خيالية يا ريم ؟
خيالية ؟ كيف؟ إذن لماذا أنا هنا ؟
ما ذنب تلك الشخصيات في كراهيتك لهم ؟
أجيبي على سؤال محامي الشخصيات الشريرة ؟
تلعثمت ريم و لم تنبس ببنت شفة .
أكمل المحامي حديثه
هل هناك خير مطلق ؟
بالطبع لا
هل هناك شر مطلق؟
بالطبع لا
إذن الواقع نفسه به أشخاص سيئين بل سيئين جدا ؟
ألم تتعاملين في الواقع مع أشرار يا ريم ؟
بلى تعاملت مع الكثير ؛ لكني كنت أبتعد عنهم .
لكن يا ريم لم يتم حذف الأشرار من الواقع ؟
أتمني أن أحذف الأشرار من الواقع يا سيدي لتصبح الحياة أفضل .
الحياة بدون أشرار لن تكون جيدة ، بل ستكون حياة مملة باردة ، ما أجمل الحياة التي يشتعل فيها الصراع بين الخير و الشر !
الصراع عبارة عن ألم ، معاناة و سلب حقوق الآخرين ، الصراع هو الباب الأول للجريمة .
يا استاذة ريم مفهومك عن الصراع خاطىء ، الصراع هو منافسة شريفة للوصول إلى هدف .
قلت منافسة شريفة ، تخيل أنا لم أجد أبدا منافسة شريفة في معظم الرويات التي قرأتها .
معظم و ليس كل ، عموما أنا لا أتحدث عن الصراع أنا أدافع عن الأشرار في الروايات ، كي لا يتم إقصائهم و تصير الروايات فارغة من محتواها .
يا ريم هل أنا شرير أم شخص صالح ؟
لا أنت لست صالح ولا القاضى أيضا كلكم سيئين أين أصدقائي الطيبين ؟
لم هم بالخارج و أنا وحدي مع السيئين هنا ؟ أريد الطيبين معي في قاعة المحاكمة ؟
ريم في حالة ذعر و خوف من نظرات و وعيد الأشرار لها داخل المحكمة و الطيبون خارج المحكمة يدعون لها بالبراءة .
القاضي:حكمت المحكمة حضوريا
قبل أن ينطق بالحكم .
استيقظت ريم و هي تشعر باختناق من رائحة الدخان التى ملأت البيت ، و وجدت الشقة و الكتب كلها تحترق و الجيران يمسكون بالأواني المملؤة بالماء و يحاولون إطفاء النيران .
لكن الشخصيات الشريرة أشعلوا النار في كل مكان بالبيت حتى المطبعة و المكتبة لم تنجو من عبثهم .
مريم ذات الأربعين عاما جلست على الأرض أمام البيت تبكي ، أتى إليها طفل صغير يحمل قصة البداية و أشار إليها ، نظرت بعيدا وجدت الشخصيات الطيبة يشيرون إليها ، ابتسمت لهم و قررت أن تبدأ حياتها من جديد .
أ. فادية بكير
فكرة القصة جيدة واسلوب الكتابة حسن وخالى من الاطالة وذو إيقاع عادى لاملل ولا سرعة فى السرد ولكن الحقيقة لو تسمحوا لى لدى عدد قليل من الملاحظات التى اثرت فى انطباعى كمتلقى وقارئ . أولها انى فوجئت بأن عمر بطلة الأحداث هو اربعين عاما وطوال قرائتى كنت أظنها اصغر من ذلك بكثير ولولا احتسائها لفنجان القهوة لظننتها طفلة وذلك ( وهذا ثانى ملاحظاتى) هو فكرة القصة ومضمونها عن الخير والشر توحى او تتناسب مع أدب الطفل وخاصة أن الكاتب رسم بريشته بطلة الأحداث غاية فى الشفافية ونقاء السريرة والفكر ؛ وثالثا وأخيرا ليست نهاية الأحداث وهى واردة ولكن تبرير سبب هذه النهاية والذى يؤيد ملاحظاتى السابقتين وهو تغلب فرضية مشاركة شخصيات الروايات للبطلة وانتصار الشخصيات الشريرة التى ترفضها عليها وحتى ظهور امل جديد تبدأ معه ربما أحداث واقعية سعيدة ( على غرار الحكمة المعروفة رب ضارة لصاحبها نافعة ) . وعلى أية حال اعتبرها تجربة تمهيدية حسنة وبطاقة تعريف للفكر السوى والمشاعر الراقية ووجهات نظر والميول المسالمة للكاتب و ننتظر بعدها المزيد من الأفكار الدسمة الجديدة وجميل أن يكون على الطريق قصصى او روائى صاعد . خالص التمنيات بالتوفيق
أ. مجدي أحمد
بداية..القصة جيدة..والفكرة جديدة..وهذا ما أعطاها الحيوية..وعفوية البطلة وبراءتها سبب أساسي من أسباب الإبداع، لذلك صُدِمتُ عندما وجدتها في نهاية القصة أربعينية!! لأن الأحداث والحوار يوحيان بغير ذلك.
أحيي القاص على تفاعل أشخاص الروايات في الواقع والخيال- أو هكذا ظنت ريم.
لي سؤال:من مريم التي ظهرت في آخر القصة؟!
رغم إعجابي بالقصة إلا أن بها مجموعة أخطاء نحوية ولغوية قد تُخل بالمعنى يجب تداركها..وأنا أكتب لك تصويبها بترتيب ورودها في القصة:
ذي..تسمحي ..لتلك..سيئون…
تتعاملي…
صالحا..سيئون..الطيبون.
تحياتي لك
أ. محمد المغربي ممدوح
قصة جميلة المضمون اركانها الواقع والخيال ومزيج بينهم ..يجعلك تفكر ..ايهما أفضل الواقع ام الخيال ..؟
عموما قصة اعجبتنى برغم أن عالم القراءة والبحث والمعرفة قدتغيرت ادواتها..وتحدثت كثيراا حتى الاشرار اصبحت ادوارهم هى الواقع ..وباختلاف الاماكن ..كلها واقع الاشرار
أ. أسماء حامد
هائل الفكرة والسرد حتي صراع الخير والشر
د. مايسة إمام
تناول جديد يتجاوز حد الروعة لفكرة.الصراع الأزلي بين الخير والشر والطيب والشرير وأجمل مافيها المزج في الحالة بين البشر والكتب
الحوار أعطى القصة حيوية وفاعلية حتي أنني شعرت كمن يرى مشهدا من فيلم سنيمائي بارع
من المميز فيها الاختصار والتركيز مما لا يشتت القارئ
وإن كنت لا أرى للصور البيانية.الجزئية وجودا كبيرا
كذلك بعض السقطات الكتابية والنحوية تحتاج لمراجعة ولكن الإيقاع السريع للقصة اخفى تلك العيوب فتحية لكاتب القصة
أ. محمود حمدون
طاقة سردية للكاتب/ه لا حدود له, مشروع روائي/ه, إن شاء الله
أ. نيرمين دميس
في الأحلام نهرب من قسوة الواقع، نعيش الخيال الجميل، ننتصر للخير ونهزم الشر، نرى أحبابا فارقوا عالمنا، يغيب الحزن وتحضر البهجة، نطير ونعبر ونصبح خارقين، نرسم عالما نحبه ونتوق إليه، نعيش سلاما موطنه السماء..
أخذنا الكاتب/ة معه في رحلة داخل حلم جميل، حاكمت فيه ريم الشر والأشرار، تمنت اقصائهم من بين طيات الكتب، في إشارة إلى الرغبة الحقيقية في محوهم من عالمنا حتى يصير جميلا ملؤه السلام والمحبة، معنى رومانسي إنساني جميل ولكن وسط هذا المعنى الحالم، أخذتنا معها في تفاصيل زائدة، وحوار مسرحي أو ما يشبه سيناريو طويل، لا يتناسب مع أهم مقومات القصة القصيرة من تكثيف وإيجاز، وفي رأيي بهذه السردية نحن أمام نفس روائى غني وطويل، بل أمام نواة لرواية جيدة، إن خططنا لها وأحداثها، ورسمنا شخصياتها جيدا، تحياتي وتقديري
أ. جمال الخطيب
المدخل كان واعدا ، ظننته سينحو منحى مكتبة هوجوراتس في هاري بوتر ..وصف البيت واالمكتبة كان متقنا وملفتا للنظر .
وللحقيقة انا أذكر رائحة الكتب جيدا في مكتبة البعثة البابوية، هي تشبه هذه الاجواء ..كان مشهد شم الكتب رائعا، وذاكرتي أعادته للتو ..وحقيقة نحن نغفو على الكتب ، وهي أمتع الغفوات .
وددت لو ناقش المتن شيئا آخر ، ولكن لا بأس.
القفلة واكبت المتن بالتأكيد وكان الحلم مرعبا ..وكتاب البدايات والطفل أعادا الفكرة الى الواجهة .
هذا جميل .
دام القلم .
تعليق الأستاذ محمد كمال سالم
كان هذا النص المفعم بالخيال، للقاص الرائع الأستاذ محمد كسبه أنا أحب مثل هذه النصوص فشكرا لمساهمتك صديقي
تعليق الأستاذ محمد كسبة صاحب النص
شكرا لحضراتكم جميعا
اسعدني مروركم الراقي و تعليقاتكم المميزة
كل عمل إنساني يشوبه النقص و التقصير فالكمال لله وحده
و توجيهاتكم محل الاهتمام في النصوص القادمة دمتم بخير
التعليقات مغلقة.