قصة للنقد: صعود للكاتبة نيرمين دميس
قصة للنقد: صعود للكاتبة نيرمين دميس
أ. محمد كمال سالم
ما رأيكم لو حلقنا في السماء ساعة، أو نتبع سرب النورس المهاجر حتى بلاد الشمال.
ربما في النص الثاني عشر من فقرتكم قصة للنقد، نحلق ولو للحضات، ولكن احترسوا من الصيادين
قصة صعود
لمحته يتحين الفرصة، يحاول الاقتراب من الأرض في غفلة من قاطنيها، يلتقط أنفاسه وبعض الحب، ثم يعاود التحليق في فضائه الأزرق الفسيح، يضرب الهواء بقوة، يقطع المسافات، يطويها طيا، يغدو خماصا ويروح بطانا، ليحط على الأرض مجددا، أتساءل في عجب من أمره..
لم الهبوط وقد أوتيت سؤلك؟!
هل أدمنت ممارسة الخوف؟!
أم أنك مثلنا تتطلع إلى حياة غير حياتك وحسب؟!
هل انبهرت بتلك المباني السامقة، وهذا الصخب الزائف؟!
أم أنك تطمع في مكتسبات أهل الأرض؛ فالمجهول دوما مأمول؟!
هل وقعت تحت تأثير سحرها الأسود، الذي يجذبنا الى هبوط، ويأبى علينا الصعود؟!
أم تراه ذاك الفضول الذي يدفع طفلا إلى استكشاف النار بإصبعه؟!
ألا تعلم أننا نغار منك؟! فأرواحنا تتوق إلى التحليق بعيدا مثلك، وأنت تهجر العلا وتهوي إلى السفوح.
نعم يا عزيزي..نشتاق إلى لحظة الفكاك من الأسر، حين نكسر قيودا كبلتنا؛ فسلبتنا الرفعة والتسامي.
ووسط تساؤلات بلا أجوبة، انخلع قلبي عندما صوب أحد الصبية فوهة بندقية صيده، نحو ذاك الهدف الذي بات سهلا لطيرانه المنخفض، أحكم الصبي قبضته على سلاحه، أغمض إحدى عينيه إمعانا في التركيز، ثم ضغط على الزناد في ثقة؛ ليتعالى صياح رفاقه ساخرين؛ فقد أخطأ القناص الهدف، تنفست الصعداء، ورحت أتابعه بنظري بينما يرتفع عاليا حيث موطنه ومأمنه، أكاد أجزم أنه لن يعود أبدا؛ فقد ارتدت له الأرض قناع الغدر.
استمتعت بمراقبته يسبح في تلك الزرقة الصافية، يتنعم بانطلاقه وحريته، فتسمو معه روحي وتتحرر، ولكن تلك اللحظة الحالمة لم تدم طويلا، فقد فاجأني بالاقتراب من جديد، ليقف على سطح البناية المقابلة، يتلفت برأسه الصغير بين جنبات عالم البشر.
تأملته غاضبة حانقة، أنعته بالكبر والغباء، أصيح فيه وكأنه يسمعني:
ألم تتعلم الدرس؟! أم أن غرورك صور لك أنك نجوت بفضل ذكائك وفطنتك؟!
أليس لديك وليفة وصغار ينتظرون عودتك متلهفين؟!
ألا يستحقون أن تحافظ عل نفسك من أجلهم؟! أم أنك لا تستطيع مقاومة حب المغامرة والاستكشاف؟!
أتعلم ..لن أتعاطف معك أو حتى أهتم لأمرك بعد الآن، ولتواجه قسوة العالم الذي اخترت الاقتراب منه بإرادتك .
شخصت ببصري في الأفق البعيد؛ محاولة تنفيذ ما عزمت عليه، وكلما ضبطت نفسي متلبسة باستراق النظر إليه؛ أشحت بوجهي بعيدا عنه، حتى رأيته في إحدى نظراتي الخاطفة، يحوم أمام الطوابق العليا للبناية، يصطدم بزجاج نوافذها المغلقة من الخارج، حتى حدث ما كنت أخشاه..استطاع بعد محاولات عديدة أن ينفذ إلى الداخل، عبر إحدى النوافذ المفتوحة.
يا الهي! لا بد أنه يدور الآن في سقف الغرفة خائفا مذعورا، بعد أن أيقن وقوعه في الفخ، وبينما أنتظر خروجه من حيث دخل في قلق وتوتر، أغلقت النافذة تماما؛ فانكسر طوق نجاته الوحيد، ليواجه الصغير مصيرا مجهولا.
أطرقت رأسي في حزن، وتسللت زفرة ساخنة، تحمل ما ضاق به الصدر من غيظ وغضب؛ لما آل إليه ذلك المسكين الأحمق، بينما اقتحمت وجهي ابتسامة هادئة، عندما لمحت سرب السلام يرفرف عاليا، وكلما ارتفع بعيدا وتضاءل حجمه؛ تضاءلت معه الأرض من تحته.
الرؤى النقدية
أ. محمود حمدون
سرد رائع، غير أن القاص/ه تعجل/ت وكشف/ت الفكرة حينما وضع/ت الفقرة”الا تعلم أننا نغار منك…..”فبان المطمور.. لكن القصة رائعة والصراع النفسي للبطل الراوي زادها توهجا..
أ. هنا سعد
-القصة رائعة وممتعة
-جعلت القارئ يتسائل معك
-والصراع النفسى بين الصعود والهبوط للقاص زادنى شوقا وجعلنى أتمها للنهاية
-نجحتِ فى اختيار الطائر رمزًا
-تعجلت كشف الفكرة فى السطر الثانى
أ. فتحي محمد علي
تتاول قصصي مبتكر وأخاذ منذ البداية حتى الخاتمة مع روعة الحوار الداخلي التي تظهر تمردا على وضع غير مرض.
لفظ جزل لمعنى راق وحسن بيان مع سلامة لغة.
تحياتي.
د. ناهد الطحان
الحرية.. الانطلاق.. الطيران بعيدا هي سمات يسعى إليها الانسان منذ القدم.. يحاول اقتباسها من الطير الذي حباه الله دون الكائنات بتلك الميزة ليرفرف عاليا فتكون الرؤية ابعد ماتكون وتكون السعادة أشد ماتكون هكذا يشعر الإنسان ذلك الكائن المقيد بالأرض والسعي فيها وهكذا أراد الله.. سعدت بالقصة لأنني رأيت فيها أحلاما لا تطال لكن هذا الكائن البسيط التلقائي يشعر بها ويحسده الكون كله على تلك الاحاسيس الذي كان عباس بن فرناس يرجوها لنفسه لكنه لم يصب هدفه لان الله لم يخلقه بأجنحة خفيفة وجسد رشيق مثل الطيور فما كان منه إلا أن سقط خائب الرجاء.. ليترك حلما الي الان يتخيله البشر في سوبر مان والرجل الوطواط يداعب خيال المشاهدين عبر التلفاز وكإن الإنسان يريد أن يقول انه أمتلك الأرض والسماء معا لكنها اضغاث احلام فاجسادنا ثقيلة بلا اجنحة.. اما الطيور فهي ارواحا تتنقل بشفافية ترقبنا من السماء وتعلن لأهل الأرض بما فيها من موبقات انهم انتصروا على كل الصغائر ولا يحتاجون لمثل تلك الأمور الدنيوية.. فهاهو الطفل يصطاد الطير ويريد الإيقاع بها رغبة في الأمتلاك والاستحواذ ليثبت انه الاقوى على الأرض ملعبه وثقله ومركزه لكن الطير هو الاقوى في السماء يجول ويجول بحرية بعيدا عن اضغان البشر بأرواح غاية في الانطلاق.. قصة رمزية تعيد الي الاذهان خلق الكون ونزول الإنسان على الأرض يقطنها ويعمرها فهو ينجذب إليها طوعا او كرها فعليه ان يصنع عالما خاليا من المفاسد والمشكلات اذا اراد ان ينطلق بشفافية الطيور.. هكذا كانت القصة التي شدتنا منذ البداية لأنها تحمل موضوعا شائقا بكلمات بسيطة معبرة وموحية بالموضوع وفي تناول هادئ وصراع يشد الانتباه و محبب قريب للطبيعة الإنسانية التي يستهويها النظر الى السماء. وأعتقد أن القبو المظلم كعنوان فيه إشارة للارض المظلمة في مقابل السماء المنيرة الرحبة مما يشير الي اننا جميعا محصورون في هذا القبو والطيور وحدها هي ما تستمتع باتساع السماء واجوائها الساطعة.. كل التقدير للقاص وللاذاعية القديرة جيهان الريدي
أ. علي جبل
سرد رائع
موضوع شيق يجعلنا نحلق معه في السماء كما حلق الطائر. انها الحرية اغلي ما يمتلكه الإنسان، وحتي الطيور والحيوانات.
كما صور الصراع النفسي بشكل ممتاز.
والنهاية موفقة.
كل التحية والتقدير والاحترام للكاتب.
أ. أحمد فؤاد الهادي
في ظاهر السياق يتوجه الكاتب بحديثه إلى طائر، ويراه قد أوتى سؤله، ولا مبرر للمغامرة بحثا عن مجهول، ثم حصر تساؤلاته التي أثارت تعجبه، والتي أراها موجهة إلى البشر، وأنه لم يأت بالطائر إلا كوسيلة لتوضيح الفكرة.
والكاتب متأثر في بعض تعبيراته بالنص والأسلوب القرآني، بل أن الفكرة كلها تندرج تحت المبادئ السامية للدين، مثل: القناعة، الرضا، الحمد، وألا يلقى الإنسان بنفسه في التهلكة.
السرد رشيق ومشوق، واللغة سليمة وغير معقدة وخالية من الأخطاء اللغوية والنحوية، والكاتب رسم صورة حية للطائر وتصرفاته معززة بتخيل ما يدور بخلده والمبررات وراء أفعاله، تمهيدا لما وصل الكاتب إليه من انتقاد لهذه الأفكار وكذلك التصرفات التي ترتبت عليها، ونجح الكاتب في إبراز قناعته بأن تعاطفك مع من ضل الطريق لن يمنع الضرر الذى قد يعرض نفسه له، والذى قد يصل إلى الفقد التام كما فقد طائر القصة كل شيء.
العنوان: جاء ذكيا رائعا، الصعود، رغم أن النهاية كانت الهبوط، وكأن الكاتب استهدف من قصته أن يقول إن حلم الصعود يجب ألا يتعارض مع أساسيات تواجد الإنسان، وإلا سيتحول الصعود إلى هبوط مميت.
والكاتب لم يفته أن يبعث الأمل في نفس القارئ، فجاء بسرب الحمائم والذى ينظر إلى الأرض من عل، وكأنه يقول إن الأرض وماعليها لا تستحق أن يضيع بسببها المخلوق.
الفكرة جميلة، والمعالجة ذكية، والكاتب يمتلك أدوات أدبية راقية ويجيد استخدامها، فتحية له ولقلمه، وإلى مزيد من الإبداع.
أ. محمد كسبة
القصة متكاملة الأركان متميزة السرد تحاكي الصراع مع الواقع و الرغبة في الصعود و الخوف من المجهول ثم اختيار الهدف و الوصول إليه حتي و إن كان الطريق صعبا
الالفاظ واضحة
الحوار خفي داخل النفس لكنه متميز
القصة جاذبة للقاريء حتي نهايتها
أ. محمد عواد
تحليق سردي رائع،
مع تحفظي على جملة” تهوى على الأرض”
على تستخدم للحركة الافقية..
” تهوي إلى الأرض، أو نحو الأرض “
أ. أبو مازن عبد الكافي
بسم الله…
هي إذن كاتبة ؛ تحياتي وتقديري وجم احترامي لها حيث قالت :
“تأملته غاضبةً حانقةً ….”
تتحدث عن طائرٍ منطلق في السماء يغدو ويروح ويهبط ويصعد .
يهبط خَمِصًا لالتقاط الحَبَّ فيعود بَطِنًا ويصعد محلقا سعيدا .
- أرى أن الطائر الحر المحلق هذا لا يهبط إلى الأرض إلا مضطرا للبحث عن الرزق ؛ هو يسعى متوكلا على ربه غير آبهٍ بخطر قد يلحق به . فهو لا يهبط رفاهية أو اختيارا .
- نحن دائما نغبطه على حريته ونتمنى لو نحلق في الفضاء مثله ونتحرر من قيود شتى قد كبلتنا في حياتنا الأرضية.
- لكنها الحياة نبحث فيها عن السعادة فلا نجدها ؛ أحيانا نصادف لحظات من السعادة ونعيش فيها أوقاتا لكنها تكون دائما سعادة منقوصة .
(خلق الإنسان في كبد) - فالسعادة الحقيقية نُحصِّلها برضا الله ومَنِّه وتفضله علينا برحمته بأن يجعلنا في الآخرة _ دار الخلود _ من أهل جنته. آمين .
- ما أعظم الحرية تلك التي من أجلها تناضل البشرية .
و الكاتبة هنا تعلي قيمة الحرية والتمسك بها وعدم التفريط بها ؛ بل والسعي لاستردادها إن فقدت .
تحياتي وتقديري لكاتبة ذلك النص الرائع الماتع القيم.
يا طير ياطاير لفوق
نفسي لحياتك أدوق
ومن شقايا أروق
وأعيش كريم
ياطير ياحر بجناحك
أنا نفسي أسكن بساحك
وأفرد جناحي ف براحك
وبقلبي أهيم
ياطير غنانا اللي سارح
والرزق في الأرض طارح
وفين تلاقي المطارح
والعيشة جيم
ياطير ياساكن في عشك
بعيد عن اللي يهشك
وف اكلتك صار يغشك
ربك عليم
احكي ياطير ع اللي نابك
فضفض ربوح باللي صابك
قول شكوتك من غرابك
دا شيطان رجيم
البومة واقفة تراقب
حواليها شلة عناكب
والكل ع العش ساحب
تخطيط لئيم
غني ياطير ع الربابة
يمكن تخاف الديابة
وتسيب مكان للغلابة
يبقى نديم
أبو مازن عبد الكافي .
الاثنين 27/9/2021
أ. هالة علي
كلما وقع بصري على سرب طيور يُحلق في السماء شعرت بالرغبة في التحليق مثله مبتعدة عن الارض بكل همومها ومشاكلها ولكن تلك القصة تمثل الحقيقة التي نتجاهلها … الحرية مكفولة للجميع في كل مكان ولكنه العقل الذي يعرف كيفية الحصول عليها … كان الفضاء برحابته ملكا للطائر ولكن لقلة عقله اختار ان تكون نهايته في مكان مغلق … القصة رمزية تحمل بين طياتها تنبيه لكل من ضاق عليه اُفُقُه فألقى بنفسه في التهلكة.
أ. محمد كمال سالم :
كان هذا النص المحلق للأستاذة
نيرمين دميس
نص بديع ينم عن روح رقيقة وحس مرهف، أشكرك صديقتي
أ. نيرمين دميس صاحبة النص
شكرا جزيلا أساتذتي
أستاذة جيهان الريدي
أستاذ محمد كمال سالم
على إتاحة الفرصة للمشاركة في ” قصة للنقد” للمرة الأولى، فلا قيمة لما نكتب إن لم يقرأ ويأخذ نصيبه من النقد والتحليل، فنقف على مواطن القوة والضعف، لنتطور ونتعلم ونتبادل العلم والخبرات.
كما أشكر أساتذتي الكتاب والنقاد على اهتمامهم بنصي المتواضع، ومنحه من وقتهم وطاقتهم لسبر أغواره، والغوص في أعماقه
أستاذ محمود حمدون
أستاذة Hana Saad
أستاذ فتحى محمد علي
د/ ناهد الطحان
أستاذ Ali Gabal
أستاذ أحمد فؤاد الهادي
أستاذ محمد كسبه
أستاذ Mohamed Awwad
Abo Mazen AbdElkafy أستاذ
Halla Ali أستاذة
كما أرحب بآراء السادة الكتاب والنقاد الذين لم يحالفني الحظ بقراءتهم كلماتي
جزيل الشكر لصفحة ثرية تجمعنا في بحور الأدب..صفحة الأستاذة جيهان الريدي.
التعليقات مغلقة.