قصة للنقد : مكافأة منتصف العمر للأديبة مي محسن عامر
قصة للنقد : مكافأة منتصف العمر للأديبة مي محسن عامر
السلام عليكم ورحمة الله، بعد التحية والتقدير أصدقائي الأعزاء:
استكمالا لما استأمنتمونني عليه، أظن أن هذا هو النص الأخير عندي لكم في فقرة قصة للنقد، على أن نعود لكم في القريب العاجل إذا شاء الله لنا هذا بمشيئته.
النص/
مكافأة منتصف العمر
تجلس علي تختها، تلتقط أنفاسها بهدوء لتنعم بدقائق من الراحة قبل المبارزة مرة أخري، دقائق معدودة حاولت فيهم أن تغفو بهدوء، لكن لم تستطع، فما أن وضعت رأسها علي الوسادة حتى تكالبت عليها كل ذكريات عمرها .
تقف وسطهم والبسمة والسعادة يتجليان بعينيها، عروس زينت لعريسها لتبدأ حياة رغده كما وعدها ، أيام وشهور وتبخرت السعادة، نوم وإرهاق معظم اليوم ككل النساء أثناء الحمل الاول، ولكن ما يزعجها ليس الحمل بل حزن زوجها من هذا الحمل، كان يريد الانتظار بعض السنوات لينعم بها عروس كل ليلة
عام مر بكل ما به ولم تمر صدمتها من نكثه وعده بانهاء دراستها الجامعية متحجا بطفلهما، عام تلو عام وتُاجل دراستها، فقد صار الولد ثلاث، طغت الامومة علي كل أحلامها لنفسها
تدبر بيتها بما يقدمه لها من مال كل اسبوع، ولا تتجراء علي طلب زياده ، حين تزيد اسعار الطعام أو تكثر طلبات الاولاد .
حزنت مما تذكرت ففتحت مقلتيها، إضائة غرفتها خافته
، الوان الحوائط البيضاء والأثاث القاتم، اغضباها ، فقد ملت منها ، لم تمل من طلب تغير الوانها وزوجها متعنت فى تنفيذ رغبتها لسنوات بل يتفاخر بما اقتنى من أثاث وما أنفقه علي أعداد الشقة ، هو منبهر بها وهى تراها عاديه، والان بعد ٢٠ عام تراها تحتاج إلى التجديد فقد اكل الزمن وشرب على ألوان الجدران والأثاث يحتاج التجديد.
غادرت غرفتها لتنفض عن قلبها الحزن والسام، جلست وسط اولادها بالصاله لتنعم بحبهم وتستنشق عبير أنفاسهم ، داهمها الالم ، فلم تستطيع التحدث ولا التفريق بينهم وهم يتشاجرون علي اتفه الأسباب، بل ردوا علي تهديدها بصفعهم بسخرية أنها لن تستطيع تنفيذ تهديدها فهى منذ مرضت لم تقدر علي رفع يدها ، وتتالم من حمل صحن به طعام كثير أو حملت زجاجة ماء كبيرة، دقائق و دلف زوجها ممتعض الوجه من سماع صوتهم من علي الدرج صرخ فيها لتركهم هكذا
الزوجة: لم اقدر فقد أخذت الترامادول منذ قليل ولم يسكن آلامي حتى الآن
زلفت من جفونها دمعة تجر باقي اخواتها علي خدها الاصفر من قلت كرات الدم الحمراء بجسدها ، رابط عليها اصغر ابنائها واقربهم إليها
حزنت أنها تتعرض لتنمر اولادها وسخريتهم من ارتخاء جسدها بسبب المرض
تتهافت روحها علي قطعة بسبوسة حين راتهم يتناولونها بعد العشاء، أمامها الطعام وتشتهيه ولا تقدر علي تناول فتاته ، فقد منعها الطبيب عن تناول الحلويات لأن السرطان يتغذي علي السكر والالبان، ذلك المرض اللعين حرمها من كل ما تحب
أسدل الليل ستره وغط الجميع بالنوم الا هى ، تتوسله ويجافيها ، برغم سكونها ، شق الصمت حفيف صادر من أحد الإدراج ، نهضت من مكانها لتري ما هذا الصوت ، اتضح أنه هاتف زوجها النقال يهتز ورنينه صامت
رقم دون اسم والوقت متأخر انقبض قلبها حين تخيلت أن هناك أحد اقربائهم اصابه مكروه ، فقررت أن ترد ،
علي الجانب الآخر كان صوت ناعم ، خافت، ادخل القلق والشك قلبها، صاعقه هزت كل كيانها حين تأكدت من خيانته لها ومع من ؟! مع خطيبته الاولى
صدمات متلاحقة ؛ ثارت وجالت ولم تستطع إفراغ غضبها فلدى زوجها رد تربي عليه كما هى أيضا
(الرجل من حقه أي شيء ولا يحق لها التحدث الا حين يقصر بأداء واجباته الزوجية والمصرفيه )
كتمت ألمها بصدرها ، وصمتت، فكل من حولها يلقون عليها باللوم ، استمعت لنصائح الجميع وبكل مرارة حاولت جذبه إليها برغم أدائها دور الزوجة علي اكمل وجه ، ولكن لا ضرر من الزيادة ، يوم جر شهر، وملت، فصبت كل اهتمامها بأطفالها هم من يحتاجونها ، تجرعت منهم الحب والحنان عوضت بهم كل دور غير مكتمل بحياتها
دار الزمن وها هو الآن بكل كل هذه الأعوام، عاد نفس الصوت يصدر من الهاتف الموضوع بجوار السرير
ادعت النوم واسترقت لرد زوجها المتصابي ، كل حرف منه لتلك السيدة علي الجانب الآخر كان يقوله لها فى بدايت زواجهما، لم يضع فى حسبانه مرضها ولم يراعي حالتها النفسية ، ولا سن أولادهما ، كرر خيانته لها
وهى كررت كتم حصرتها والمها في صدرها فقد اعتادت منه الخيانه ، الخيانه ليست مع انثي فقط ، فخانها حين لم يحضر لها طعام يقوى جسدها ، وحين يمتعض وجهه وقت طلبها نقود التحاليل والأشعة وحين مزق قلبها من نظرته المشمئزة من شعرها المتساقط علي الوساده، وحين وعدها بتغير مسكنهما ونكث وعده
تمر الايام عليها فى وهن ودموع فياضه ليس فقط من ألم السرطان الذي يأكل احشائها بل من ألم خذلان شريك عمرها ، حالها كحال زميلاتها فى جناح جلسات الكيماوى بمشفي الدمرداش يبكين من خذلان أزواجهن منهن من قصر زوجها فى مصروفات بيته عوضاً عن زيادته وذلك إثر علي صحتها بالسلب فهي تحتاج للغذاء أكثر من أى وقت مضي ، ومنهن من تركها زوجها بعد أن علم أنها ستخضع لجراحة أزالة الثدى لعدم ظهور السرطان مرة أخري ، ومنهن من تركها تبيع مصوغاتها الذهبيه لتحصل علي ثمن الأشعة والتحاليل ، قصص كثيرة ومختلفة يسردنها بينهن وبين بعض ليخففن عن بعضهن وطات الوقت الطويل أثناء الجلسه، ومحاولين تجميع شتات ارواحهن وتطيب جراحهن فأصبحن يمضين اليوم كاملا بجوار بعضهن .
هاجمها الم قوى تشعر أن احشاهها ستخرج منها تكاد تري الدماء على ملابسها فصرخت بقوة هرول اولادها إليها وجدها تبكي وتصرخ وتقول ( دمى يسيل ) طمئنوها أنه ليس دمها بل بقعة قديمة والألم يخيل لها انها دماء
وردة ذابلة منكسرة هكذا أصبحت، تلتف اثاث الشقة كلها ولا تستريح علي اي كرسي ، جعل السرطان جسدها ضعيف يرهقها اى مجلس، تستجدى زوجها لتحصل علي كرسي جديد فينظر لها ولأثاث الشقة ويقول لها ( لا . انت تتدللين)
غمم السرطان عيونها بالسواد ، ويمطر عقلها بكل ما يرهقه، ألم مرض وخذلان وشعور بالسخط والمهانه يجتاحان جنباتها
كم تمنت أن يعود الزمن للوراء وتصلح خطاءها بالزواج قبل إنهاء دراستها الجامعية، والعمل باي وظيفة كي تمتلك المال لتحصل علي ما تريد دون التذلل لزوجها
اليوم وقفت أمام المراة تنظر لراسها التي أصبح الشعر بها يعد علي الاصابع وتتذكر شعرها بالم وحصره ، أما اسفل جفونها تلون بالزرقة كما تلونت أطرافها من تأثير الكيماوى بجسدها ، برغم ما بها من ألم تتزين وتضع
برغم ما بها من ألم تتزين وتضع شعر مستعار كى لا يري أحد ما أصبحت عليه وتظل دوماً جميلة فى عيونهم
شفرات حاده تمزق احشائها ، هكذا تشعر حين تتناول ثلاث حبات الكيماوى فى الصباح ، لا تعلم هل ذلك الدواء يفتك بالسرطان ام يلتهم امعائها
مشاجرة اليوم جعلتها تنسي ألمها وتنهض من تختها فابنتها تريد تغير ثيابها واخويها لا يريدان مغادرة الغرفة
جمعت كل قوتها وصرخت بهم ليست اول مرة يتشاجرا لنفس السبب وكل مرة تنوه عليهم أن لا يعاندا ويغادرا الغرفة لدقائق
وقعت بينهم مغشي عليها لم يتحمل عقلها كل هذا الضغط
تشعر بالوحدة الشديده لا زوج ولا أبناء ولا اسرة تساندها فى ما تمر به ، هى لاتريد مساندة مادية بل تبحث عن من يشد باذرها ويبتسم بوجهها ويدخل السرور لقلبها ويضاحكها
فى المساء تجمعت معهم علي العشاء وروت لزوجها ما حدث وكررت عليه طلب تغير الشقة باخري اكبر فلا يجوز أن يجتمع الصبيه مع الفتاة بغرفة واحده ، رد عليها اكبر أبنائها بمكنون صدرها حين سخر من تصرف أبيه بعد أن خسر كل ماله فى مشروعه الفاشل الاخير
أما ابنتها ردت ببكاء والم حين ذكرته أن اول اهتماماته سماع أصدقاءه وعدم الالتفات لاحتياجات ابنته
لم ينبث بشفة نظر لها وهو جاحظ عينيه ويشير بوجهه لابنهما ففهمت من حركته تلك أنه يتهمها بدفع أبنائهم لقول ذلك
تجلس بجواره بالسيارة، تحاول نسيان المها بالحديث معه، ولكن لم يرد ، تعجبت من مجفاته لها، فهى لم تقترف ذنب تعاقب عليه ، ولما التكبر وهو المخطى ، كتمت ألمها الذي تزيده حرارة الشمس، ونظرت امامها تبحث عن شيء جميل تسبح معه بعيداً عن واقعها ، فقد اوصاها الطبيب بالسعادة والتمسك بالأمل فهو نصف العلاج حين استلقت علي التخت واوصلو باوردتها المحلول شعرت بنار تسري معه بدمائها حاولت الهاء نفسها بالحديث مع زميلاتها بالعنبر حتى تنسي مشاجرة زوجها معها بالأمس لأنها قامت بعمل أشعة علي احشائها دون علمه وهو كان يدخر ذلك المال لشيء آخر ، خذلان ومرارة تتجرعهم منه كل عدة أيام ، انساقت مع زميلاتها الذين يحاولون نسيان خذلانهن ويبحثن عن بسمة ووقت سعيد
الزوج: نعم أنا بطل، أحد غيري كان اوصلها لوالديها يتكفلون بها .
تلك الطامة الكبري حين سمعته يقول ذلك لطبيبها بتفاخر
الرؤى و القراءات
أ. نيرمين دميس
دام عطاؤك الجميل أستاذ محمد كمال ، وشفاك وعافاك وردك إلينا سالما غانما يارب العالمين.
هي يوميات محاربة سرطان، تعكس معاناتها وألم نفسها المستتر خلف ألم الجسد..تحتاج إلى الكثير من التكثيف والتركيز على الأحداث الرئيسية المؤثرة، والتدقيق في الأخطاء اللغوية والنحوية والأسلوبية
كل التحية للكاتب/ ة ولو أنني أستشعر كونها كاتبة.
أ. يحيى إبراهيم
روووووعه لولا رابط عليها اصغر أبنائها
أعتقد انها ربت
من قلت كرات الدم
اعتقد انها قله
بعد 20عاما لم يصبح أولادها أطفال
عدا ذلك روووووعه
أ. فتحي محمد علي
قصة رائعة وهادفة وذات رسالة سامية.
حرفية في القص والسرد.
تتسم حسن اختيار اللفظ والصور.
سلامة اللغة إلا النزر اليسير في النحو والكتابة.
لوحظ في القصة شيء من التطويل مما جعلها تقترب بطبيعتها للرواية.
أ. جيهان الريدي
دام وجودك وعطاؤك أستاذنا الكريم محمد كمال سالم
وستكون النصوص الكثيرة قريبا بين يديك وأنت في أتم صحة لتقدمها لنا بأفضل تقديم كعادتك بإذن الله
أ. محمود روبي
نص جميل
ولو أنه تكثف؛ لأصبح أكثر جمالا
به إسهاب كثير في سرد بعض التفاصيل
وهو في المحصلة نص جيد
تحياتي للقاص/ة
أ. محمد كمال سالم
أستطيع أن أتفهم شعور الكاتب/ة في مثل هكذا نص، هذا التداعي الحر الذي يأبى الكاتب أن يجمحه، هو يأسره أو كسجين في أعماق وجدانه يريد أن يتحرر، وعندما تخلص منه…ارتاح ههههههه فلا يريد العودة إليه حتى وإن شابه قصور أو عوار، لذلك أعتقد أنها كانت تستطيع أن تختصر منه كثيرا ولكنها أبت
كان هذا النص المزدحم بالمشاعر للأستاذة العزيزة مي محسن عامر التي أشكرها كثيرا لأنها ساهمت معنا بنصها الجميل، ثم تحملت معي مرتين، مرة في تأخري على النشر، وتأخر جديد في الإعلان عن إسمها كصاحبة لهذه القصة…….سعدت جدا بوجودك صديقتي المبدعة مي
ولا يفوتني أن أجدد امتناني وشكري لحضراتكم أصدقائي وأساتذتي الذين حرصوا على مواصلة دعم كل من تقدم بنص
التعليقات مغلقة.