” قصتي السجينة” بقلم محمد كمال سالم
كنت أشعر أنني؛
كشجرة زُرعَت صدفة، بأرض في غير موطنها.
ك عزير عاد بعد مائة عام،،غريبًا بين قومه.
أصر أبنائي على اصطحابي إلى أحد
الشواطئ الساحرة من حدودنا الشرقية، وكنت قد أقلعت عن مثل هذه الرحلات منذ بضع سنوات.
أغراني للنزول على رغبتهم؛ أنها المرة الأولى، التي لن أتكبد فيها
مشقة الإعداد والتجهيز للرحلة،
بل منذ عقود طويلة لم أشعر
أن أحدا تكفل بشيء كان المفروض
أن أقوم أنا به.
راق لي هذا التدليل
والاهتمام الذي بدا منهم تجاهي
مؤخرًا.
ربما ظنوا أني مودعهم قريبًا..ربما.
أو لعلهم أدركوا أنني لا أجيد إعداد رحلاتهم كما ينبغي……ربما.
على الشاطئ وجدتني،،كنت قد
نسيتني، وجدت أني مازلت قادرا
على الاستنشاق بعمق، وأني مازلت
قادرا على الغناء بطريقة سليمة،
قادرا على الضحك، على استدراج
الذكريات السعيدة وأطفالي مازالوا صغارًا، والذكريات الشجية أيضًا تذكرتها.
شجعني هذا المناخ أن أكتب قصتي الحقيقية، التي لم أجرؤ يومًا علي ذكرها، أو الإفصاح عنها
حتى لصفحاتي البيضاء، أو أن ينبس قلمي ببنت شفة من سطورها.
أنهيتها في تدفق،، كأني كنت قد كتبتها من قبل، في سرد شيق مسترسل دون أن أشطب أو أعيد صياغة جملة واحدة.
وضعتها أمامي أتأملها،،قلت لنفسي:
أخيرًا فعلتها.
ها أنت قد تَعريت،،خلعت عنك ورقة التوت التي تواري سوءتك!
هل تُراك قادرًا على إذاعتها؟
أو تودعها وثيقة سرية لدى أحدهم؟
لم أجد إلا إجابة واحدة لتساؤلي،
وخلاصة واحدة تخفف تدفق تهوري!
ذهبت إلي الشاطئ عندما جن الليل
وانتصف،،كان هواؤه يعانقني،وكأنه يرحب بي.
وضعت قصتي في زجاجة،،أحكمت
غطاءها،،ملأت يدي قوة،،أرجحتها في الهواء بضع مرات،،ثم ألقيت بالزجاجة بكل قوتي لأبعد مكان في
البحر.
شعُرت حينها أني قد ألقيت عبئًا
ثقيلًا، كان يجثم فوق صدري.
تنفست الصعداء،،أخيرًا وجدت من
أستطيع أن ألقي إليه بسري في الدنيا،،ولا أغادر به.
انتهت رحلتنا السعيدة،،لملمنا متاعنا
وأشياءنا،،الأيام السعيدة تمر سريعا.
طلبَت إحدى بناتي أن نودع الشاطئ الجميل والبحر الذي يعاند
السماء ويباريها في زُرقتها.
وقفنا علي الشاطئ حفاة،،يدغدغ
الموج الهادئ أقدامنا.
وإذا بالزجاجة وقصتي يتمسحان بقدمي.
معReehan Alkamary
التعليقات مغلقة.