قصيدة ( إلى غارمة ) شعر : هشام الشرقاوى
من ديوان: ( كتاب للموتى وغلاف للأحياء )
إلى غارمة
كيف لم تأسفى
فأشارت إليه وقالت:
لأنك حين حكمتَ بميزانِ عدلِك
لم تنصفِ
أنا سيدى حين أنهلُ
كلَّ مياهِ الينابيعِ – لا أكتفى
وقلبى الذى أنت تعلم
كم هو صفوٌ
إذا مسه الضرُّ – لا يصطفى
فكيف حكمت
بكسرة خبز وشربة ماء؟
وفى الجوف سربٌ من الأبرياء
وذل وفقر
وجوع وقهر
وكهف ينام على بابه اليأس
بعد رحيل الرجاء
نجوع
فنقمش ماتلفظ الغاب
من خلفها
لنسوِّىَ منه الحساء
ننام بغير عشاء
ونعجب حين تقولون :
لا أحدٌ يتكرَّى بغيرِ عشاء
ونشكرُكم إذ سمحتم لنا
أن نشاطرَكم في الهواء
**
كيف لم تفهمى
أنها حكمةُ اللهِ في خلقِه
حين أغنى وأفقرْ
فيرزق من شاء منا
بغير حساب
ويقدِرْ
بيده الخيرُ
والملكُ
والأمرُ
وهو يقدِّرْ
وأن الغِنى – بالقناعة
وما كلف الله نفسا
– سوى وسعها –
فلماذا المغالاةُ من غيرِ حِيطة
سجاجيدُ عجميةٌ لم يطأْها خليفة
وستائرُ مُخملُها من قطيفة
وثلاجتان وغسالتان
وخمسون فوطة
وعشرون طقم سرير
ونيش
وميكروويف – بساعة
وستون ثوبا
لئلا تبور البضاعة
وحفل زفاف
وحلوى وتصوير فيديو
وطلقات نار
وقاعة
وسبعون علبة لبن مجففْ
لأن العريس يخاف على صدرها
من نحول الرضاعة
وذل – ومهزلة ومهانة
وتوقيع وصل أمانة
**
كيف لم تعرفى
أننا الأغنياء
لنا ألف داء
وألف ابتلاء
وتعترضين
لأنى حكمت بقطعة خبز
وقطرة ماء
ألا تعلمين
بأن الأطباء قد منعونى
من الخبز
والسمن واللحم
والبيض والخضروات
والتمر والتين
والخوخ والسكريات
والطبائخ والدهن والأرز
والنشويات
وأن ثلاثةَ أرباعِ دخلى
تؤول لتسكينِ داء
ولكننا نرتضى بالبلاء
لأن الغنى بالقناعة
وليس بلوم القضاء
شعـــــــــــــــــــر هشام الشرقاوى – كتاب للموتى وغلاف للأحياء
التعليقات مغلقة.