قصيدة من كنز الذكريات .. مُثُلٌ تموت
بقلم د / وجيهة السطل
هل يستطيع الشعرُ أن يتكلّما
لو أصبحَ المرءُ أصمَّ وأبكما
الريحُ تعوي والبروقُ لوامعٌ
وسيولُ أمطارٍ أبَتْ أن ترحَما
فتعضُّ أطفالًا أوَوْا في عتمةٍ
لرفاتِ بيتٍ قد هوى وتهدَّما
والكلُّ ينتظرُ العدو بلهفةٍ
ليسدِّد الهدفَ ويحصي ما رمى
أحقادُنا كم مرةً نرمي بها
أرواحَ أبطالٍ لكي تتحطَّما
ونقولُ في هزءٍ لنُخْفيَ نقصَنا
قد كان عند الحربِ هذا ساهِما
هذي ضغائنُ كم تُمزِّقُ أنفسًا
لا ترتضي ذلًّا ولن تستسلما
بشرٌ نسُوا أنّ العذابَ ضريبةٌ
تُجْبى من الأرواحِ كيلا تسأما
وتجاهَلُوا أن الشعوبَ بأسرِها
منذ القديمِ تعَاهَدَت أن ترجُما
ذئبًا يهاجمُ أرضَها مستعمِرًا
وتَرُدَّ هَجْمَتَه وتَعجِنَه دما
هذي فلسطينٌ تباعُ وتُشترى
وحقوقُنا ضاعَتْ وصارت كالدُّمى
مُثُلٌ تموتُ، وكلُّ يوم ينقضي
يرنو إلى الماضي ليلقى بَلسما
حينَ التقينا بالغزاةِ نصدُّهم
وبوحدةٍ كان اللقاءُ مُحتَّما
وحشودُهم وعتادُهم لم نخْشَها
كنا جحيمًا في الوغى وجهَنَّما
فلننسَ أحقادًا نعيش بظلِّها
و لنسمعِ الأصواتَ تخترقُ السما
هذي زغاريدُ السلاحِ تحثُّنا
فلنتركِ العبثَ السقيمَ لنَفْهما
ويلٌ لنا إن قيلَ هذا ذنبُهم
والويلُ كلَّ الويل ألا نُسهِما
بقلمي:وجيهة السطل
في ذكرى العدوان الثلاثي على مصر ٢٣/ديسمبر/١٩٦٣
التعليقات مغلقة.