موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قصيــدة ونقـــد : “تجليات الإبداع في بكائية الشوق والوطن ” دراسة نقدية تحليلية لقصيدة “فهل ألقاك يا أماه يومًا” للشاعر محمد عبد الرحمن كفر جومي …نقد وتحليل أســامة نــور

319

قصيــدة ونقـــد : “تجليات الإبداع في بكائية الشوق والوطن ” دراسة نقدية تحليلية لقصيدة “فهل ألقاك يا أماه يومًا” للشاعر محمد عبد الرحمن كفر جومي …نقد وتحليل أســامة نــور

مرحبًا بكم مبدعينا الكرام في حلقة جديدة، وقصيدة جديدة
معنا الليلة قصيدة ” فهل ألقاك يا أماهُ يومًا “؟!
للشاعر السوري ” الشاعرمحمد عبدالرحمن كفرجومي “
ننتظر تعليقاتكم وآرائكم حول القصيدة والنقد .



النص:-


“فهل ألقاكِ يا أمّاهُ يَوْمًا؟!…
بعيدٌ عنك يا أمِّي بعيدُ
فؤادي فيكِ مُنْشَغِلٌ شَرودُ..
ومابِيَدي نَأيتُ وليْسَ قصدي
فلا تُعطي الأماني ما نريدُ..
ولو بيدي الأمورُ بقيتُ عمري
بقربكِ عندَ رجلِكِ لا أحيدُ..
شقيتُ بغربتي و سئِمْتُ نفسي
ولكنْ أنتِ يحويكِ الْوَريدُ..
ومهْما كنت يا أمِّي بعيدًا
فما أنساكِ بلْ شَوْقي يَزيدُ..
خيالُكِ ماثلٌ بسوادِ قلبي
وفيهِ برَغْمِ أحزاني سَعيدُ.
يطوفُ بِمُهْجَتي ويُضيءُ دربي
ويرعاني، ضِياؤُكِ لايَبيدُ
أحنُّ لِلُقمةٍ بيديكِ فاحت
برائحةٍ هيَ العِطرُ الفريدُ..
أحنُّ لِجُمْلَةٍ يبتلُّ سمعي
بها:(ولدي؛حبيبي ؛ما تريدُ؟)..
لتقبيلي يديْكِ أتوقُ توقًا
بدونِكِ إنّني طِفْلٌ شَريدُ..
لِأَمْكِنَةٍ -أتوقُ- حَلَلْتِ فيها
لأنَّ بها مِنَ الذِّكْرى بَريدُ..
أحنُّ لِلُقمةٍ بيديكِ فاحت
برائحةٍ هيَ العِطرُ الفريدُ..
أحنُّ لِجُمْلَةٍ يبتلُّ سمعي
بها:(ولدي؛حبيبي ؛ما تريدُ؟)..
لتقبيلي يديْكِ أتوقُ توقًا
بدونِكِ إنّني طِفْلٌ شَريدُ..
لِأَمْكِنَةٍ -أتوقُ- حَلَلْتِ فيها
لأنَّ بها مِنَ الذِّكْرى بَريدُ..
صباحاتي مساءاتي ظلامٌ
بِبُعدي عَنْكِ؛ والدُّنيا صدودُ..
فهَلْ ألقاكِ-يا أمَّاهُ – يَوْمًا؟!
وهَلْ قدرٌ بلُقيانا يَجودُ؟!

مقدمة :-

لا ينفصل المبدع عن العالم والواقع ، يعيشه ويتعايشه
لكن بإحساس مختلف ،وبفكر أعمق، ورؤية للعالم أرحب.
يسطر بوجدانه ،ويصوع بفكره ما لا يستطيعه الآخر ،لهذا فهو بإبداعه يتجاوز الواقع ، ويحدد ماهيته ،ويستنبط أبعاده ، يصوغ صراعه الداخلي ويحيله للمتلقي فيتجاوب معه ، ويتماس مع تفرده ، وكينونته ،
فالمبدع يعبر عن الشعور الجمعي من خلاله،
وهذا يفرض العودة إلى السؤال الشائك. هل الفن للفن أم الفن للمجتمع ؟ ..
هل الأدب نقل للواقع دون النظر للجماليات والفنيات ،
الأدب مرآة الواقع ، ولكن آن لنا أن نجمع بين النظريتين
التعبير عن الواقع في قالب من الإبداع والجماليات ،
فالإبداع لا يتجزأ ويبقى متفردًا بقدر إلهام المبدع والتأثير
الدرامي والفني الذي يزين به إبداعه ، ويؤثر به في وجدان
وذهن الآخر .
إن الحنين والشوق مكونات رئيسان للمبدع ، فهو يحن ويشتاق للجمال ، للوطن ،للأم ،للحبببة ، لعالم مثالي يتماهى
مع ذائقته ، وفكره ووجدانه .
لهذا كان لهاتين العاطفتين دوركبير في الأدب على اختلاف أنواعه ،وأماكنه .
وتجسد الحنين في أسمى صوره في الحنين للأم ..وكيف لا
وقد أعلت شأنها الأديان وأولتها المهابة والقداسة، كما أنه شعور فطري وجداني يشكل ماهية الإنسان ووجوده .
وفي ذلك يقول “قاسم الشابي”
“الأم تلثم طفلها وتضمه
حرم سماوي الجمال مقدسُ”
وقد أهتم الأدب العالمي والعربي بدور الأم ..فدار حولها هذا التجسيد الفني للأدباء والشعراء ومن ذلك رواية ( الأم شجاعة وأبناؤها) للشاعر المسرحي الألماني”برتولت بريخت” عام ١٨٣٩م ،ورواية( الأم ) للإيطالية جراتسيا واليدا” الحائزة على جائزة نوبل ١٩٢٦م.
وكذلك رواية الأرض الطيبة “لبريل باك”
ورواية “الوتد” للأديب.”خيري شلبي”
وقد تغني الشعراء بالأم والحنين إليها فيقول
الشاعر الكبير محمود درويش
….أحنّ إلى خبز أمي وقهوة أمي
ولمسة أمي و تكبر في الطفولة يوماً
على صدر أمي
و أعشق عمري لأني إذا متّ،
أخجل من دمع أمي

**”في ماهية العنوان “


للعنوان دور كبير في في النص الأدبي ، فهو قراءة موجزة للنص ، وكلما حوى التشويق ،والإثارة ، حمل ذلك المتلقي على قراءة النص..
والعنوان هنا ” فهل ألقاك يا أماه يومـا”؟! جاء في صيغة استفهام يحمل التعجب والتمني ، وهنا يمتزج الحنين للأم بالحنين للمكان ،وللزمان …فيتشكل الإبداع هنا على ركائز ثلاث يحوطها الحنين والشوق إليها ” الأم ،المكان ، الزمان “
وعندما يصعب اللقاء ويكون البعد قسرًا وجبرًا يزداد الشوق والصراع، وعندما يكون المكان وطنًا تمزق ،وتشرد أهله ،وصار جدبًا مقفرًا بعدما كان جناتٍ، وحدائقَ زاهيةً ..يزداد الألم والحسرة ،. وبكاء ماضي الزمان .
ثم النداء” يا أماه “للندبة والاستغاثة ،فيحمل مرارة البعد وقسوة الفراق..
فالعنوان هنا يخاطب الوجدان ،ويؤثر فيه ، يهز النفس
،ويبعث ما بها من مشاعر متفاوتة .
كما أن” هل ” عندما تستخدم للتمني تعبر عن التمني الذي يصعب الحصول عليه .


** “من حيث الشكل والموسيقى الخارجية “


كتب الشاعر النص على الشكل العمودي ؛ فهو يلزم الوزن والقافية وحرف رويها الدال المضمومة ..
وجاء الوزن على بحر الوافر التام ( مفاعلتن ..مفاعلتن …فعولن )
وبحر الوافر من البحور الصافية المطربة ، وموسيقاه عذبة رقراقة متناغمة ، تناسب مشاعر الحنين والشوق والدفقات الشعورية المتفاوتة بين السرعة والبطء. ..
كما أن حرف الروي ” الدال ” حرف صامت ، مرقق ، له صوتٌ انفجاري ،جهوري ، والضمة توحي بتمكن هذا الحب ،والحنين والشوق، وتدل على ثبوت الغرائز والسجايا ،
لذلك كانت الموسيقى مناسبة للجو النفسي والشعوري الذي كتب فيه الشاعر القصيدة ،وهو شعور دائم مسيطر على الشاعر فحنينه لأمه ،ولوطنه ،وللزمان والمكان مستمر لاينقطع ،بل يتزايد ويربو .
ونجد ذلك.في مطلع القصيدة :-
بعيدٌ عنك يا أمِّي بعيدُ
فؤادي فيكِ مُنْشَغِلٌ شَرودُ..
ومابِيَدي نَأيتُ وليْسَ قصدي
فلا تُعطي الأماني ما نريدُ..
فنجد هنا موسيقى الوافر الرقراقة الصافية ،وتأثيرها النفسي
في شجن ، وكذلك القافية ورويها حرف الدال المضموم الحركة
ونجد الردف قبل الروي وهو واو ساكنة أو ياء ..قد استخدم الشاعر في قصيدته ردف الواو ،والياء .
“والردف ” هنا يوحي بالسكون والشجن النفسي وسيطرة الحزن والحنين والتأمل والشوق ،ثم يأتي روي الدال المضمومة ؛ ليوحي بالصمود ،والثبات ،والأمل .


من حيث “اللغة والمضمون ،والتجربة الشعرية “


استخدم الشاعر اللغة الحية المعبرة عن تجربة شعرية حقيقية لم تمر بالشاعر فحسب ،بل أنه يتعايشها ،ويتحمل أعباءها ، ويظهر ذلك من مفرداته ..فهو بُعد لم يختره الشاعر
بل إنها الحياة وأحداثها ،
فيقول الشاعر :-
بعيدٌ عنك يا أمِّي بعيدُ
فؤادي فيكِ مُنْشَغِلٌ شَرودُ..
ومابِيَدي نَأيتُ وليْسَ قصدي
فلا تُعطي الأماني ما نريدُ..
فهو لم يختر البعد ، وفؤاده منشغل بأمه يحن إليها، فالشاعر هنا بعيد عن أمه ووطنه ، ولا سبيل له للعودة.
فهو يعاني في غربته المكانية والزمانية ،وهي معاناة نفسية وجدانية ، فهما تنقل أو وجد البديل المكاني يظل للوطن في النفس شوقٌ ،ويأخذه الحنين إليه فكيف إذا ضم هذا الوطن أمه فيزداد الحنين ،وتمتزج العواطف ويعلو لهيبها .
فيقول شاعرنا :-
ولو بيدي الأمورُ بقيتُ عمري
بقربكِ عندَ رجلِكِ لا أحيدُ..
شقيتُ بغربتي و سئِمْتُ نفسي
ولكنْ أنتِ يحويكِ الْوَريدُ..
فالوطن ،والأم يجريان في الوريد مجرى الدم ، ويظهر في قوله أنت يحويك الوريد / عن رجلك لا أحيد ..
وهنا تبقى الأم ساكنة داخله ، يشعر بها ويحدثها ،فهو ارتباط
فكري شعوري . فيسعد بطيفها ،بل أنه يضئ طريقه .
فيقول الشاعر:-
-و مَهْما كنت يا أمِّي بعيدًا
فما أنساكِ بلْ شَوْقي يَزيدُ..
خيالُكِ ماثلٌ بسوادِ قلبي
وفيهِ برَغْمِ أحزاني سَعيدُ.
يطوفُ بِمُهْجَتي ويُضيءُ دربي
ويرعاني، ضِياؤُكِ لايَبيدُ
ويظهر ذلك في قوله خيالك ماثل … مقيم دائم يطوف بداخله. ويذكر الشاعر بعض جوانب الحنين المادية ،والنفسية الوجدانية ،فالأم تعطي كل شئ هي سبب الحياة ، والتنشئة والتربية ، فهي تجمع بين” الفيزيقيا ، وسيكولوجية النفس
في أرقي صورها :-
فيقول الشاعر:-
-أحنُّ لِلُقمةٍ بيديكِ فاحت
برائحةٍ هيَ العِطرُ الفريدُ..
أحنُّ لِجُمْلَةٍ يبتلُّ سمعي
بها:(ولدي؛حبيبي ؛ما تريدُ؟)..
لتقبيلي يديْكِ أتوقُ توقًا
بدونِكِ إنّني طِفْلٌ شَريدُ..
لِأَمْكِنَةٍ -أتوقُ- حَلَلْتِ فيها
لأنَّ بها مِنَ الذِّكْرى بَريدُ..
فيقول” أحن للقمة بيديك ” ومَن منا لا يشتاق لطعام أمه ،فإنها أطعمتنا وزينت الطعام بالحب والحنان ، مَن لايشتاق لطعام تعده أمه ،ويجلسان فياكلان سويًا.
ويصور الشاعر ذلك فيقول “برائحة هي العطر الفريد”
ثم ينتقل الشاعر إلي الجانب السلوكي الوجداني
فكل جملة للأم درس يغمره الحب والحنان .
ولنستشعر الرقة والحنان في قوله :- ولدي، حبيبي، ماتريد ؟
كذلك يشتاق لتقبيل يديها فهو بدونها طفل شريد ..يدل ذلك على البر بأمه ،وعلى معاناته في بعدها ،وأن الابن مهما كبر أمام أمه يشعر أنه طفل يحتاج منها الحب والحنان ،
فالعلاقة بين الابن وأمه لا تعرف المكان ولا العمر ولا الزمان .واختيار كلمة “طفل” مناسبة في موضعها فهي توحي بشدة الاحتياج ،ومرارة البعد ،فالطفل بدون أمه لا تطيب له حياه ، ولها تأثير نفسي عاطفي .
ثم يأتي المكان ، فالحنين مترابط ..وللمكان أثر في النفس وعلاقة .
ثم يختم الشاعر قصيدته بتساؤل يثير الذهن ويجذب المتلقي ،ويترك أثرًا فيه..فيقول
صباحاتي مساءاتي ظلامٌ
بِبُعدي عَنْكِ؛ والدُّنيا صدودُ..
فهَلْ ألقاكِ-يا أمَّاهُ – يَوْمًا؟!
وهَلْ قدرٌ بلُقيانا يَجودُ؟!
فالوقت صباحه ومساؤه يعيشه الشاعر ظلامًا ؛يكابد الشوق وعدم التمتع بشي..وكأن الدنيا بعد فراقها لا تساوي شيئًا عنده ..لكنه يتشبث بالأمل في اللقاء ،وأن يجود الدهر باللقيا.
استطاع الشاعر التعبير عن تجربتة ،وحالته الشعورية ..في
وحدة عضوية ،وتماسك، وفي صدق عاطفي ينساب في بداية القصيدة وحتى آخرها.


** “الفنيات والأساليب والصور والموسيقى الداخلية “


كتب الشاعر النص معبرًا عن حالته الشعورية والعاطفية
في إيجاز ،وتكثيف ، وبصدق فني ،استطاع أن يجعل كل مفردة تعبر وتنطق وتشعر بمشاعره ،فقد أحال عاطفته من الحنين والشوق على مفرداته وصوره وموسيقاه .فبعثت شدوها وترنيمتها الأزلية للأم والوطن تسري في النفس
عبر الزمان والمكان .
فجعل المتلقي يتجاوب معه ، يستشعر أحاسيسه ويشاركه وجدانه ،ويتماس معه..ويستمتع بإبداعه.
أولًا :- الأساليب .
استخدم الشاعر الأساليب الخبرية والإنشانية ،
فاستخدم الأسلوب الخبري للتقرير والتأكيد ، كما في
بعيدٌ عنك ياأمي بعيد للتقرير والتأكيد / وما بيدي نأيت
شقيت بغربتي وسئمت نفسي/ خيالك ماثل بسواد قلبي
وكذلك أحن للقمة / أحن لجملة / صباحاتي مساءاتي ظلام .
وكلها جاءت معبرة تعكس الحالة .
واستخدم الأسلوب الإنشائي لإثارة الذهن ،وجذب الانتباه
وإبعاد الملل ،وإظهار التمني والحيرة .
مثل الاستفهام في العنوان “فهل أنساك يا أماه يومًا “؟!
ويفيد التعجب والاستنكار والنفى ، وكذلك في ماتريد ؟ للدلالة على الحب والحنان
والتمني في ” وهل قدر بلقيانا يجود؟!
. كذلك النداء في قوله يا أماه للاستغاثة والندبة ..والنداء في
ياأمي للتعبير عن الحب والود ، وفي ولدي ،حبيبي وحُذفت
أداة النداء للقرب والحب
وأسلوب التمني في” ولو بيدي الأمور بقيت عمري بقربك “.
ولو حرف امتناع الامتناع وتفيد التمني صعب التحقيق.
وكذلك الحرف” هل “عندما يستخدم بغرض التمني .
فكان الاستخدام دقيق في موضعه .
ثانيًا :-الصور الفنية ..
شكلت الصور الفنية الحالة ،وأظهرتها وأضفت إليها جوانب الإبداع والابهار ؛ فالصورة عنصر رئيس في الشعر بل هي
أقوى عناصره ،وبها يتسق الإبداع ،ويتفرد المبدع .
ونجد في قصيدتنا حضور الصور الطريفة الموحية المعبرة
بسلاسة ورقي ..
ونجد هنا الصور الجزئية المعبرة عن الحالة بعمق ، في أغلبها صور طريفة أفادت المعني وأظهرت الحالة ، وكان لها الأثر الكبير في جمال النص .
ومنها فؤادي فيك منشغل شرود / فلا تعطي الأماني مانريد / عند رجلك لا أحيد/ شقيت بغربتي / أنت يحويك الوريد/ خيالك ماثل
يطوف بمهجتي ويضيء دربي / بدونك إنني طفل شريد صورة رائعة تجمع بين الصورة الحسية والشعورية وزانها استخدام المبالغة في شريد لتوضح القلق وفقدان الأمان والاطمئنان ،فالطفل يعاني ويتوه ويتألم بدون أمه ،
وكذلك في “أحن للقمة بيديك فاحت برائحة هي العطر الفريد” سلاسة الصورة وتناغمها وامتزاج المادي والتخيلي فقد تجاوزت الصورة أبعادها وحلقت بنا في فضاءات الخيال والجمال ..
ويؤكد تلك المعاناة المكانية الزمانية الحسية المعنوية بقوله
” صباحاتي مساءاتي ظلام
ببعدي عنك والدنيا صدود “
ويختم القصيدة بصورة فيها تمني
“وهل قدر بلقيانا يجود “؟!
صور رائعة رقيقة في مواضعها ،تناسب الحالة والعاطفة .
فعبر بها الشاعر عن تجربته في صورة فنية ،مما حقق النشوة ،والهزة النفسية ،
كما نجد المحسنات البدعية ،وجميل المعنى فشكلت مع الصور
الموسيقى الداخلية ويظهر ذلك في التكرار للتأكيد بعيد عنك يا أمي بعيد
وفي تقديم ( فيك ) للتخصيص والتأكيد. وكذلك تقديم الجار
والمجرور عند رجلك لا أحيد
وفي قوله أتوق توقًا للتأكيد والتضاد بين أحزاني : سعيد
صباحاتي : مساءاتي وبين “أنساك : شوقي”
وكذلك المقابلة ..”في قوله
“شقيت بغربتي وسئمت نفسي
ولكن أنت يحويك الوريد “
فهي مقابلة معنوية فرغم الحزن والسأم ..تكون الأم مصدر السعادة ،ومبعث القوة في النفس..
ويؤكد ذلك استخدام” لكن ” وهي حرف استدراك ..
“ومهما كنت ياأمي بعيدًا
فلن أنساك بل شوقي يزيد”
وبل هنا أيضًا للاستدراك .
وكذلك حسن التقسيم ، باستخدام الجمل القصيرة المتناغمة ذات الزفرات النفسية السريعة المتلاحقة والتناغم الموسيقي والإيقاع الرنان ..
كما في قوله ” شقيت بغربتي وسئمت نفسي
ولكن أنت يحويك الوريد
وفي
“يطوف بمهجتي ويضيء دربي
ويرعاني ..خيالك لا يبيد”
وفي قوله:-“أحن لجملة يبتل سمعي
بها (ولدي ،حبيبي ،ما تريد)”؟!
وكذلك في
” صباحاتي مساءاتي ظلام
ببعدي عنك والدنيا صدود “



**”المؤثرات ودورها في النص”


استخدم الشاعر مؤثرات الحركة الصوت والضوء..
والبعد الزماني والمكاني.
ومن أمثلة ذلك البعد المكاني والزماني قوله.”بعيد” نأيت شقيت بغربتي ،لأمكنة ، صباحاتي مساءاتي ظلام ..والبعدان الزماني والمكاني انسجما معًا ،ويشتاق لمكان يجتمع فيه بأمه بعد طول هذا الزمان .
وقد استخدم الحركة المكانية أو الحركة النفسية المشتعلة بداخله
حركية الذكري ،فهي حركة “استاتيكية ” مثل ” فؤادي فيك منشغل شرود”
و”..شقيت بغربتي وسئمت نفسي”و..”شوقي يزيد”
و ..”يطوف بمهجتي ” و..”طفل شريد.”
وكذلك الصوت في” أحن لجملة “
“ولدي ، حبيبي ،ما تريد؟!”
واستخدم مؤثرات الضوء ؛لتعميق الحالة والشعور
مثل ..”.بسواد قلبي “”يضئ دربي و.. “ضياؤك لا يبيد”
“و..صباحاتي مساءاتي ظلام “كان لها الأثر في إظهار الحالة ،
وجمع بين حاستي” التذوق والشم”ووقعهما في النفس ، في
“أحن للقمة بيديك فاحت
برائحة هي العطر الفريد “

قصيدة تحوي الجمال وفنيات الإبداع ..فجاءت سامية المعاني ،تعبر عن الحنين للزمان والمكان والحنين للأم والوطن .
فيها تناغم وحركة وصراع نفسي تتماس مع المتلقي
بما حققته من إبداع وإمتاع ..

التعليقات مغلقة.