قطعتي بقلم رئبال الدمشقي

اقرئي كلامي الآتي بكل هدوء و روية، ولا تستعجلي..
اقرئيها حرفا حرفا كما كتبتها أنا تماما، ولا تقفزي إلا متممة..
أعدك ألا أطيل عليك كثيرا، إلا قليلا..
وتمهلي..
ليكن بمعلومك أنني وعلى غير عادتي لم أوفق مباشرة لمقدمة حسنة ومشوقة كي أجذبك لقراءتها، ولكن عدت للبداية بعد نصف ماكتبت؛ لأثبتك..
أوتدرين؟!
سأجمع في مخيلتي كل قصائد الحب التي قرأتها، التي فهمتها والتي عقلتها وتلك التي تلعثمت ببعض كلماتها؛ ثم لآتين بمئة رواية من مثل مقادير ماذكرت، وألف قصة قرأتها في مسيرتي، ناضجة كانت أم لم تنضج، لاضير إن كان من كتبها هاو أو مبتدئ أو حتى محترف، مايهمني هو أنه قد استشعرها ولو خانه تعبير الإيصال، لا بأس أبدا عندي؛ ثم أقذف باسمك العربي الأصيل الطويل جدا بين طياتهم جميعا، ثم أنتبذك اسما بليغا مختصرا..
أوتعجبين؟!
أنا رب الاختزال..
وأنا حطاب أقلام الرواة..
وخاتن ألسن الفلاسفة..
ثم إني ربان صيد ماهر..
سأركب حرف اسمك الأخير سابحا، مجذفا بساق حرف كنت أنا أول من غرسه في أوسط أرض اسمك الخصباء..
ثم أرسو بك بكل هدوء عند شاطئ النخلة..
نخلة باسقة مثمرة، عمرها طويل جدا، ربما قبل ميلادك بستين عاما ونيف..
جذعها ثابت بأصالته، وعرجونها الحبلى كادت أن تلامس مزن الرحمة..
لم تكسرها عواصف البحار الهوجاء، ولكن قد استشربت كثيرا من ملوحتها، ومع ذلك لم تيبس..
حاولت الشمس مرارا عبر السنين أن تلفحها بسعير حرها، لكنها ومع كل آب كانت تبوء بالفشل، بل على العكس تماما، فقد تفشت عسلتها في أوردة كل رطبة، لتختزل بدورها أيضا كل ماعانته من قساوة الحياة، لتستسيغه عطاء ولذة للآكلين.
سأتركك تحتها وحدك..
تحت ظل سعفها الطويل القصير..
وأغض الطرف عنك مدبرا..
ريثما تجهضين كل أحزانك دفعة واحدة..
لن أقول لك هزي إليك بجذع النخلة، ولن أعدك بأنها ستساقط عليك.. فساقها غليظ كما أسلفت..
(وكم هو مسكين بائس ذاك الذي يقبع منتظرا بتعبده الكرامات، فلا كرامة إلا بعلم وسعي)
بل اصنعي سلما مما أوتيت..
فهنا توكل ثم عمل..
هنا نهوض ثم أمل..
ومن لم يطأ الصعاب درجات إلى العلياء شامخا، لن يستشعر مذاق حلاوة الوصول..
لو تركت العنان لبوحي لما أزف القلم، ولأتيت بكل مثال وحكمة أعرفها، ولكن أخاف أن تملي وأن أخلف وعدي المذكور آنفا..
لكنني سأعود وعصاي في كل يوم ما استطعت، ولألحون عنك الوساوس لحوا..
فإن كنت لي بذات يوم التمني..
فأنا بعهدي إليك خالد.

أصل النص
من أرشيف 2014
تعديل 2019