قليل من المرح بقلم محمود حمدون
قليل من المرح
بقلم محمود حمدون
التقى كهل بشيخ على ناصية الحياة , كان لقاؤهما قريبًا من مكان جسلت به طلبًا لراحة رجوتها بعد رحلة شاقة .
توقفا ينظران لبعضهما طويلًا وحيرة تنساب من أعينهما , كما لو كانا ينبشا بقاعي ذاكرتهما , ثم غشيهما قليل من مرح ممزوج بأحضان وقبلات انهمرت منهما فأغرقتهما .
علمت من حديثهما أن الشيخ , قد طعن بالعمر وشارفت رحلته نهايتها واكتفى بما حققه منها ورفع رايته مستسلمًا , عرفت أنه عمل مُعلّمًا منذ زمن بعيد , وكان الكهل الخمسيني العمر من بين تلاميذه النجبّاء وتعاقبت سنوات الدراسة لكن ظلت علاقتهما قائمة.
رأيت الشيخ كخاسر في حرب ضروس فرضت الحياة شروطها القاسية عليه بينما كان يئن الكهل من وطأة الكفاح والمكابدة خشية تكرار شبح هزيمة تتأرجح كبندول ساعة أمام عينيه .
قال الشيخ بلسان ثقيل وحروف متعرّجة خرجت من فم فقد معظم أسنانه مخاطبًا تلميذه: أراك لا زلت نجيبًا مثابرًا ثم اتكأ على عصاه وانحدرت حبّات من عرق على جبهته مسحها بكم حُلته وأردف : لا زلت أرى فيك شبابي ثم ربت على كتفيه : المستقبل أمامك .
التعليقات مغلقة.