قمري بقلم.. صديقة علي
بهدوء شديد، تهمس قدماي لأرض صقيله باردة، أقترب من نافذة تعلو سريره، فيطالعني نور فضي، ينسكب على ملامحه المتعبة ببهاء، ينبع من جبينه بسخاء، أنقر الزجاج؛ فتفرّ حزم ضوئية مبهرة من أناملي.
ـ هل نمت جيدا يا قمري …؟ هل ارتحت يا بن قلبي؟
يتقلب بقلق ويمسح عينيه؛ فتتكشف دهشة وخوفاً:
ـمن؟
أتقدم بنظراتي المطمئنة وابتسامة أحملّها ما استطعت من حنان
ـ لا تقلق. هذه أنا!
يعدل من وضعية غطائه ويفتح النافذة.
ادخلي، لم أتيت إلى الشرفة!؟.
يثبت نظراته المشفقة على قدمي الحافيتين قلت بما يشبه الاعتذار: خشيت أن توقظهم رنة الحذاء، أو طرقاتي على بابك.
أجلسُ على حافة سريره، يدنو مني، عطره يلفح كياني.
ـ قطعتِ عليّ حلماً ممتعاً، لكن ليس بأكثر من حضوركِ
ـ تحلم بها أعلم … متى ستنتهي عزلتك؟
ـحين تعود.
ـ لكنها لن تعود … هي ماتت لكن ما ذنبي كي تلوّعني؟
ـ أرجوكِ قولي ستعود وإن ذاك الصوت ما كان سوى رعد.
لن تعود اتفهم هذا … عد أنت اخرج من عزلتك لأجلي.
تدور أكرة الباب من الخارج؛ فتصدر صوتا مهولا ينخر صدغيّ، كم أمقت هذا الصوت! تمزق الأنوار روحي … من أنارها بهذه الفجاجة، ودحر ضوء قمري؟ يا للتوحش!
يحول بيني وبين ولدي كمارد يحجب الهواء، أنكمش على نفسي، أتضاءل أمامه إلى هرة صغيرة.
اتركني معه… أرجوك.
ـ لا حول ولا قوة إلا بالله، توقعت أن أجدكِ هنا… متى ستقتنعين؟!.
ـ تمهّل أرجوك، دقيقة فقط كي أغطيّه؛ ليرقد بأمان.
يدفعني بلطف إلى خارج جنتي ، فأتعثر بخطواتي.
بصمت يمسح دموعه، أقدر حزنه الكبير … المسكين لا يصدق بأن قمرنا لازال يرقد في سريره قرير العين.
التعليقات مغلقة.