موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“قناع القناعة”… بقلم عبد الحميد سحبان

132

“قناع القناعة”…

بقلم عبد الحميد سحبان


قصة قصيرة
عبد الحميد سحبان
“قناع القناعة”


وأنا جالس أهرس جوزاتي الثلاث الصغيرة بقصد الاستمتاع بطعمها اللذيذ، كانت نصيبي من فاكهة الاحتفال بعاشوراء. اقترب مني ابن الجيران وهو يحمل في يديه جوزتين كبيرتين أثارت فضولي. نظر إلي قائلا وكأنه قرأ ما بداخلي من تهيؤات: – “هل تريد أن نقتسم هاتين؟” وهو يشير إلى حبتيه الغليظتين. نظرت إليه بخبث وبِنِيَّتي السطو عليها لأنني نسيت أن أخبركم بأن ابن الجيران هذا أصغر مني سنا وحجما وقوة. قلت له مُرَحِّبا وبدون تردد -: “موافق”. رد علي وهو يخفي يديه وراء ظهره في حركة مشاكسة: “بشرط أن أرى كيف ستكون كريما معي أثناء القسمة”. أكدتُ له بأنني سأكون سخيا وزيادة، أجاب :”سنرى !!! “، وهو يريني من جديد جوزتيه الممتلئتين بسذاجة أشفقت عليه منها.
كنت كريما طائيا معه، بل ناولته بنفسي لأنه لم يكن يرغب بتاتا فك قبضتيه عن الحبتين التي كنت أتحين فرصة الانقضاض عليها، لكن كنت أعلم أنه “بِلَمْهَلْ كَايِتْكَالْ بُودِنْجَالْ” فلا داعي للإسراع، وكلما حاولت استغفاله لأن “للٍّي بٍيَّا مَا هِنَّانِي” بلمس إحدى الحبتين كان يبعد يديه عني ويزيد من الشد عليهما خوفا من ضياعهما قبل فوات الأوان، وفي المقابل يزداد نهمه بطلب المزيد. التهم “المَسْخُوطْ” الحصة التي أعطيته، كانت بالطبع أكبر من نصيبي بكثير، ولكنه ظل يفتح فمه يحثني على الزيادة، كنت استجيب له على مضض. إنه كان يريد أن يأخذ أكثر وهو يلوح تارة تارة بيديه ليغريني بحجم حبتيه، صبرت نفسي وأسررت قائلا: “مهلا، وسترى أيها المسكين كيف سأتلذذ بطعمهما وأنت تذرف دمعك متحسرا”.
قررت أخيرا أن أضع ما تبقى من حصتي في فمي دفعة واحدة حتى أقطع عليه الطريق لرغبته الحثيثة في التهامها بأكملها، كما أنني كنت متلهفا للانفراد بالغنيمة. قطب ما بين حاجبيه لما تأكد أنه لم يبق في يدي شيء من الثمار اللذيذة عندما بدأت أنفض يدي استعدادا للانقضاض على الحبتين السمينتين. رمى بقشور جوزتيه الفارغتين في وجهى، ثم فر كالسهم وتركني كالمشدوه من الدهشة والخيبة. هرب اللعين، تبعته مهرولا بعد أن رميته بكل ما تمكنت يداي من العثور عليه، لم أكن محظوظا في تلك اللحظة لأنني لم أعثر على أي حجر مناسب في الوقت المناسب إلا بعد أن ابتعد عن مرماي الذي قل أن أخطئ منه التصويب. عدت أدراجي إلى البيت أجر ذيول الخيبة والانكسار، وجيبي مملوء بكل أنواع الحجر التي تزيد من دقتي في الرشق علني أصادفه في طريق العودة، لكن الأرض ابتلعته لسوء حظي ولم يتسن لي “َسرْطُ” مكيدته التي أصابتني في مقتل.
وحول مائدة العشاء شكوت أمري إلى أبي فضحك ملء فيه وهو يردد – “حمدا لله لأنك لم تصب ابن الجيران بسوء”، شُدهت وقلت له مكلوما :”وتحمد الله على ابنك المخدوع”، أضاف “لا تفكر في النيل منه، فجيبك أراه منتفخا بكل أشكال الأحجار المدببة، لا تزد الطين بلة”، ثم استرسل: “الحمد لله أطمأننت عليك الآن”، لم أفهم قصده وسألته مستغربا:” تطمأن علي بعد الغبن الذي حصل لي؟”، أوضح بنبرة حكيمة: “احمد الله على أن ابن الجيران علمك درسا في القناعة لن تنساه ما حييت، ألم تسمع من قبل بالمثل الذي يقول »من طمع فيما ليس له خسر كل ما عنده« “، ثم أردف مفسرا وكأنه يخفف عني ألم الشماتة :”احمد الله، لأنك فزت بالقليل من جوزاتك الثلاث، فلو قنعت واقتنعت بها على صغر حجمها لتلذذت بطعمها لوحدك، أما وأنك طمعت في حبيتين كبيرتين لغيرك أضعت في المقابل الكثير مما هو لك ولم تجن سوى الندم والحسرة.”
ظل ابن الجيران يخاف من الاقتراب مني كلما تصادفنا لأنه يعلم جيدا أنني “عِسْرِي صْڭـَعْ” في تصويب الأحجار. كان في البداية، يفر بعيدا عني ثم يبدأ بهز كتفيه بفخر واعتزاز مع حرصه على حماية رأسه بدلو بلاستيكي مثقوب تحسبا من كل قذيفة غير متوقعة مني. لكن مع مرور الوقت استغرب كيف صرت، على عكس ما كان يظن بي من سوء، أحييه باحترام بالغ وأشكره كثيرا. لم أخبره بأن مقلبه ألبسني قناع القناعة عن اقتناع وتبصر في سن جد مبكرة، وحمدت الله على أنني لم أُشَقِّقْ له رأسه بحجر عند انفعالي الشديد بمكيدته، لكان ثمن القناعة الذي سأوديه أغلى بكثير لأنه كان سيقرن فضيحة طمعي المكشوف بفجيعة طيشي “المَفْرُوشْ”.

التعليقات مغلقة.