قهوةالمساء : التضحية بقلم الأستاذ داوود الاسطل
قهوةالمساء : التضحية
بقلم الأستاذ داوود الاسطل
نحن في أيامٍ مباركات تجلَّت فيهن كل معاني التضحية وارتسمت فيهن أروع صورة وجدانية لقومٍ يتفكرون .
كيف لا ، ونبي الله ابراهيم يستجيب لربه ويقدم إبنه الوحيد وساعده الأيمن قربانا ، امتثالا لأمر الله ، وبالجانب الآخر من التضحية استجابة الإبن وهو نبي الله اسماعيل ، وتتجلى الصورة في أبهى روعتها في قوله ( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) الصافات 103
انظروا أيها الإخوة إلى طرفي التضحية ، فالإثنين سلما أمرهم لله ، وليس الأمر من طرف واحد ، تلك هي التضحية المكتملة التي نالت رضى الله .
وعليه فالتضحية لا تكون تضحية إلا إذا اكتملت بطرفيها وكانت لمن يستحقها ويعرف قدرها ولله المثل الأعلى .
وهنا لي قولٌ في هذا الأمر لعله يصل إلى من يهمه الأمر :
إن الشعوب يقدمون التضحيات الجسام من دماء أبنائهم ، وعرقهم وقوتهم وأحلام أبنائهم ، وهم بذلك طرف بتضحيتهم التي يقدمونها للوطن الغالي ، وعندما أصبحت للشعوب حكومات وقيادة ، أصبحوا الطرف الآخر في التضحية ، وعليه فالشعوب وقيادتهم يقدمون التضحيات للوطن كأمر طبيعي اذا استوت أطراف التضحية ، ولكن ما تعانيه الشعوب من واقعٍ مرير وضنك في الحياة وتنكر للحقوق جعل من تلك الشعوب قرابينا وليسوا طرفاً مضحٍ ، وأمراء المرحلة يتلاقفونها بأقدامهم يميناً ويسارا .
كيف لا والشعوب نُذبح على صخرة التبعية والتسويف !
كيف لا والكثيرون يواصلون ليلهم بنهارهم لأجل لقمة عيش !
كيف لا والكثيرون يتقاضون رواتب لا تكفيهم قوت يومهم !
كيف لا والسواد الأعظم يقتات على بقايا موائد القادة !
كيف لا والمفكرون والمبدعون يهجرون الأوطان !
كيف لا وهم يدَّعون الفضيلة فقط لإرضاء الآخرين !
كيف لا وحرائرنا هائماتٌ على وجوههن ليسترن بيوتهن !
أيها السادة :
إنكم لا تضحون لأجل شعوبكم ، بل اتخذتموهم ضحايا و قرابين لحكمكم ، فهل يرضَ الله ويفديكم بنصره ؟!
فلسطين – غزة
21/7/2021
التعليقات مغلقة.