قهوة المساء : ( الأمانة بين الأداء والخيانة ) بقلم الأستاذ داوود الاسطل
الأمانة حملٌ ثقيل ، لم تستطع السموات والأراضين والجبال حملها ، وحملها الإنسان ، فظلم نفسه .
فما هي الأمانة؟
الأمانة هي كل شيء تم ايداعه عندك ووجبت تأديته لصاحبه عند الطلب كاملاً مكتملاً لا ناقصاً ولا منتقصاً .
والأمانة عقد شرف بين المُأمِّنُّ والمُستأمِن غير مكتوب بأي وسيلة من وسائل المكتابات المعروفة .
وللأمانات أشكال متعددة منها المادية المحسوسة ومنها المعنوية .
وتقع الامانة بين التأدية والخيانة ، فمن يؤديها يسمى أميناً ومن يتلاعب فيها أو يأكلها بهتاناً يسمى خائناً .
وأول الأمانات وأهمها أمانة الدين ، وثانيها أمانة النفس .
ولنستعرض بعض النماذج للأمانات :
الأولاد أمانة ، تأتي بهم بمتعة ، وتستقبلهم بسعادة وسرور ، ويكبرون أمام ناظرك ، فإذا قدمت لهم أبوتك كما ينبغي من رعاية وكفالة وحب وعطف وتعليم ، كنت أميناً ، وان تركتهم للشوارع تربيهم خنت الأمانة .
الأموال أمانة ، الحصول عليها ، وانفاقها وزكواتها ، وصدقاتها ، فالحصول عليها بمشروعيتها يعتبر أمانة والحصول عليها بالطرق غير الشرعية تعتير خيانة ، وانفاقها في المعقول أمانة ، أما إسرافها في الباطل فهو خيانة ، وزكاتها تكون من جنسها ، فالأموال أموال والثمار ثمار والمتاع متاع ، ولا يجوز تلبيس الأشياء ، فمن أدىَّ حق الفقراء كان أميناً ومن استنكر عليهم حقهم فقد خان الأمانة ، وهنا لابد من ملاحظة ، اذ أن زكاة المال تخرج مالا وليس متاعا أو لحوما او طعاما من غير جنس المال ، فهذا حق للفقير والمسكين ، وما دون ذلك فهو صدقة لك أنت ان شئت فعلتها وان شئت تركتها ، اما الزكاة فهي واجبة وركن من أركان الاسلام .
العمل أمانة ، فإن أتقنته حفظت الأمانة ، وإن أهملته او تلاعبت فيه فقد خنت الأمانة .
الوطن أمانة ، فمن دافع عنه وزرع أرضه وبنى معماره وحافظ على نظافته وواستثمر فيه امواله ، وحفظ أسراره ، وسعى في تماسك النسيج المجتمعي الذي يعيش وسطه ، فقد صان الأمانة ، ومن باع وطنه لأعدائه أو ترك أرض الوطن جرداء بلا استثمار ، وعاث في الارض الفساد فقد خان الأمانة
الكلمة أمانة ، لا تحبس الكلام في صدرك فإن قلت الحق فقد صنت الأمانة وأديتها على أكمل وجه ، وإن كان القولُ قولَ زورٍ أو مفسدةٍ أو تشبيك بين الناس فذلك خبانة للأمانة .
الصديق أمانة ، ماله وعرضه ودمه ، فإن الصديق مطلع على حياة صديقة ، فإن صانه في الحضور والغياب فقد صان الأمانة ، وإن نافق في الوجه وطعن في الظهر فقد خان الأمانة .
كل حياتنا مرتبطة بالأمانة وهي واقعة بين الصون والخيانة ، فمن صان أماناته ، صان نفسه وسلم عرضه وأرضى ربه ، ومن خان الأمانة فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ، ولم يسلم من شيء .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
18/4/2022
التعليقات مغلقة.