قهوة المساء : الانتقام
بقلم الأستاذ داوود الاسطل
الانتقام هو رد فعل على حدث معين ، واحلال عقوبة لثني المعتدي أو رد اعتبار ، وفي الوضع الطبيعي يدفع الثمن طرف معين وهو الطرف الظالم ، وقد يتعدى ذلك الى درجة العقوبات الجماعية كوسيلة عقابية للطرف المقصود ، فيحدث حينها الظلم الكبير .
إن الانتقام يعني ضمنًا التركيز على إحداث مزيد من الضرر والعقاب خارج حدود السلوك القانوني أو الأخلاقي .
إن من أسوأ مظاهر الانتقام ، انتقام أولي الأمر لأنفسهم من رعاياهم على قاعدة العقوبات الجماعية لتحريض الجماهير على فئة معينة او لمجابهة سلوك معين ، ليس بالأصل دخلٌ لهم به ، وانما شعور داخلي بالخذلان .
قال تعالى: ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) البقرة: 194
إن العقوبات الجماعية تعود على صاحبها بالويلات ، وتحرمه من السيادة والشرف حيث لا يُحمَدُ ذكره ولا يُوجَبُ شكره فيفقد صفات الكرماء وتتحطم شجاعته وشهامته على صخرة انتقامه المقيت الذي لا يُرجعُ حقاً ولا يشفي له صدرا .
ان الانتقام الجماعي هو انعكاس لحالة عدم الثقة وتراكم للمعلومات المتراكمة غير الصحيحة ، وفقدان السيطرة على الشخص او الجماعة المعتدية ، فيتحول ذلك الى انزال عقوبات جماعية بحق اقليم معين بما يحتويه من مناصرين ومظلومين دون الاكتراث الى معاناتهم وقهرهم ونضالهم .
عندما يحل الانتقام فهذا يعني أن القضاء تعطل ، وذهبت المروءة وانقطعت السبل ، فإن كان فرديا ، فهو شعور بالظلم وتأكيد على غياب العدالة ، وان كان جماعياً دلَّ على الظلم والبغي بغير حق في ظل غياب الديموقراطية والتفرد بالحكم .
إن الكثيرون ممن لا حول لهم ولا قوة دفعوا فاتورة أطراف الإنتقام وكانوا وقودا لحقدهم ، أحرقت قلوبهم وأحلامهم ، وقضت على مستقبلهم وومستقبل أبنائهم ، ولا زال أطراف الإنتقام يتنعمون بما اقترفت أيديهم من ظلم وقهر وتكبر وطغيان .
فلسطين – غزة
12/8/2021
التعليقات مغلقة.