موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قهوة المساء : البُنُّ المسكوب بقلم الأستاذ داوود الاسطل

344

قهوة المساء : البُنُّ المسكوب بقلم الأستاذ داوود الاسطل

كنت أستحضر أفكاري لكتابة مقالي اليومي وأنا أجلس أمام التلفاز أتابع مجريات الأحداث الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ، فانسكبت دموعي وارتجف قلبي وأنا أشاهد عملية النزوح للعائلات الأوكرانية على الحدود مع الدول الأوروبية .
وانتابني الذهول وأنا أشاهد النقل المباشر للقنوات العربية المتعاطفة مع الجميلات الأوكرانيات والعوائل التي لا تبدوا عليهم أي مظاهر للخوف أو الهلع أو حتى التعب ، ولم أشاهد خيام الأمم المتحدة منصوبة على الحدود لإيوائهم واستحضرت تلك المشاهد للعوائل المشردة على الحدود السورية والعراقية والفلسطينية .
أتابع عمليات القصف التي يصورونها بالحرب الطاحنة وكأن الدنيا انقلبت ، فاستذكرت الحروب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني التي كانت أشبه بجهنم ، استذكرت حي الشجاعية في غزة الذي دُمِّرَ على رؤوس قاطنيه ، استذكرت قرية خزاعة والزنَّة والقرارة في محافظة خانيونس ، استذكرت تلك المشاهد التي رأيتها بأم عيني لمنظر الجثث المحمولة في الناقلات وهي شبه متعفنة ورائحة الموت تفوح من كل مكان ، تذكرت الأسر التي هربت من آلة البطش بغير ملابس ولا مأوى ولا طعام ولا شراب يفترشون الجثث ويتغطون بصواريخ الغدر ، فالأرض محروقة والسماء ترجم كل ما يتحرك تحت ناظرها .
العوائل الأوكرانية أخذت حماماً ساخناً وخرجت للتمتع برياضة المشي بضعا من الكيلومترات بأجمل الملابس في هدوء تام يحملون أطفالهم في عرباتهم الصغيرة وكأنهم في رحلة تنزه في يوم ربيعيٍّ جميل .
لم أشاهد المستشفيات تضج بالجرحى ولم اشاهد جثثاً محروقة ولا أطراف مقطوعة .
وما زالت دموعي منهمرة وأنا أتذكر الحرائر السوريات والماجدات العراقيات والمناضلات الفلسطينيات والخوف يخطف أبصارهن والبرد يقرص قلوبهن والجوع يقرض امعائهن .
أشاهد حالة الاستنفار القصوى للعالم المتسخ ، والانعقاد الفوري لمجلس الأمن وتداعيات كبرى لخيبة الأمم والعقوبات الاقتصادية للروس وتذكرت البغي والعربدة الاسرائيلية وحالة العمى التي أصابت عيون العالم أمام جرائمهم .
الاستيطان الاسرائيلي يلتهم الأرض الفلسطينية والعالم لم يحرك ساكناً ، الشيخ جراح تهجير وقتل وأسر وعربدة ولا أحد يتكلم .
شاهدت عملية أسر بضع عشرات من الجنود الأوكران فلم أرهم معصبوي الأعين او مكبلي الأيدي ، فتذكرت آلاف الأسرى الفلسطينين في السجون الإسرائلية حيث المعاملة القذرة والأوضاع المعيشية السيئة والطعام الرديء والأوضاع الصحية المتردية .
كل هذا الاهتمام من الفضائيات العربية للتغطية المستمرة التي تركز على الأوضاع الإنسانية في حالة إشفاق منقطعة النظير ، وكأن ما يحرك مشاعر القنوات العربية جمال الطبيعة ورائحة البارفانات المنبعثة من زهراوات القرى القطبية ، فشتَّان بينها وبين رؤية الحقيقة في عيون الطفل المشرد ظلماً وعدواناً ، ودماء العذارى التي تُفض بكاراتهم على حدود الخزي العربي ، وذلك الكهل الذي حمل على ظهره ظلم السنين .
أيُّ إعلام هذا الذي لا ترى عيونه الحقيقة ؟!
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
26/2/2022

التعليقات مغلقة.