قهوة المساء : التخلية قبل التحلية بقلم الأستاذ داوود الاسطل
إن الإنسان يتعرض في حياته الى مواسم يسعى فيها لجني ثمارٍ جيدة ، سواءٌ كانت تلك المواسم دينية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية … الخ ، فإن لم يكُ مستعداً ومتجهزاً لها من قبلُ ، فلن يحصد إلا سراباً ، بل تتهالك قواه وتنهزم روحه .
تعالوا معي لنتعرض لبعض تلك المواسم ونستخلص منها العِبَر :
أولاً : المواسم الدينية
تمر بنا المواسم الدينية كنفحات في كل عام منها الصيام والحج والأعياد والطقوس المختلفة ، وبين تلك الطقوس يكون الإنسان منغمساً في وحل الذنوب ، فهذا قاطعٌ لرحمه ، وذاكَ تاركٌ لصلاته ، والكثيرون يلهثون خلف شهواتهم ، وما أن تلفحهم المواسم ، إذ بهم يلبسون ثياب الورع ويحاولون انتهال الخير ما استطاعوا اليه سبيلا ، فإذا ما انقضى الموسم عادوا لما كانوا عليه ، فماذا تنفعهم أعمالهم إن لم تَدُمْ ؟
قبل التحلية بحصد الإجور لابد من التخلية بترك الذنوب والمعاصي وتهذيب النفس وترويضها على فعل الخير واستكثاره .
ثانياً : المواسم السياسية
أكثر المواسم السياسية أهمية هي تلك المتعلقة بالعلاقات الداخلية التي يتحكم الشعب في نتائجها كالانتخابات العامة ، والأخرى المتمثلة بالعلاقات الخارجية التي تتحكم فيها الدول ذات العلاقة .
ولكي نحصد نتائج طيبة ومرضية في الانتخابات العامة لابد وأن يكون الحزب أو الجماعة أو الأفراد قد غرسوا غراسهم في نفوس الجماهير وكانوا معهم في أفراحهم وأتراحهم ، يخففون عن الناس آلامهم وأوجاعهم ، لا يظلمون ولا يتكبرون ، وإلا فلن تنفعهم أموالهم وبهرجتهم ، ولو كان ذلك نافعاً لنفع قارون من قبل ، والعلاقات بين الدول إن لم تكن قائمة على المصالح المشتركة فهي أشبه بعلاقات من سراب يحسبها الظمآن ماءً ، فإذا ما وقعت الدولة في مآزق ، ظلت وحيدة تجابه الطوفان منفردة .
ثالثاً : المواسم الاجتماعية
الناس يجاملون بعضهم بعضا ، فمن قدم خيراً وتخلى عن كِبرِه ، اكرمه الناس وبادلوه محبتهم ، فيجد حلاوة ما صنع وحصد ما زرع .
رابعاً : المواسم العسكرية
قد تخوض غمار المعركة مرة واحدة في حياتك ، فقبل طلب النصر يجب أن تبذل العرق والجهد والإعداد الجيد والتدريب وتوفير العُدَّة المناسبة والتأهيل الجيد النفسي والمادي ، بذلك تسطيع خوضها وإن كان الأمر مختلفاً وتتعامل مع الأمر كردَّة فعل ، فما ينفع العليق عند الغارة !!
تلك بعض النماذج على سبيل المثال لا الحصر ، فمن أراد الحصاد الجيد ، جعل غرسه في أرضٍ مهيئة ، ورعاها بالعناية المستمرة ، وبذل الجهد الكبير .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
11/3/2022
التعليقات مغلقة.