قهوة المساء : التسويف بقلم الأستاذ داوود الاسطل
قهوة المساء : التسويف
بقلم الأستاذ داوود الاسطل
إن من أهم الأمور التي تؤثر في حياة الناس تلك القرارات المتعجلة والمبنية على معطيات غير صحيحة او تنفيذا لطلبات جهات خارجية ، ينتج عنها وقوع الظلم الكبير الذي يلحق بالمجتمع بأسره ، فتلجأ المنظومة التي اتخذت القرار الخاطيء بمحاولة إيهام شرائح المجتمع وأصحاب القضايا المطلبية والحقوقية أنها تسعى إلى حل الإشكاليات ورفع الظلم ، فتهرب إلى الأمام بتشكيل لجان كمحاولة للتسويف وكسب الوقت .
أي تصرف قيادي تجاه قضايا الناس ، إما ان يكون تكتيكياً لمنع التدهور الذي قد يؤدي الى التدمير الذاتي أو تسويفياً بهدف تمويت القضايا المطلبية .
فكيف إذن نفرق بينهما ؟
- اذا كان القرار نابعا من حسٍّ وطني ومواجهة لتحديات أكبر كان ذلك تكتيكيا ، أما ان كان نتائج القرار تؤدي الى نتائج عكسية غير محسوبة تستلزم إلغاؤه فالتأجيل يعتبر تسويفا .
- إذا كان القرار بوازع الضغط لحل مشكلة معينة فهو تكتيكاً أما إن تلاشى سبب القرار فتأجيل إلغائه يعتبر تسويفا .
- اذا انجزت المهام المتعلقة بالقرار في وقت محدد لها ، تنجح الخطة ويلغى القرار فورا وينجح التكتيك ، أما اذا كان العكس فالاستمرار بالإجراءات التعسفية هو تسويف .
التسويف أمر خطير يؤدي إلى الشعور بالإحباط وفقدان المسؤولية وتدمير الإنتاجية ويؤدي إلى عرقلة تقدم الأفراد والجماعات ، حيث يهدم أحلامهم التي بنوها على أساس التراتبية التي اعتادوا عليها وبرمجوا أمور حياتهم عليها .
إن من أهم مسببات التسويف الهزيمة الذاتية والوجدانية والعقلية لجمهور المسوفين الذين لا يستطيعون مواجهة الواقع أو مجاהـدة شهواتهم ، وعدم معرفتهم لواجباتهم الوطنية أو الوظيفية ، او لشعورهم المسبق بأن المكان الذي يشغلونه أكبر من مستوى تحملهم لأعبائه ، كنتيجة طبيعية لوضع الشخص غير المناسب في الوظائف الحساسة .
من النماذج الشائعة للمسوفين :
الثعالب ، وهؤلاء يتجنبون استخدام طاقاتهم الإيجابية في مواقعهم ، فيشغرون المواقع ويبحثون عن مصالحهم أيضاً في أماكن أخرى مستغلين بذلك موقعهم .
الضباع ، ترهقهم أحمالهم وأعباؤهم ومسؤولياتهم ، يخافون ضياع امتيازاتهم ، غير قادرين على الابداع ، فيلجأون للتسويف ليطول أمدهم .
الطاووس ، لا يعترف بخطئه ، إنما يتمادى بغيِّه ، جميل في مظهره ولكنه لا يحلق في عنان السماء فيلجأ الى التسويف بفرد ريشه .
الأسد العجوز ، يبحث عن الكمال ، يحاول ان يحيط بجميع المسائل ، يرى أنه لا زال قوياً ، يصطدم بصخرة الإحتجاجات ، فيلجأ إلى التسويف .
الفأر ، يقرض في كل مكان ، يحفر بخبثه ، يخرب العلاقات ، يقنع القائد ، يخطط بخبث ، كل ذلك للتخريب ، وتسويفه تراكبي تكدسي كما الكلس تعلو طبقاته بعضها فوق بعض حتى يصبح تسويفه كما الصخور المتراكمة والجاثمة على صدور الناس ، لا يهمه أحد إلا مصلحته .
الببغاء ، هو ذاك الذي يعيد نفس التجارب الفاشلة ، يكرر الأخطاء ولا يرعوي الى تأثيراتها المجتمعية ، فلا يزيد الطين إلا بِلَّة ، ويكون التسويف هو سيد الموقف .
( ملاحظة : الترتيب والتصنيف أعلاه من مخيلتي أنا وليس له أساس علمي ولا أقصد الإساءة للحيوانات المذكورة
ألا يليق بنا أن نعيد حساباتنا ونواجه أزماتنا بدلاً من اللجوء إلى التسويف وتضييع الوقت والجهد وتدمير البناء المجتمعي القائم عل دعم صمود المواطن على أرضه وفي حضن وطنه .
فلسطين – غزة
31/7/2021
التعليقات مغلقة.