قهوة المساء : الرضى بقلم الأستاذ داوود الأسطل
قهوة المساء : الرضى بقلم الأستاذ داوود الأسطل
الرضى يعني القبول بمحض الإرادة براحة وسعادة .
والرضى يكون بين طرفين ، الأول هو الأعلى او الأقوى والثاني هو الأضعف ، وكأنه ميزان مقايضة دون اكراه ، مع حرص الطرف الاول على استجذاب رضى الطرف الثاني بكل حب ودونما اكراه .
قال تعالى : (جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ) البينة 8
انظر الى هذا الجمال وتلك الرأفة ،
انظر الى ميزان الرضى ،
انظر كيف ابتدأ ربنا الرضا بنفسه ، ليسمح لعباده بالرضى ، انظر كيف ابتدرهم بالجزاء مقابل الخشية ، فكان الرضى والقبول بحب وسعادة وفرح .
الرضا لا يكون بالاكراه ، ولا يكون بفرض امرٍ واقع ، ولا يكون قسريا وجبريا بالتهديد والوعيد .
إن الرضى ميزان مقايضة بين الطرف القوي والطرف الضعيف ، ليرضى الطرف الضعيف ، ليس بحقه فحسب وانما بفيض عطاء الطرف الأول الذي يسعى لأن يغمره بلطفه وكرمه ، حتى لا تدمع له عين ولا يجوع له طفل ولا تتسول له زوجه .
إن الرضى هو ميزان الأقوياء أيها القوم ، فمن رضت عنه رعيته كان أقوى الناس وأسعدهم وأفرحهم وأجلَّهم ، وساد عليهم طواعية منهم بحب وتبجيل .
وأما ضعفاء النفوس يعتقدون أن اذلال الناس فيه قوتهم وأنفتهم وخشيتهم ، خسئوا وخابوا وتبت أياديهم .
الرضى شريعة ، وعقد معنوي ، في السياسة وفي الاقتصاد وفي المعاملة ومع المحبوبة و الزوجة و الابناء و الآباء و الجيران و الأصدقاء و الزملاء .
لقد راودت امرأة العزيز نبي الله يوسف عليه السلام وهي في عزِّ قوتها وعنفوانها ومكانتها ، ولكن بدون الرضى كانت هي الطرف الأضعف .
الرضا ليس القبول بما هو متاح رضخا لسطوة الحاكم أو الأمير او المسؤول !
الرضا ليس القبول قسرا بالقرارات الجائرة الظالمة بحق الناس !
الرضا ليس سياسة التخجيل والتضليل واللف والدوران وتنميق الكلام .
الرضا ليس بضاعة مزجاة ، ولا صدقة تضعها في يد فقير ، وليس دمعة تذرفها في جنازة ، ولا شعارات جوفاء .
الرضا ليس اغتصاب الحقوق باستخدام الحق في التشريع الممزوج بالآدمية السكسونية .
الرضا ميزان الأقوياء ليرضى عنهم الضعفاء حباً وطواعية ، بالرضى تُراق دماؤنا رخيصة ونجود بأرواحنا وأنفسنا وأموالنا وفلذات اكبادنا وأعمارنا .
فلسطين – غزة
23/9/2021
التعليقات مغلقة.