قهوة المساء : الفاحشة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
قهوة المساء : الفاحشة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النور 19
إن الأقوام التي انتشرت فيها الفواحش وأصبحت ظاهرة مجتمعية أهلكها الله بفعلها الفاحش الشنيع ، وكان ذلك العقاب تأييداً ونصراً للأنبياء وهلاكا لتلك الأقوام .
اننا أمام ظاهرة مجتمعية منتشرة كالنار في الهشيم غزت العالم طولا وعرضاً وعجَّت بها مواقع التواصل الاجتماعي وساعد في انتشارها الوسائل الإلكترونية الحديثة وأجهزة الانظمة الرقمية دون رقيب أو حسيب .
وهنا لابد من معرفة الأسباب الحقيقية خلف انتشار تلك الفواحش ما ظهر منها وما بطن :
أولاً : انتشار الفقر المدقع
وأشد الفقر ما كان بعد غنى ، وأكثر أسبابه القرارات الظالمة التي تطال شرائح مجتمعية معينة وخاصة الطبقة المتوسطة التي تشمل الموظفين والتجار الصغار والحرفيين ، وينتج ذلك عن الإحساس بالظلم أو التفكك الأسري الناتج عن عدم تحمل المسؤولية من أولياء الأمور الذين يعانون الملاحقات القانونية بسبب الأعباء المالية على كواهلهم .
ثانياً : اقتصار الثراء الفاحش
وأشد الثراء فحشاً ما كان بعد فقر مدقع ، وهؤلاء القوم يعتقدون أنهم أسياد شعوبهم ويحق لهم الترفيه عن أنفسهم باستخدام سلطتهم او اموالهم ، وينظرون الى أعراض الناس وكأنها وجبات شهية يتلذذون بها ضاربين بعرض الحائط كل القيم الأخلاقية والإنسانية ، فيبدأ أصحاب الفكر الإقتصادي بتدشين الأماكن التي تسهل لهؤلاء المترفين ممارسة رذيلتهم ، كوسيلة من وسائل الترفيه وتفريغ الكبت الغروري .
ثالثاً : المتصيدون
يعكف الكثيرون من الذين يعتاشون على فضائح الناس باختلاس الصور وتتبع العورات وعرضها في مزادات الخصوم السياسيين دون اكتراث لما يعود على عوائلهم بالفضائح مسببا تفسخ النسيج المجتمعي ، وتعود اسباب انتشاره بسبب الكره والأحقاد المتبادلة بين الخصوم السياسيين او الاقتصاديين في المجتمعات المغلقة والمجتمعات المحافظة .
رابعاً : انتشار الفاحشة كمهنة
كانت بالسابق تقتصر هذه المهنة على بيوت الدعارة سواء القانونية او غير القانونية ، ولكن اليوم حدث ولا حرج ، فقد دخلت هذه الرذيلة جميع بيوت العالم ، وامتلأت المواقع والأجهزة الرقمية بمليارات المقاطع والصور حتى اصبحت وكأنها شيء طبيعي ، وتعدى الأمر ذلك حتى انتشرت البرامج التطبيقية التي تتيح عرض الجسد من البيوت للإسترزاق ، في طريقة خبيثة تساعد على نشر الرذيلة دون ممارستها ( الدعارة الإلكترونية ) ويصعب السيطرة عليها ، فقد وقع فيها الجميع كبارا وصغارا ، رجالا ونساءً .
( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الروم 41
أبها الجمهور الكريم :
إن أشد أنواع الفواحش فتكا بالشعوب هي الدعارة السياسية المغلفة بالدعارة الاقتصادية ، فقوا أنفسكم وأهليكم من ويلاتها .
فلسطين – غزة
14/8/2021
التعليقات مغلقة.