قهوة المساء : الكوميديا السوداء بقلم الأستاذ داوود الاسطل
لست كاتباً مسرحياً ولا روائيا ،ولا أجيد فن تأليف النكت المضحة او الساخرة ( النقدية ) ، ولكن الحياة أثبتت بالفعل أنها مسرحٌ كبير ، وأسوأ ما فيها أن تضحك من شدة ألمك ووجعك ، تتظاهر بالثبات والقوة وأنت في أسوأ حالات القهر والدمار الداخلي .
هناك مواضيع كثيرة محرمٌ علينا الحديث فيها ، فلا يُسأل الطاغية عن فساده ، ولا يجوز لنا ان ننتقد حاكما ، ولا يجوز ان نعترف بأن قوانا قد خارت وما عدنا نحتمل ، فهذا يؤذي القضية ويُفرح العدو !
كيف لأم شهيد أن تبكي ، ان تحزن ، يكفي الخنساء صوت الزغاريد !
كيف لطفلة سقط سقف بيتها على رأسها أن تصرخ ، يكفي ان ترسموا لها وردة على جدار صفحاتكم ، تكفيها !
كيف لأب لا يجد قوت أولاده أن يطلب حقه ، يكفيه ان يستمتع بأهازيج النصر !
كيف لشاب في ريعان شبابه أن يستمر في عمله ويخدم شعبه ، يكفي أن يتقاضى فتات راتب تقاعدي قسري وينتظر الموت قهرا !
كيف لآلاف الخريجيين سنوياً أن تكون لهم فرصة عمل ، يكفي ان نقيم لهم مهرجاناً احتفاليا !
كيف لآلاف العمال أن يحصلوا مقابل عملهم – إن وُجد – على أجرة مناسبة ، يكفي ثمن سجائره ، او كرنفالا احتفاليا في الأول من مايو أيَّار !
كيف للشباب ان يحلموا أو يتمتعوا بالزواج والأسرة والبيت الجميل ، يكفيهم الفضاء الأزرق والدعارة الإلكترونية !
كيف لأرضٍ دافعنا عنها بأرواحنا أن نقطنها ، يكفي أن نسير بجانب أسلاكها الشائكة ، فالمندوب السامي لازال بين ظهرانينا !
أليست حياتنا مسرحاً ، الأبطال فيها يقبضون والجماهير تدفع ثمن دموعها ؟
حياتنا أصبحت مسخرة ، لا تكفي كل الكلمات الساخرة للتعبير عن واقعنا الكوميدي الأسود .
فلسطين – غزة
15/9/2021
التعليقات مغلقة.