قهوة المساء : الماركة المستوردة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
قهوة المساء : الماركة المستوردة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
قد يُخيل للقاريء لأول وهلة أنني أقصد ملبساً او مشرباً أو مطعما فقط .
الحقيقة أن الماركة التي نستوردها أقل جودة بكثير من منتجنا الوطني ، فنحن نستورد الهمالة .
تركنا كل جميلٍ فينا لنستورد أسوأ ما أنتجته البشرية من حضارة زائفة لا علاقة لها بالتاريخ أو الجغرافيا أو الأدب أو الأخلاق .
هذا حال معظم شبابنا ، لو سألتهم عن أعلام العرب وأرباب الثقافة وقادة العلم والمعرفة وجهابذة النِزال وشعراء الأمة ، لقلَّما وجدت من يعرف عن ذلك شيئا .
جيلٌ يحفظ ولا يقرأ ، تعنيه السرعة والحركة ولا يعنيه التذوق والفن
انها ليست فقط حرب عقول وإنما حرب قلوب ، فما ان تموت القلوب يموت معها كل جميل ، ويتلاشى الحب ويتبخر الأمل .
( إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي هي في الصدور )
نعم ، صدَّرنا للعالم كل ما لدينا من مقومات الحياة والمروءة والنماذج المضيئة وأفرغنا سُنبُلَنا من حَبِّه ،فاضحى فارغاً وأمسينا فارغين الوفاض لا نمتلك من ميراث حضارتنا درهماً ولا دينارا .
لاهيةٌ قلوبنا وأبصارنا ، لا ننتج للعالم جديدا ، ولكن نجرِّب ما ينتجه العالم ، وكأننا فئران تجاربهم .
ألا تعلمون أن لحمنا ثمين وقلوبنا ثمينة وعقولنا ثمينة وسواعدنا متينة .
لا يستطيعون كشف عوراتنا ، ولكننا كشفناها بإرادتنا الملجمة بلجام مكرهم .
لا يستطيعون نزع الحب من قلوبنا ، فتنازعنا بخبثهم واصبحنا بمكرهم اعداءً .
لا يستطيعون قفل عقولنا ، فعلموا حكامنا كيف يغلقونها علينا بكثرة حاجاتنا وضيق حالنا ، حتى فَشت الامراض وانتشرت الفوضى وعم الفقر وطار العقل .
لا يستطيعون بتر سواعدنا ، فكبلناها بقيود حمقنا وامتلأت السجون بزهرة شبابنا وعِلْيَة قومنا .
إننا نُساق كما الأنعام ، تُرعى لتسمن ، ثم إلى الذبح مآلها .
فاختر لنفسك على أيُّ الموائد تكون !
فلسطين – غزة
28/8/2021
التعليقات مغلقة.