قهوة المساء : الميثاق الغليظ بقلم الأستاذ داوود الاسطل
الزواج هو ذلك العقد المهم بل الأهم في حياة الإنسان ، وهو أساس بناء الأسرة التي هي أساس المجتمع ، فإن كان بناءً متيناً ، زاد تماسك الأسرة وزادت صلابة المجتمع .
والزواج يمر بأربعة مراحل رئيسية :
المرحلة الأولى : مرحلة الخطوبة
مرحلة الخطوبة هي تلك الفترة التي يقضيها الخطيبان – بعقد – قبل الدخول ، وهي فترة للتعارف والتأسيس وليس للكذب والتدليس ، ومن هذا المنطلق ينبغي أن يتعارف الخطيبان على طباع بعضهما البعض ، من حيث المأكل والمشرب والملبس والعادات والتقاليد ، والسلوكيات العامة ، والأمور التي يحبونها أو تلك التي يبغضونها ، ومن الممكن الملاطفة الصادقة والكلام الجميل وتبادل الهدايا البسيطة بهدف كسب القلوب وليس اغرائها .
من المهم جدا في هذه المرحلة الابتعاد عن الأوهام والخيال وتجنب الكذب ، فالخطيبان لن يعيشوا في كوكب المريخ أو بمعزل عن العالم .
المرحلة الثانية : مرحلة التكيف
هذه المرحلة هي مرحلة التأسيس الفعلي الأول ( الدخول ) ، وهنا ينتقل كلٌ من الخطيبان الى مسكن الزوجية الفعلي وتُقفل عليهما شقتهما ، كملكٍ وملكة يعتليان عرش عشهما الصغير ، فتبدأ مرحلة التعرف الحقيقي على الطباع ، وخصوصاً تلك التي كانت مخبأة في فترة الخطوبة .
وأول تحديات هذه المرحلة هم تدخلات أهل الزوجين ، وإن صح القول فهو الحرص الزائد من الأهل أو الاهتمام الزائد أو الغيرة ، وأهل الزوجين هم المقربون من كلا الزوجين ، كالأب والأم والإخوة والأخوات والأقارب .
ونصيحتي لأهل الزوجين وأقاربهم ، اتركوهم يعيشوا حياتهم بأنفسهم ولا تحرموهم من النصيحة فقط التي تزيد بينهما المودة والرحمة وتبعث في نفسيهما السكينة والطمأنينة ، فإن لهما حياتهما الخاصة التي لا تشبه حياتكم البتة ، كونوا سياجاً آمناً لهما ولا تكونوا أغلالاً تصفدون أحلامهما .
المرحلة الثالثة : مرحلة التأسيس
عندما يستقر الأمر بالزوجين ويبدأون فعلياً بتكوين الأسرة ، وينجبوا الأبناء ، تبدأ الطباع الحقيقية تطفو على السطح ، وتبدأ الضغوطات النفسية التي ترافق تطور الأسرة ، ويقل الإهتمام الشخصي بالمظهر والمخبر ، ونصيحتي لكلا الزوجين ، انه لا أحد منكما كاملا ، فإن كان لديكما من الخلق الحسن ما تسعدون به نفسيكما ، فإنه لا يخلو أحدكما من الطباع السيئة التي تنغص صفوكما .
فلا تتوقع أيها الزوج الحبيب أن تبقى زوجتك بكامل رشاقتها أو تمام عقلها او تعيش حياة المجاملة المستمرة .
وأنتي أيتها الزوجة الجميلة ، لا تنزعجي من شخيره بعد يوم طويل من التعب والكد ، لا تنزعجي لو قَلَّ كلامه الجميل أو نسي عطره ، أو جفَّ مداد حرفه الذي طالما أشبعكِ غزلاً .
هذه المرحلة تتطلب اللين والرفق من كلا الزوجين ، وخصوصاً الزوج .
أيها الزوج الكريم :
( كن صبوراً مطيعاً ، هادئاً ، ضحوكاً ، متعاوناً ، مشاركاً ، شاعراً ، طبيباً ، معلماً ، أديباً ، حليماً ، حكيما )
أيتها الزوجة الكريمة :
( كوني مهذبة ، أنيقة ، جميلة ، مبتسمة ، هادئة ، صبورة ، حالمة ، مدبرة )
المرحلة الرابعة : مرحلة الاستقرار
هذه المرحلة تكبر فيها الأسرة وتتجذر ويبدأ جني ثمار العلاقة الزوجية ، فإن كان الغراس طيباً ، كان أطيب الثمر ، أبناءٌ وأحفادٌ تزهو بوجودهم الحياة .
وهنا يكون الزوجان حضناً دافئاً وسنداً لأبنائهم نحو تأسيس أُسرٍ جديدة تكون أساساً لمجتمعٍ حضاري متميز بين الأمم .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
18/2/2022
التعليقات مغلقة.