قهوة المساء : المُعَلَّقة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
قهوة المساء : المُعَلَّقة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
يقال للمرأة التي يهملها زوجها دون طلاق أو واجبات زوجية ( معلقة )
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن هذا الفعل الشنيع الذي يؤدي الى تفسخ النسيج الاجتماعي ويثير البغضاء والأحقاد وقد يؤدي أيضاً الى انتشار الفاحشة وتفشي الرذيلة .
ولكن هل هذا المصطلح ينطبق فقط على المرأة المهملة والرجل الظالم لأهله ؟
أم أنه يتعدى الى ما هو أشمل من ذلك ؟
باعتقادي أن ذلك مثالا لتسليط الضوء على مجموعة من القضايا الحياتية المعلقة والتي يعاني أصحابها أشدَّ أشكال الإهمال والتعنيف
ومن تلك القضايا المعلقة :
اولاً : القرارات الظالمة
الآلاف من الموظفين الذين يعانون من التقاعد المبكر القسري ، تُركت أمورهم معلقة ، لا هم على رأس عملهم ولا هم متقاعدون يتمتعون بكامل حقوقهم ، ليس لهم أي ذنبٍ الا أنهم متمسكون بشرعيتهم ، ملتزمون بأوامر قيادتهم ، فلماذا هذا الإجحاف الذي تجاهل التأثيرات السلبية مادياً ومعنويا لهذه الفئة من النسيج المجتمعي .
ثانياً : الحاجات الضرورية لحياة الناس
الناس يتصارعون مع الزمن ومع الواقع المرير لتوفير لقمة عيشهم والحفاظ على كرامتهم ، يسعون بلا فائدة ، يرون السراب يحسبونه ماءً ، تملؤ عيونهم الحيرة ، يتساءلون ، اين حقنا في المأكل والمشرب والملبس والعمل والتعبير والتنقل والعلاج والدراسة….؟
إنهم كالمعلقة ، لا حاكم ينصفهم ، ولا مجتمع يرحمهم ، حيارى ، يقلبون أبصارهم في السماء ، فهل يدرك المسؤولون تقلب وجوههم ؟ لا تحسبن رقصهم طرباً ، فالطير يرقص من الذبح ألما .
ثالثاً : الحاجات العاطفية
لكل انسانٍ حاجاته العاطفية ، ذكراً كان أم أنثى ، وهو بحاجة ماسة الى اشباع غريزته من الاهتمام والعناية والعطف والحنان وتبادل مشاعر الحب ….
وتلك الحاجيات الغريزية لها مقدار في التوازن المتبادل ، وميزانها أدق من موازين الذهب ، لأهميتها ، فأي اختلال فيها يعني اختلال في العلاقات يؤدي الى البحث عن التوازن في غير محلها المشروع .
ان كنت تحتاج الى الاهتمام فلا تكن أنانيا وتبادله مع شريكك .
ان كنت تحتاج العناية فلا تكن وقحاً حدَّ العبودية والاستغلال .
ان كنت تحتاج العطف فبادله بالثناء .
ان كنت تحتاج الحنان واللطف فبادله بالرقة والبذل .
ان كنت تحتاج الحب فبادله بالعطاء والإيثار .
ان كنت تحتاج اشباع رغبتك فاعلم ان شريكك يحتاجها مثلك تماما فلا تكن انانيا واوصل شريكك الى ما ترغب الوصول اليه .
جميعنا يحتاج الى الكلمة الحلوة والاخلاق الجميلة والمجاملة اللطيفة والاهتمام والرعاية ، فلتكن بيننا متبادلة ، ولا نظلم انفسنا أو نظلم شركائنا .
إن كنت سيداً ، فهذا ما تراه أنت في نفسك او ما أتاحته لك الظروف من حولك ، ولكن اعلم أن كل الناس أسياد أنفسهم وهم مؤهلون لأن يكونوا مكانك يوماً ما ، فلا تغرنك قوتك ولا جمالك ولا مالك ، ولا يغرنك بالله الغرور ، فسرعان ما يتبرأ منك بعدما تغوص في وحل ظلمك ولا تذروا الأمور معلقة .
فلسطين – غزة
24/8/2021
التعليقات مغلقة.