قهوة_المساء : جراحٌ على ظهر عذراء بقلم داود الأسطل
كانت تقضي ليلتها بالقرب من شرفة غرفتها المظلمة ، ترقب ظله القمري ، أو تشتم رائحة عطره ، لتعلم أنه مر من أمام أطلالها ، تحاول أن تقرأ أبياته الشعرية من موسيقى خطواته المتعبة ، كل يومٍ تنتظره .
إنه يعشقها ، يلف على ذراعيه وشاحها ، ووجهه الممزوج بزيت البندقية ترتسم عليه خارطة عشقه ، والرأس المعصوب بعصبة الإنتماء ، يعلو قامة عاشقٍ أرهقته نظرات الحنين .
تمر السنون وتتحطم النوافذ وترهقه الأيام وينحني ظهره من شدة الحمل ، والمعشوقة لازالت عذراء تنتظر ، رغم كل محاولات الإغراء ، والإقصاء ، والمجون ، زهراء يافعةٌ تنتظر فارسها المترجل بعد عناء الحرمان الطويل .
كيف لا وقد طُرِدَ من البيت ، لأنه يجلب النحس ، أم أن أخوه مُحَرِّض ، أم أنه يتيم الأب ، يترنح بين عشقه والواقع الأليم .
يحلم بالوطن الجميل ، والبيت الجميل والفاتنة التي انتظرته طويلا .
وفجأة يقرأ على صفحات الأصدقاء عن الحلم الضائع ، والقرارات ، والتصريحات ، وضجة كبيرة ، كبيرة ، ومن خلف الصورة المغطاةٌ لبشاعة المنظر ، رأى ظهر العذراء ممزقٌ ، فخارت قواه ، واغرورقت عيناه على وطنٍ أصبح أشلاء وأخوة أصبحوا أعداء وأملٌ يُكتبُ على ضروح الشـהــداء .
ولا زال ينتظر اللقاء .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
11/7/2021
التعليقات مغلقة.