قهوة المساء : فوق قبة البرلمان بقلم الأستاذ داوود الاسطل
أخي جاوز الظالمون المدى ..
لم يكن شاعر الجندول المهندس المصري علي محمود طه يعلم أن الظالمين الجدد سيكونون أكثر ضراوة من الظالمين الذين قصدهم ، ولم يعلم عبدالوهاب أن رائعته التي أشعل بها العروبة أصبحت تعبر عن الظلم الذي يعاني منه الملايين من بني جلدتهم .
إن منظر المواطنين اليوم وهم بعشرات الألوف امام مكاتب الغرف التجارية في قطاع غزة ، وكذلك منظر الموظفين المسلوبة حقوقهم أمام هيئات القضاء أو غيرها من المؤسسات الحقوقية ، يثير الإشمئزاز ، ويعكس الحالة المعيشية السيئة التي يعيشها السكان في قطاع غزة الذي يعاني الحصار من كل حدب وصوب .
نتغنى بالتحرير ولا نستطيع التنفس ونحن في سجن كبير مساحته 360 كم مربع ، لا نستطيع أن نُصَرِّف ( بولنا ) فيه – اكرمكم الله – وفوق ذلك ، يُجبر الناس اذلالا أن يزدحمون ويتلاصقون في طوابير للحصول على فرصة تسجيل وليست فرصة عمل ، علما بأن الوسائل الإلكترونية متاحة ، خاصة واننا نواجه جائحة كورونا بصدورنا العارية .
المواطن البائس المعتر ، كان ينشد قصيدة طه بعنفوان المحارب ، واليوم ينظر الى القادة الكبار وهم يتنعمون في مكتسبات الشعب يميناً ويساراً ويلتقطون الصور التذكارية للصداقة الحميمية وأصناف طعام الأجاويد ملقاة على موائدهم الذهبية ، يقتسمون آلامنا ويقضمونها بسكاكينهم الفضية وملاعق إفكهم .
العمال يتسابقون ويعلو بعضهم بعضا ، علَّ أحدهم يظفر بتصريحٍ يفتح به مصباح علاء الدين ليطير محلقا نحو الأمل المنشود على بوابات الاحتلال ، علما بأن الفرصة إن تحققت فهي فقط ل 0.5% من نسبة العاطلين عن العمل .
لقد تعطل برلماننا احدى عشر عاما ، وأصبح قادة الفصائل فوق قبة البرلمان ، اي انهم فوق هامات الشعب ، والكل يدَّعي الشرف والأمانة والدفاع عن حقوق الناس ، والناس تسمع جرشا ولا ترى طحينا .
أخي جاوز الظالمون المدى
سامحني شاعرنا الحبيب ، فلن تخرج سيوفنا من غمدها لأننا جوعى وحمقى .
فلسطين – غزة
6/10/2021
التعليقات مغلقة.